في مساء حزين ودعت عنيزة ابنها البار الأستاذ محمد صالح العمير رئيس مجلس ادارة جمعية البر الخيرية سابقا وأحد المهتمين بالعمل الاجتماعي والنشاط الخيري والعلاقات الانسانية. وكان المشهد مؤثراً اختلطت فيه الدموع بالدعوات في جمع لا مثيل له جاء يلقي نظرة الوداع الأخيرة على رجل نذر نفسه لعمل الخير وأفنى أكثر من نصف عمره في العمل الاجتماعي التطوعي بإخلاص ونزاهة وسمو مقصد. ولقد كان العزاء من الجميع وللجميع إذ ان موت الخيرين هو خسارة فادحة للمجتمع. والمرحوم بإذن الله عمل متطوعاً في جمعية البر الخيرية بعنيزة قرابة العقدين من الزمن مارس خلال تلك الفترة كل الأدوار الوظيفية التي تؤدي الى نجاح رسالة العمل الخيري بمعايير واضحة ومخلصة. فهو رئيس لمجلس الادارة وأحيانا محاسبا للجمعية وفي مرات عديدة موظف استقبال بل انه مارس في سبيل خدمة العمل الخيري أدوارا وظيفية أقل بكثير من موقعه الاجتماعي والوظيفي وتقدير زملائه واحترامهم له. وكان وهو يؤدي دوره في الجمعية بناءً وتنظيما يمارس وبشكل عجيب انكار الذات وعشق التحدي وترسيخ قيم واخلاقيات للعمل الخيري أدت في الكثير من محاورها الى تنظيم العلاقة بين الجمعية والمستفيدين من خدماتها وخلق صيغة جديدة للانفاق الخيري تعمق كرامة التعفف وتحجم ذل السؤال وتعمل بشكل جاد على عدم تكريس الاتكالية وكان ينادي بالعمل واستثمار طاقات الشباب لكي لا يظلوا عالة على أسرهم ومجتمعهم وساعد الكثيرين منهم على مواجهة ظروف الحياة والاضطلاع بأعباء المسؤولية الأسرية وعدم الاتكالية على ما توفره لهم جمعيات النفع الخاص. رحمك الله يا أبا صالح فقد زهدت كثيرا في هذه الحياة المادية والتي يتسارع أكثر أفرادها الى جمع المال واقامة المشاريع وبناء المجد الاجتماعي والوظيفي. لقد تفرغت لعمل الخير والأخذ بيد الفقراء ومواساة المحتاجين بعد ان تقاعدت من عملك الوظيفي مبكرا وكنت معلما نموذجيا مع طلابك الذين أقمت معهم تلك العلاقة الأخوية وفتحت معهم الحوار الموضوعي حول شؤون الحياة وواجباتهم تجاه دينهم ومجتمعهم وأسرهم وأصبحوا جميعا يذكرون تلك المرحلة المضيئة في حياتهم بالتقدير والاعزاز لشخصك وللفرص التي اتحتها لهم وارتضيت لنفسك دخلا نعرف جميعا انه لا يكفي حتى لإعالة أسرتك الكبيرة وكنت أسرع الناس الى تسديد اشتراكاتك السنوية في الجمعيات الخيرية وأكثرهم حثا على أعمال الخير وخدمة المجتمع وعشت حياتك كلها لعمل الخير ورفضت كل المبادرات التي أرادت تكريمك ورد جزء من تضحياتك واخلاصك وتفانيك. أبا صالح: ان اكثر طلابك الذين غرست فيهم الخير وأخلاقيات الوفاء والنبل هم اليوم يتبادلون الأدوار الهامة داخل المجتمع في خدمة العمل الخيري وممارسة النشاط التطوعي بفضل الله سبحانه ثم بفضل تفانيك في اشاعة هذه الاضاءات الجميلة في حياتهم. أبا صالح: وقد تعذبت كثيراً وانهكت كثيراً بسبب المرض ها أنت تودع هذا المجتمع المفجوع بك وقد أسست نخبة خيرة من الرجال الذين أحبوك وأحبوا الأعمال الخيرية.. دعاؤنا لك بالمغفرة والقبول الحسن ونسأل الله جلت قدرته ان تكون معاناتك المستمرة مع المرض تكفيراً وطهراً لحياتك ورصيداً في ميزان حسناتك.