الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه الأمين، وعلىآله وصحابته أجمعين، أما بعد: فإنه مما يثلج الصدور، ويبهج الأفئدة، ان تلتقي كل عام ثلة خيرة من ابنائنا وبناتنا، وهم يتنافسون في أعظم ماتنافس، فيه المتنافسون، وأجل ماتسابق فيه المتسابقون: كتاب الله تعالى الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه يحدوهم الفوز بالجائزة السخية التي خصصها صاحب السمو الملكي الامير الكريم سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لأفضل حافظ وحافظة، تشجيعاً منه لأبنائنا وبناتنا، وحثاً لهم على الاقبال على تلاوة كتاب الله تعالى، وحفظه، وتدبر معانيه، والعمل به، والتخلق بأخلاقه ، والتأدب بآدابه، ليكونوا إن شاء الله رجالاً ونساء صالحين. وليست هذه بأول اعمال سموه الخيرة ، وأياديه الكريمة، فإن اعمال سموه الكريم في مجال البر والإحسان، ونجدة المسلمين اينما كانوا، وإغاثة الملهوفين أينما وجدوا، اعمال مشهورة، ومبادرات مشهودة في داخل المملكة وخارجها، وهذه السمة المباركة من اظهر السمات التي ربى الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله ابناءه عليها، حتى صار فعل الخير والمسارعة الى اعمال البر، من الصفات التي اشتهر بها قادة المملكة العربية السعودية منذ نشأتها إلى عهد خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه ولا يفوتني في هذه المناسبة المباركة ان أذكر فلذات اكبادنا من البنين والبنات، ان حفظ كتاب الله تعالى وتلاوته، وتدبره، من افضل الطاعات، وأجل العبادات، التي وردت بفضائلها الآثار، وتواترت ببيان اجرها وثوابها الاخبار ، قال الله تعالى إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراًوعلانية يرجون تجارة لن تبور, ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور فاطر 2930 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه)رواه البخاري وغيره عن عثمان رضي الله عنه ، وروى الترمذي بسند صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم، حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف). وبقدر ما يحفظ المرء من كتاب الله تعالى، تعلو درجاته، وترتفع منزلته، حتي تكون عند آخر آية يقرؤها، فعن عبد الله بن عمرو العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في االدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) رواه أحمد وابو داود والترمذي. ولاعجب في ذلك، فإن هذا القرآن العظيم كلام رب العالمين الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وهو صفة من ليس له شبيه ولامثيل، قال تعالى وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتي يسمع كلام الله , (التوبة 6) وهو آخر الكتب المنزلة، وخاتمها ، وأشملها ،واعظمها، وأكملها، فلهذا كان مهيمناً على ماسبق من الكتب السماوية، اي شاهداً عليها وامينا وحاكما قال الله تعالى :وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه , المائدة48 . وإذا كان القرآن بهذه المنزلة العظيمة، وكان حفظه وتدبره وتلاوته من العبادات بهذه المكانة الجليلة فإنه يجب على قارئه، ومتدبره، ان ينوي بحفظه، وقراءته، وتدبره التعبد لله عزوجل والتقرب إليه بذلك، فإن الاعمال بالنيات ، وإنما لكل مانوى، كما ثبت في الصحيحين، وان يخلص لله تعالى الوجه والعمل، قال تعالى:وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء الزمر2 وقال تعالى:قل إني أمرت ان اعبد الله مخلصاً له الدين (الزمر 11) وقال تعالى:قل الله اعبد مخلصاً له ديني ( الزمر 14) وقال تعالى:قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (الانعام 162163). ونسأل الله تعالى ان يجعل أعمالنا صالحة، خالصة لوجهه الكريم، وان يوفق المسلمين إلى الاعتصام بحبله المتين، والتمسك بسنة سيد المرسلين، وان ينبت بنيناوبناتنا نباتاً حسنا، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على خير خلقه، وعلى آله وصحبه أجمعين.