كان خبر وفاة والدتي، أمي الغالية: زَهْوة بنت محمد بن إبراهيم المشاري كصاعقة هزّت كياني هزّاً وجعلتني أُذْهل من هولِ الخبر ولكنّ الله قال في كتابه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (35) - سورة الأنبياء. فسبحان من له الدوام ولنا الفناء. اللهمّ اجعل قبر والدتي روضةً من رياض الجنة. يا حيّ يا قيوم. فقد كانت صابرة على البلاء، حامدة للنّعماء. قيّض الله لها أُناساً يشهدون لها بكل خير ولله الحمد. شهِدت بذلك الجموع الغفيرة التي خرجت لتشييع جثمانها، والوفود الكثيرة التي أتت للمواساة وتقديم العزاء من رجالٍ ونساء. فكان ذلك دليلاً ولله الحمد على السُّمعة الحسنة والسيرة الطيّبة التي كانت تتعامل بها مع الناس صغيرهم وكبيرهم دون تفرِقة. اللهمّ أعِنّا على فِراق إنسانة عزيزة لطالما ملأت بيتنا نوراً بابتسامتها وحنانها وعطفها وكرمها ورحمتها وجودِها وفيض عطائها ودوام استقبالها للناس وترحيبها بهم بكل صدقٍ وتواضعٍ واحتساب. ها هي فارقت الدنيا وتركت فينا ثُلمة لا تُسد. رحمها الله رحمةً واسعة وأسكنها فسيح جناته. كانت صبورةً على الأمراض، شديدة التحمّل لما يجري عليها من آلام. ولكن الله أرحم بها منا فقد قدِمت على ربٍ رحيمٍ رحمن. نسأله لها الفردوس الأعلى من الجنة - آمين - ومهما كتبت عن (أمي) فلن أوفيها حقها. كانت رمزاً للكرم والجود والرحمة والإنسانية والصِّلة والتواصل. أثّرت وفاتها في البعيدين فضلاً عن القريبين. ها هو البيت من بعدها صار فارغاً من نورهِ المشع. كيف لا وقد خيّم الحزن علينا جميعاً وهالنا من وقْع المصيبة ما هالنا!.. ولكن هذه هيَ سنة الحياة فهي دار عبور.