عندما يحل الموت على من تحب فالخطب جلل والمصيبة عظيمة.. ولكن عندما ينزل الموت على عالم جليل وشيخ فاضل فالمصيبة أشد وأنكى.. الكل منا يعلم أن موت العلماء ثلمة في جدار الزمن لن تمحى ولن تزول ولكن ماذا عسانا فاعلون. هي الدنيا تقول بملء فيها حذار حذار من بطشي وفتكي إن ساعة الموت ساعة موقظة للضمير محركة للمشاعر مثيرة للاحاسيس، فما نحن نواجه هذا النبأ بعيون جادت ببكائها ولم تبخل علينا بشيء.. نعلم أن البكاء لن يجدي ونُقرُّ بأن الحزن لن يفيد ولكن تعتبرهما سلاحين للتعبير عما تكنه الصدور وتضمره القلوب.. ها هو شيخنا يترجل ويتركنا تزيد الهموم غموما والأحزان أتراحاً.. لم تفتأ مآقينا أن تجف بموت ابن بازٍ وابن عثيمين والألباني إلا وينكأ الجرح الغائر دويٌ من صوت فاجعة إيذانا برحيل عالمنا المبجل.. إن لكل محسن في هذه الحياة الدنيا ثمرة دانية القطاف يقطفها حينما يتحقق قول ابن حنبل رحمه الله «موعدكم يوم الجنائز» وإن لكل إنسان في هذا الكون بصمة في دنياه فمن أحسن فلنفسه ومن أساء فعليها.. وها هو شيخنا قد رحل ولكن لم ترحل كتبه وستظل باقية إن شاء الله حتى يرث الله الأرض ومن عليها. وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه عزاؤنا في موتك يا ابن بسام، أن الخليقة كلهم صائرون إلى ما صاروا إليه.. عزاؤنا عند الممات رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: لو كانت الدنيا تدوم لواحد لكان رسول الله حياً مخلدا ولكن هيهات البقاء.. فهذا طريق كلنا سائرون فيه.. وكلنا مسافرون.. ولكن العبرة بمن يصل سالما آمنا يا آل بسام.. صلوا على سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.. ولتكن قلوبكم راضية فإن الدنيا فانية.. لن تفتأ ألستنا بالدعاء لشيخنا رحمه الله ولن نيأس الإجابة فالله ذو رحمة واسعة. يا شيخنا في أمان الله يجمعنا ربي بجناته أكرم بها دارا