كتب الأستاذ عبدالله بن بخيت في عدد الجزيرة 11076 وتاريخ 22 من ذي القعدة 1423ه موضوعاً في زاويته يارا كان بعنوان العنصرية ضد الخادمات.. تناول فيه الأستاذ عبدالله الخادمات وما يتعرضن له من امتهان ممن يعملن لديهم.. وكذلك ما يكتب عنهن في هذه العزيزة من جور وبهتان وظلم و مغالطات للكثير من الحقائق.. وفي البدء أشيد جداً بما كتبه الأستاذ عبدالله في موضوعه والذي تفوح منه رائحة الإنسانية العظيمة ومبدأ العدالة الإسلامية والدينية التي يتمتع بها أخي عبدالله بن بخيت ولو لم يكن في مقال الأستاذ ابن بخيت إلا هذه الفكرة لكفته فخراً وإنسانية.. لكن يؤخذ على الأستاذ ابن بخيت أنه كتب لفظ عنصرية في عنوان موضوعه والأستاذ عبدالله يعرف ما تمثله هذه الكلمة من حساسية في حياتنا بمختلف أوجهها ومن هنا قد يغضب عليه البعض ويفسر ما كتبه بتفسيرات أخرى لا تمت للواقع بصلة ويكون للأخ ابن بخيت هو بالتأكيد في غنى عنها خصوصا وأن كتابات الأستاذ عبدالله دائماً تحت المجهر لما لها من صدى طيب لدى الكثير من القراء.. ولكن يا أستاذي عبدالله أن تعرف دائماً أن كلمة الحق كبيرة ويغص بها الحلق في الوقت نفسه تكشف الكثير من الأقنعة المزورة للكثير من الناس ولذلك هم لا يريدونها لأنها تعريهم أمام أنفسهم وتكشف المستور.. وكنت أتمنى من الكاتب الفاضل أن يستبدل كلمة عنصرية القاسية على الكثير بكلمة تكون سهلة على النفس البشرية ووقعها غير مستفز للقارئ كأن يقول مثلاً القسوة أو ا لشدة أو التحامل أو غير ذلك من الألفاظ التي بالتأكيد ستؤدي نفس المعنى أو الهدف والفكرة التي يريد الأستاذ أن يوصلها خاصة وأنه سيتناولها بشيء من التفصيل في معرض موضوعه.. في نفس الوقت ستكون أخف وأقل حدة على ردة فعل القارئ.. أعود لموضوعنا الأساس وأتفق تماماً مع كل ما كتبه الأستاذ عبدالله حول الخادمات واضطهادهن والقسوة عليهن بل وضربهن ضرباً مبرحاً في كثير من الأحيان وقد يصل الأمر ببعضهن إلى تشويههن وإيجاد عاهات مستديمة بهن قد تخلف آثاراً جسدية ونفسية لا يمحوها الزمن وربما تجعل تلك الخادمة المغلوبة على أمرها فريسة للأمراض النفسية التي لا تحمد عقباها.. الغريب في الموضوع فعلاً أننا دائماً ما نسمع ونقرأ وبكثرة عن مشاكل الخادمات في المنازل وسلوكهن المشين وتصرفاتهن السيئة سواء مع ربة البيت أو الزوج والأطفال والذين غالباً ما يقولون بأنهم الضحية لأنهم لا حول لهم ولا قوة ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بينما لم نسمع أن خادمة اشتكت مما تتعرض له في منزل كفيلها ومن الجميع دون استثناء بداية بربة البيت والزوج ونهاية بالمراهق والطفل من إهانات وتحقير وضرب وتشوية وحرق وسجن وحرمان حتى من أبسط الحقوق الإنسانية التي كفلها لها الدين الإسلامي الحنيف حتى وإن كانت لا تدين بالإسلام.. فكرامة الإنسان ومهمته فوق كل اعتبار.. ولا أدري لماذا لا تظهر تلك الأشياء على السطح ربما لأننا لا نحب إظهار عيوبنا ولا نحبذ أن يتعرف الناس على الوجه الآخر لنا ونريد أن نبين للناس بأننا أناس لا نخطئ ولا يأتي منا التقصير. نحب الخير فقط لأنفسنا والراحة لأجسادنا فقط وبأننا بالتأكيد فوق الشبهات.. وهذا غير صحيح على الإطلاق فكل بني آدم خطاء وكلنا مقصرون وكلنا لدينا من الذنوب ما تنوء به العصبة ولكنه العناد والمكابرة وخداع النفس والكذب عليها على المكشوف.. فهل يعقل أن كل هذه الأعداد الكبيرة من الخادمات تأتي معززة مكرمة وتذهب أكثر معزة وتكريماً ولم يتعرضن يوماً لمختلف الإهانات والإيذاءات النفسية والجسدية الكثيرة وربما بصفة يومية.. يا سادة: الخادمة لديها مشاعر وأحاسيس مثلنا تماماً والخادمة لها كرامة تحب أن تصان مثلنا نحن والخادمة لديها رغبات واحتياجات تريد أن تلبى كما نحن تماماً.. الخادمة إنسانة تركت أهلها وأسرتها وعشيرتها وزوجها وأطفالها وفي المقام الأول تركت وطنها الذي يعز عليها وكل منا يعرف مرارة الغربة عن الأهل والوطن. تأتي الخادمة إلى هذه الأرض المباركة وهي تحلم بعيشة هانئة وهادئة وبرزق حلال تستطيع أن تسد به رمق من أرسلها إلى هنا وتحمل بعدها وفراقها عنه في سبيل تلك الحاجة ولكنها تفاجأ بسوء معاملة وإهانة وضرب وتقريع وتوبيخ على كل صغيرة وكبيرة ومن الجميع وعلى رأسهم ربة المنزل.. بصراحة لا أعتقد أن إنساناً يعامل بكل ود واحترام وتقدير وإنسانية وقبل ذلك بما يمليه علينا ديننا الإسلامي من مبادئ رائعة في معاملة الغير مهما كان وبعد ذلك لا يسرق أو أن يقتل أو يخون أو يعض اليد التي امتدت إليه بكل هذا الحب والعطف والحنان إلا فئة قليلة من البشر لا يعتد بهم وهؤلاء شواذ عن القاعدة وهم بالتأكيد مرضى «أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم» هل من شك في ذلك؟.. عزيزتي ربة البيت بالله عليك ماذا تتوقعين من إنسانة تجهد طوال اليوم ولا تعطى حقها كاملاً؟ ماذا تتوقعين من إنسانة ترقد في مخزن الأغذية أو في غرفة درجة حرارتها تفوق الأربعين دون تكييف؟ ماذا تتوقعين من عاملة يتأخر عليها راتبها بالأشهر دون عذر أو مبررات مقبولة؟ وأخيراً ماذا تتوقعين من إنسانة جرحت كرامتها وكسرت نفسها وسلبت مشاعرها وحطمت معنوياتها وربما حملت في أحشائها طفلا لا يُعرف مصيره من رجل ناضج مدرك قادته نزوة ورغبة شيطانية أو من مراهق لا يقدر المسؤولية ولا يحسب النتائج.. هل تتوقعين بعد كل هذا أن تقبل تلك اليد التي صفعتها؟ أو تريدينها أن تعطي تلك الإنسان التي حرمتها؟ أم أنها سوف تخلص لتلك المرأة التي كذبت عليها وغدرت بها.. أم تراها تصدق مع تلك المرأة التي تكيل لها كل يوم السباب والشتائم والإهانات لا.. وألف لا لن يحدث ذلك وإن طالبتِ به عزيزتي ربة المنزل بعد كل هذا فأنت بالتأكيد تطلبين المستحيل.. عاملي خادمتك بما تحبين أن يعاملك به الآخرون وسترين النتيجة والفرق.. تذكري بأن المعاملة السيئة سلف ودين مردودة إليك يوماً وربما ذهب ضحيتها أطفالك فلذات كبدك.. إعلمي بأنك أنت الواجهة المشرقة لوطنك وكل نساء وطنك.. ارسمي صورة للتعامل الإنساني والديني بمنتهى الروعة فربما استطعت أن تميلي قلوب غير المسلمات إلى اعتناق الدين الإسلامي وسيكون لك الأجر العظيم «لأن يهدي بك الله أحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس» وهل حاولت أن تكوني قدوة في الصبر والحلم والأناة والتسامح.. أتمنى ذلك.. عبدالرحمن عقيل حمود المساوي أخصائي اجتماعي