الحمد لله لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه وهو على كل شيء قدير، و{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}، وإن على فراق شيخنا العالم الفقيه الشيخ عبدالله البسام لمحزونون، غفر الله له، ورفع درجته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأعظمه .. وبعد: فقد يسر الله ومنّ عليّ بالدراسة والتتلمذ على الشيخ البسام رحمه الله إبان المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية بمكة، وكان شيخنا الجليل الشيخ عمر السبيل رحمه الله يثني على الشيخ عبدالله وينصح بالدراسة عليه والاستفادة منه، فلازمت دروس الشيخ عبدالله البسام رحمه الله في الحرم، فوجدت منه السماحة والحب والتشجيع، فكنت إذا انتهى الدرس في المسجد الحرام ذهبت وبعض الزملاء مع الشيخ في سيارته وكان رحمه الله يوصلنا إلى السكن في طريقه إلى منزله، وكنا نقرأ عليه بعض المتون الصغيرة كمنظومة القواعد لشيخه الشيخ ابن سعدي رحمه الله ومنظومة السفاريني في العقيدة، وكان الشيخ يشرح ويعلق ويجيب على الإشكالات، ومن صور حرصه على تلاميذه انه كان يوزع عليهم ما يطبع من مؤلفاته مثل تيسير العلام، وتوضيح الأحكام ونيل المآرب، ومن مناقبه تواضعه رحمه الله وحبه للفائدة ولو كانت من صغار تلاميذه، أذكر أن أحد الزملاء ذكر له كتاباً في الفقه يسأله عنه فلم يعرفه الشيخ رحمه الله فأخبره هذا الطالب به وأحضره معه في اليوم التالي فأخذه الشيخ وفرح به وشكره على هذه الفائدة، وأعطاه أن يشتري له نسخة منه، وأذكر مرة أننا خرجنا مع الشيخ رحمه الله بعد درس المسجد الحرام فجاءه بعض الناس وأخذوه معهم، فرفض رحمه الله أن نذهب في سيارات الأجرة، وأمر سائقه أن يوصلنا إلى السكن ثم يرجع إليه، ومناقبه وأخباره كثيرة. وفي الختام، الشيخ مات ولكن آثاره لم تمت، بالعلم يحيا المرء طول حياته .. وإذا انقضى أحياه حسن ثنائه فها هو كتابه تيسير العلام مقرر في المعاهد ودور العلم وبعض الكليات الشرعية، بل ترجم إلى بعض اللغات، وهكذا فلتكن الهمة فهي طريق إلى القمة، ومن كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة، وهذا ما سنح به الخاطر في هذه العجالة في ألم الفاجعة، اللهم أغفر لشيخنا وارفع درجته وارض عنه ونور له قبره وافسح له فيه واغفر لجميع علمائنا ومشايخنا ولجميع المسلمين، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. (*) أحد تلاميذه كلية الشريعة، مكة