نسمع في الآونة الاخيرة الكثير من الاخبار والتقارير والتعليقات حول حقوق الانسان، وانسانية الانسان، وذلك في ظل ما يسمى بالعولمة او النظام العالمي الجديد، وكثيرا ما نرى اصابع الاتهام، وهي تشير الى الاسلام على انه عدو لحقوق الانسان، لا بل تشير اليه على انه سالب لتلك الحقوق، وان منظمات حقوق الانسان العالمية وجدت لتخلص تلك الحقوق، وتعيدها الى اصحابها. الامر يحتاج لتوضيح بدون تعصب ولا تشنج وبشكل موضوعي لا مجال للعواطف فيه. الاسلام هو النهج الرباني الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده في كل زمان ومكان، وهو السبيل الذي بواسطته ينال الانسان السعادة في الدنيا والآخرة هذا ما نعرفه نحن، ولكن ربما يكون ذلك غائبا، او مغيباً عن ذهن الانسان الغربي، او حتى الشرقي في عالم اليوم ان الله سبحانه قد شرع الاسلام، وجعله الدين الحنيف الذي يتماشى مع الفطرة السليمة ويحقق للانسان السعادة، اما ما حاد عن الفطرة فمصيره الى الهلاك والزوال، ولا يتماشى مع قوانين الديمومة، والامثلة على ذلك كثيرة فلقد اتت الانظمة الاقتصادية العديدة وعلى رأسها النظام الذي اسموه بالاشتراكي او الشيوعي وما هي الا سنون حتى خرت قواعده وهوت أسسه في طرفة عين لانه لا يتماشى مع الفطرة، ومثال آخر في عالم الانحلال الذي يتباهى به العلمانيون والديمقراطيون حيث اباحوا الزواج بين الذكر والذكر وبين الانثى والانثى وصاغوا القوانين التي تجعل من اللواطة عملا متميزاً وجيداً وما هي الا سنوات حتى ثبت بالدليل القاطع ارتباط الامراض الجنسية وفي مقدمتها الايدز باللواط والشذوذ الجنسي، فبدأ الناس هناك يتداعون من اجل سن القوانين التي تحد من تلك الظاهرة الشاذة والغريبة عن فطرة الانسان، مثال آخر يقودنا الى عالم الحرية الشخصية التي أرادوا ان يوصلوها لحالة عديمة الحدود وفضفاضة أدت لجرائم لا حصر لها وحالات اغتصاب، واعتداء على بنيان الاسرة وتمرد الابناء على الآباء، ولو ادى لدمار الابناء ووصولهم لحالة الادمان والمخدرات وعالم الجريمة. ومما لاشك فيه ان الامر لن يدوم لانه يتعاكس مع فطرة الانسان ومع سعادة الانسان وحتى مع حياة الانسان. مثال آخر وليس اخيرا هو ما يتبجحون به من حرية معتقدات وافكار ومساواة وعدالة، وكلها اما ادت لحالات من الضلالات والشذوذ والجماعات الغريبة والتفكيرات التي لا يقبلها عقل، او انها اوصلت لحالة من الازدواجية ينظر به لفئة معينة بمكيال ومعيار لا تعامل به فئة اخرى، واكبر دليل على ذلك نظرة الغرب الى العرب والاسلام والمسلمين تلك النظرة الدونية والظالمة التي لا تتماشى مع ادنى حقوق الانسان. ورغم كل ذلك نراهم يصورون انفسهم حماة لحقوق الانسان ودعاة لحمايتها ويوجهون الاتهامات الباطلة لنا على الدوام. منذ مدة عرضت احدى القنوات الفضائية لقاء بين طرفين متعاكسين احدهما يمثل حقوق الانسان الاسلامية وآخر يمثل حقوق الانسان الغربية وكان واضحا وبدون اي انحياز قوة حجة الشخص المسلم وفكره ورأيه في تلك المقابلة، وكان واضحا بالمقابل ضعف ووهن ذلك العربي الذي حنى ظهره للغرباء ليركبوه ويسوقوا افكارهم عبره، ولو كانت افكارا شاذة وغريبة، المذهل في الامر ان ذلك المدافع عن حقوق الانسان كان يحاول ان يستند الى آيات قرآنية، وهو لا يعرف عن تلك الآيات والسور شيئا لا بل انه في احدى مقولاته استشهد بسورة (الزمر) وضحك عليه الحضور في المقابلة وقال له الشيخ الفاضل: انها سورة (الزمر) ياسيد انظر شخصا حتى لا يعرف اسم السورة وهو يجادل ويتهم الاسلام ويظلمه! الاسلام جاء متوافقا مع فطرة الانسان التي يعرفها خالقها أكثر مما يعرفها اي انسان يحاول ان ينظر، ويجادل ويكتب، ويضع القوانين التي يريدها ان تحكم البشر وفق هواه. في الاسلام هناك حقوق وواجبات على كل انسان من الصغير الى الكبير، ومن الرجل الى المرأة ومن الحاكم الى المحكوم، وكلها تصب في النهاية في سبيل مصلحة الفرد والمجتمع والامة في الدنيا والآخرة، وتكون محصلتها السعادة بمعناها الحقيقي، لقد عرف الاسلام مقدرات كل انسان فالمسيء او المجرم او الذي يعتدي على الآخرين فله العقاب الرادع، ان البلاد التي تطبق الشريعة الاسلامية الصحيحة وتمثلها خير تمثيل المملكة العربية السعودية لهي خير دليل على تلك السعادة، فالجريمة لدينا بأدنى حدودها والامن والامان منتشران ولله الحمد في ربوعنا ويحسدنا العالم عليهما. إن من يريد ان يعرف الحقوق التي اعطاها الاسلام للانسان عليه ان يرجع لجوهر الاسلام ويرى وسيرى اروع صورة لحقوق الانسان عرفتها البشرية تلك الصورة هي التي كانت وراء النهضة العظيمة والعصر الذهبي الذي عاشته الامة، ومعها العالم بعد ظهور الاسلام والتي على اكتافها يعيش العالم نهضته المعاصرة. إن مما يستحق الذكر وبالكثير من التقدير والاحترام تلك الدعوة التي وجهتها رابطة العالم الاسلامي لتفعيل تعريف الغرب بالاسلام وبحقوق الانسان في الاسلام وذلك عبر ندوة مباركة ستقام اليوم في العاصمة الايطالية روما وستشارك فيها المراكز الثقافية الاسلامية التي تشرف عليها الرابطة وهذا تحقيق لدور عظيم يجب ان تضطلع به تلك المراكز والمنظمات، فهي ليست اماكن للعبادة ولتعليم القرآن الكريم فقط رغم اهمية وروعة ذلك ولكنها منابر لتعريف الناس كل الناس بالحقيقة وبجوهر الاسلام وبسماحة الاسلام وعدالة الاسلام. إن مما لاشك فيه ان جميع المنظمات والجمعيات الاسلامية والدول المعنية بالامر ستقدم إسهاماتها بشكل يتناسب مع اهمية وخطورة الموضوع المثار وستكون مشاركة المملكة العربية السعودية متميزة وفريدة لكونها البلاد التي احتضنت الاسلام والدعوة الاسلامية وستبقى كذلك الى يوم القيامة ان شاء الله، وليس غريبا عليها احتضان كل الدعوات التي تساهم في نصرة الاسلام والمسلمين والذود عنهم في وجه الدعوات الظالمة. حقوق الانسان صانها الاسلام وحماها بقوانين إلهية لا يستطيع البشر التلاعب بها او التصرف بها حسب أمزجتهم وأهوائهم انها حقوق حفظها لهم رب العباد وسخر من اجل ذلك الكثير من مخلوقاته، وذلك من اجل سعادة الانسان والاسلام هو العنوان الصحيح لحقوق الانسان ومن شاء التأكد فالامر سهل ويسير والله ولي التوفيق.