الفشل الكلوي في ذاته ومجرد ذكر اسمه قد يرعب المريض ويجعله يسارع لعرض نفسه على الطبيب إذا غامره أدنى شك في حدوثه ومع ذلك فلا يجب لمجرد حدوث الفشل الكلوي ان نخاف أكثر من اللازم. ولكن ليس علينا ان نبالغ في الرعب والخوف منه لأن الإصابة بالفشل الكلوي لا تكون دائماً نهاية المطاف لأنه لا يؤدي إلى الموت حتما كما يتوهم البعض. ماذا تعرف عن الفشل الكلوي وماهو الفرق بينه وبين التسمم البولي أو البولينا، كان يطلق التسمم البولي على أي حالة مرضية تؤدي إلى عدم قيام الكلى بوظائفها الأساسية وهي التخلص من المواد السامة الناتجة عن التمثيل الغذائي للطعام واخراجها. كما كان يعتقد ان سببه هو تراكم البول في الجسم ولكن مع التقدم الهائل في الطب وجد ان وظيفة الكلى ليست فقط تكوين البول واخراجه من الجسم بل المحافظة على التركيب الدقيق للوسط الداخلي للخلايا بإخراج ما يزيد على حاجتها والاحتفاظ بما ينقصها مما تحتاجه بالإضافة إلى إفراز هرمون الايثروبوليتين الذي ينشط خلايا نخاع العظام ويحثه على تكوين كريات الدم الحمراء، وكذلك تنشيط فيتامين «د»إلى صورته الفعالة والتي تعمل على ترسيب أملاح الكالسيوم بالعظام. لذلك ومما سبق يتضح لنا ان تسمية التسمم البولي ليست هي التسمية الصحيحة وإنما لفظ الفشل الكلوي هو التسمية الأدق والأرجح. وهل للفشل الكلوي أنواع؟ نعم هناك نوعان من الفشل الكلوي: النوع الأول ويطلق عليه الفشل الكلوي الحاد ويحدث في ساعات أو أيام قلائل. النوع الثاني: ويطلق عليه الفشل الكلوي المزمن ونقصد بمزمن هنا أي يبدأ بالقصور التدريجي في وظائف الكلى على مدى شهور طويلة أو سنوات حتى ينتهي بالفشل الكلوي. وسوف نتناول بشيء من التفصيل النوع الأول وهو الفشل الكلوي الحاد ونستكمل الحديث عن النوع الثاني في الحلقات القادمة ان شاء الله. الفشل الكلوي الحاد هو حالة تدهور مفاجئ وسريع بوظائف الكلى وقد تودي بحياة المريض ولكنها حالة قابلة للشفاء الكامل بإذن الله تعالى إذا تم التشخيص وأعطى العلاج في الوقت المناسب. * وماهي العلامات الدالة على الإصابة بالفشل الكلوي الحاد؟ - حدوث ارتفاع مطرد في نسبة البولينا والكرياتينين إحدى أهم وظائف الكلى المعملية والتي تتراوح نسبتها مابين 20-40 مجم%، 5 ،0 -1مجم% بالترتيب بالمعدل الطبيعي مع نقص حاد في كمية البول وقد يكون هو مفتاح التشخيص لمثل هذه الحالات. - قلة كمية البول أي نقص في كمية التبول التي يخرجها الشخص يوميا أقل من 400 ملم يوميا يصاحبه عادة ارتفاع متزايد في نسبة البولينا، الكرياتيين (ترتفع البولينا بمعدل 10مجم يوميا كما يرتفع الكرياتيين بالدم بمعدل 5 ،0 مجم على الأقل يوميا). وقد يصل الانخفاض في كمية البول مداه حيث يصل في بعض الأحيان إلى أقل من 150ملم أو لا يوجد بول على الاطلاق على مدار الأربع والعشرين ساعة. * وماهي أسباب الفشل الكلوي الحاد؟ - النقص الحاد في كمية الدم والسوائل المغذية للكلى. - وذلك في حالات النزيف الشديد أياً كان مصدره وكذلك الجفاف الشديد. - كما يحدث في حالات الهبوط الحاد في عضلة القلب مما يؤثر سلبياً على وصول الدم إلى كافة أعضاء الجسم ومن بينها الكلى. - إذا لم يتم علاج هذا النقص في كمية الدم والسوائل المغذية للكلى فإنه يؤدي إلى موت خلايا الكلى الحاد. - انسداد انابيب الكلى بأصباغ الهيموجلوبين في حالات الحوادث وتهتك العضلات وحالات تكسير كريات الدم الحمراء. - حالات الحمل عقب نزيف رحمي شديد من الولادة أو الإجهاض أو حالات نزيف ما قبل الولادة وفي حالات تسمم الحمل أيضاً. - أمراض الكلى ومنها التهاب الكلى بأسبابه المختلفة وارتفاع ضغط الدم الخبيث. - انسداد الحالبين. وبنظرة إلى الأسباب المؤدية إلى الإصابة بالفشل الكلوي الحاد على النحو التالي: 1- إذا نشأ الفشل الكلوي الحاد نتيجة للنقص الشديد في كمية الدم المغذية للكلى يلزم تعويض هذا النقص سريعاً بإعطاء المريض السوائل المناسبة في صورة دم أو محاليل مغذية حتى يستعيد الدم حجمه الطبيعي ويمكن من الوصول إلى الكلى بالمعدل الطبيعي وتمكين الكلى من اخراج المواد الضارة والسامة عن طريق تكوين البول. وإذا استمرت مدة توقف سريان الدم ووصوله إلى الكلى فإن ذلك يؤدي إلى موت أجزاء بالكلى لايمكن اصلاحها ويحدث الفشل الكلوي الحاد. 2- إذا نشأ الفشل الكلوي على أثر انخفاض شديد بضغط الدم كما هو الحال في حالات هبوط حاد في عضلة القلب فإنه إذا تم التغلب على هبوط ضغط الدم وعلاجه في الحال فإن الفشل الكلوي سوف يحدث ويستمر لفترات أطول. 3- هناك بعض الأدوية وتحديداً بعض المضادات الحيوية مثل مركبات الامينوجليكوسيدات لها تأثير سلبي وضار جدا بالكلى وعند إعطائها للمريض لابد من التأكد من وظائف الكلى السليمة والمبادرة بعلاجها سريعاً إذا حدث منها هذه الآثار الضارة على الكلى.. * ماهي الخطوات المتبعة في علاج الفشل الكلوي الحاد؟ - هناك خطوات هامة يجب اتباعها في علاج وملاحظة مرض الفشل الكلوي الحاد ملخصها فيمايلي: 1- ملاحظة كمية البول على مدار الأربع والعشرين ساعة. 2- ضبط كمية سوائل الجسم وذلك بإعطاء السوائل المناسبة على حسب نوع الفاقد مثلا الدم، السوائل المغذية عن طريق الوريد أو الفم، أو البلازما. 3- إعطاء مدرات للبول إذا كانت كمية السوائل بالجسم تسمح بذلك. 4- ضبط كمية السوائل بالجسم وهي في غاية الأهمية والخطورة في نفس الوقت مثل ضبط كمية البوتاسيوم، نسبة حمضية الدم، نسبة أملاح الصوديوم إذ ان هذه المواد إذا لم يتم ضبط مستواها في الدم فإن ذلك يكون بالغ الأثر والخطورة على مختلف أجزاء الجسم وبالتالي على حياة المريض. 5- هناك عامل مهم جدا في علاج المريض وهو تغذية المريض إذا إنه تبين على مريض الفشل الكلوي الحاد عدم تناول البروتينات والإكثار من تناول المواد النشوية والسكرية وتحسن الدهون في المراحل الأولى للعلاج. ويستمر علاج المريض ويبدأ في التحسن التدريجي لوظائف الكلى وتحسن كمية البول في معظم الحالات ولكن هناك بعض الحالات لاتستجيب للعلاج ويستمر نسبة البولينا، الكرياتين والارتفاع ولاتتحسن كمية البول وتكون عادة مصحوبة بارتفاع في نسبة ودور السموم بالدم وكذلك نسبة الحمضية بالدم واستمرار ظهور بعض الاعراض مثل القيء، الرعشة والتشنجات وكذلك التنفس السريع وارتفاع ضربات القلب. ومع استمرار هذا التدهور لايكون أمامنا سوى حل وحيد ألا وهو إجراء الغسيل الكلوي بإحدى صورتيه الدموي أو البريتوني والذي عادة ما تشفى معه الكثير من الحالات وتستعيد الكلى وظائفها الطبيعية. وهناك بعض الحالات للأسف لا تستجيب ويستمر وظائف الكلى في التدهور وبعضها إما بالوفاة أو الفشل الكلوي المزمن وقانا الله وإياكم. مما سبق يتبين لنا كيفية سهولة تشخيص هذا المرض ومدى خطورته في نفس الوقت وبإمكاننا الوقاية منه وذلك باتباع الآتي: - ملاحظة كمية البول في الشخص السليم والمبادرة باستشارة الطبيب إذا قلّت الكمية عن المعدل. - تجنب حالات الجفاف لفترة طويلة واعطاء السوائل بكثرة في حالات التعرض للجفاف مثل النزلات المعوية الحادة، الإسهال. - تجنب تناول أي أدوية إلا باستشارة الطبيب. مع تمنياتي لكم جميعاً بالسلامة والعافية. د. كمال عكاشة رئيس قسم أمراض الكلى والغسيل الكلوي المستشفى السعودي الألماني - الرياض