كما يتغير الناس,, تتغير الأزمان,, والذين يقولون: ان الزمن لا يتغير وإنما الذي يتغير الناس تخونهم بعض فطنتهم,, لأن الناس جنس,, والزمان وقت,, وفي كل وقت يوجد اناس, ولكل وقت أناسه,, ولذلك جاء في الحديث او الاثر لا أدري والمقصود الأطفال أو الابناء من حيث التوجيه والتربية وتلقف الطباع,, جاء هذا النص فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم إذن، فإن لكل أناس زمانا, يخضعون لحوادثه الغيبية ويستسلمون لوقائعه المقدرة, وكل زمان يأتي تبدأ عجلة الحياة في السرعة، ألا ترون ان الاسبوع يمر سريعاً الآن. وكل هذه اشارت اليها الاحاديث، هذه مقدمة اسوقها للوصول الى نقطة مهمة، حول رؤية الناس للرجل ذي الجاه,, او المقام,, او القدرة,, نظرتهم اليه وهو في أوج عزه وقدرته وسلطته، ثم نظرتهم اليه بعد ان يترك ذلك كله,, ويتركه على الصحيح ذلك كله والرجل العسكري الذي يئن في مشيته وخطواته تحت ثقل ما على كتفيه من زخرف هو الآخر يأتي عليه زمان,, يقل بل يتلاشى لمعان ذلك الزخرف ولذلك نجد ان العسكريين هم اشد خلق الله تذمراً ورعباً من شبح التقاعد رغم اتصافهم وهم في أوج قدراتهم بالشجاعة والإقدام وقوة الشخصية، فاذا ما احيل العسكري الى التقاعد فإن بعضهم يميل الى التلاشي والتقوقع. ولقد شاهدنا على الوجه العام كثيراً من اصحاب السلطة بعد التقاعد يهجرهم الناس وينسونهم، وأعتقد ان هذا عدم وفاء من هؤلاء الناس الذين كان هؤلاء المتقاعدون يقدمون لهم المساعدات ويخدمونهم,, لكنه الطبع الانساني الشاذ. لقد خلت مناصب كثيرة من اهلها,, فنسي الناس اهلها في فترة قصيرة، وبدأ الناس يفكرون في الخلف، وهذه طباع متلونة غير مقبولة ولا مستحبة، لكنهم لا ينسون فضل هؤلاء,, وتراهم يثنون عليهم غالبا لكن الحماس لملاقاتهم او زياراتهم قد تلاشى وبرد لان المصلحة لم يعد لها مكان او تأثير. وقد قيل,, يسقط الطير حيث ينتثر الحب,, وتغشى منازل الكرماء,, ومن الغريب ان كثيراً من هؤلاء الذين وصلوا الى مناصب عالية لا يفكرون اثناء تسنمهم لهذه المناصب انهم في يوم من الايام سيتركونها لغيرهم لأنها سنة الحياة، ولذلك فهذا سبب اولي يترسب في قلوب الناس فلا يذكرونهم بعد تقاعدهم او تركهم للمسؤولية. إن طبائع البشر لا تثبت على حال,, فهي تتأثر بما حولها وبمن حولها,, ولذلك فإن الزمن وقت, والناس فيه جنس يتأثرون بالأحداث والوقائع، وفي هذا الوقت يتبدل الناس ويتغيرون,, ويذكر بعضهم بعضا كما ينسى بعضهم بعضاً,, وهي طبيعة الحياة.