القصيم – علي اليامي آل الشيخ: ضعف دعم الوزارة للجمعيات في منطقة الحدود الشمالية نتيجة خلل في تقديرها للحاجة. العوض: لدينا 600 جمعية خيرية تختلف أعمالها بحسب برامجها.. ودور الوزارة يقتصر على الإشراف. النغيمشي: على الجمعيات أن توجه جهودها نحو المعالجة الفعلية للفقر والقضاء على مسبباته. تعد منطقة القصيم منطقة تكامل اجتماعي ومنبعاً للترابط الإنساني، حيث تسود بين أفرادها ثقافة العطف والعطاء، ما يشكل ميزة تكونت في هذه المنظومة الاجتماعية التي تطورت وتفاعلت وأصبحت مثالاً يحتذى، ما انعكس إيجابياً على الحياة العامة من حيث التواصل وحصر الأسر الفقيرة والصرف عليها من خلال الدور الإيجابي للجمعيات الخيرية المتناثرة في المنطقة. تقييم المستحقين د. يوسف العثيمين ويبادر متطوعون ومبتغون للخير وموظفون في مختلف المؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية في المنطقة بإعداد تقارير عن جميع حالات المحتاجين في المنطقة، الذين يتم بحثهم مكتبياً وميدانياً، وتتضمن تلك التقارير كل ما يخص الحالة الفقيرة من بيانات ومعلومات وكذلك الأوراق الثبوتية التي تؤكد وتوضح مدى حاجة كل حالة، ليتم تقييم المستحقين من خلال الأبحاث الميدانية ومخاطبة الجهات ذات العلاقة لتزويد الجمعيات بالمستندات التي تبين مدى أحقيتهم بتقديم المساعدات، ومن تلك الجهات: عمد الأحياء، الضمان الاجتماعي، مؤسسة التقاعد، الجمعيات الخيرية، التأمينات الاجتماعية، وغيرها، وجميعهم ملتزمون بحفظ سرية وخصوصية معلومات المحتاجين. هجرة الفقراء وكان لذلك العمل الاجتماعي والتطوعي في القصيم إسهام مباشر في تغيير مجرى حياة الأسر الفقيرة في المنطقة، لتصبح مقصداً لمحتاجي الحدود الشمالية الذين يأتون طوعاً إلى المنطقة للتسجيل في جمعياتها الخيرية، وبعضهم قد ينتقل للعيش فيها، وكان من أواخر تلك الحالات قدوم المواطن راجح الشراري الذي مكث عشرين عاماً يبحث عن مساعدات لتغيير واقع حياته البائسة، حتى استقر به الحال بالسكن مع أسرته في خيمة نصبها في حي الرفيعة، ليقابل باهتمام خاص من قبل أمير منطقة القصيم الذي أمر بإسكانه في سكن خاص، إضافة إلى توفير وظيفة له ولزوجته. بُعد الحدود الشمالية د عبدالعزيز المشيقح بدورها، فتحت «الشرق» ملف هجرة محتاجي منطقة الحدود الشمالية إلى منطقة القصيم، ومحاولة معرفة الأسباب والدوافع وراء ذلك، حيث عد عضو هيئة التدريس في جامعة القصيم الدكتور عبدالعزيز المشيقح أن بعد الحدود الشمالية عن المناطق الحضرية الكبرى مثل الرياضوجدة والشرقية، يعد أحد أهم أسباب شح الخدمات التنموية في المنطقة، وكذلك تمسك بعض سكانها بالعادات القبلية التي ترعى ثقافة عيب امتهان الحرف والمهن المختلفة، بالإضافة إلى ندرة الاستثمارات التجارية للشركات السعودية في شمال المملكة، وسهولة تنقل هؤلاء المحتاجين لوجود طرق مواصلات حديثة سهلت الانتقال من تلك المناطق لمناطق مجاورة. تكافل وترابط لولوة النغيمشي من جهتها، أكدت رئيسة جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية في مدينة بريدة لولوة محمد النغيمشي، أن من الدوافع التي تؤدي بالمحتاجين إلى قصد الجمعيات الخيرية في منطقة القصيم الاهتمام والتوجيهات الدائمة لكل من أمير المنطقة الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، وحرمه الأميرة نورة بنت محمد بن سعود، بضرورة الاهتمام بالمواطن وتلبية احتياجاته وسد حاجة المحتاجين خصوصاً المستحقين للمساعدة، من خلال تفعيل دور الجمعيات الخيرية في تقديم المساعدات العاجلة للمحتاجين في المجتمع، وتقليل معاناة الأسر المحتاجة، والوقوف إلى جانبهم في أي مكان كانوا على أرض المملكة، وهؤلاء المحتاجين يأتون من الأماكن النائية إلى الجمعيات الخيرية في منطقة القصيم وكلهم أمل في مساعدتهم وسد حاجاتهم، وهذا ما يجدونه ويأتي بهم ويشعرهم بأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع له قيمته ومكانته واعتباره. ثقافة أصيلة وأكدت النغيمشي أن التعاون بين الجمعيات الخيرية ومختلف فئات المجتمع خصوصاً المحتاجة، يعد مطلباً شرعياً وضرورة اجتماعية، وقالت إن التكافل والتواصل الاجتماعي ليس تشريعا يُفرض على أهل العطاء، بل ثمرة ونتيجة طبيعية للروابط الدينية وللسمات الأصيلة التي يتميز بها المجتمع، ومن ضمن الأسباب الأخرى التي تؤدي بالمحتاجين إلى الحضور إلى الجمعيات الخيرية في منطقة القصيم، ما عُرف عن أهل المنطقة بحبهم وتفانيهم في فعل البر والخير والعطاء، مثل بقية مناطق المملكة، فهم يخرجون الزكوات والصدقات لدعم الجمعيات الخيرية وتوزيعها على مستحقيها من الفئات المحتاجة، سواء المسجلة في الجمعيات أو التي تقع خارج نطاقها، وفي هذه الحالة تكون المساعدة مؤقتة، وهذا يؤكد أن العمل الخيري في المملكة متكامل وله دور وقيمة كبيرة في المجتمع لا يمكن إغفالها. وأشارت إلى أن رجال الأعمال في المنطقة يدركون أهمية البذل للجمعيات الخيرية، إذ تمثل لهم قنوات رسمية لسد حاجة المحتاجين، وقالت «كلما كانت الثقة كبيرة بين المُحسنين والجمعيات الخيرية،ازدادت القناعة بأن الجمعيات خير من يقوم بإيصال هذه التبرعات لمستحقيها». مصداقية وشفافية وبينت رئيسة جمعية الملك عبدالعزيز أن الجمعيات الخيرية في منطقة القصيم كباقي الجمعيات في المملكة تعمل من خلال المصداقية والشفافية، مؤكدة أن من الممكن لكل متبرع في أي وقت الوقوف على خط سير تبرعه، وكيف تم صرفه ولمن ومتى، وذلك لتعزيز الشفافية حول أوجه صرف التبرعات التي ترد للجمعيات الخيرية، وأضافت «نحن نؤكد أن واجبنا الديني والوطني والإنساني تجاه المحتاجين الذين يستحقون المساعدة وليس لهم سبيل آخر إلا ذلك، يتطلب منا أن نقف معهم ونمد لهم يد العون». معالجة فعلية وأكدت النغيمشي أن ما تقوم به حكومة المملكة من تقديم المساعدات المادية والعينية للأسر المحتاجة، على مستوى مناطق المملكة، سواء من خلال المؤسسات الخيرية أو إدارة الضمان الاجتماعي أو غيرها، يساهم في سد حاجة المحتاجين، مشيرة إلى أن على الجمعيات إعادة جدولة أعمالها بخصوص تقديم المساعدات، والتوجه نحو المعالجة الفعلية للفقر والقضاء على أسبابه، من خلال استثمار الفرص المطروحة، ومن خلال عمل برامج التوجيه والإرشاد للمستفيدين، وأن تضع يدها على الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى زيادة معدلات الفقر بين بعض الأسر، ومعالجة هذه الظاهرة بالتنسيق والتعاون والتواصل بين مختلف الجمعيات الخيرية، لتتحول الأسر المحتاجة إلى أسر منتجة في المجتمع، وبذلك تكون هذه الجمعيات قد عملت فعلاً على تغيير دورها التقليدي إلى دور فاعل وبنّاء في المجتمع، مشددة على ضرورة القضاء على الاتكالية وتحقيق الذات وتمكين أفراد المجتمع ليكونوا وسيلة للتنمية وتحقيق غاياتها. توزيع الإعانات من جهة ثانية، بينت ل»الشرق» المستشارة الاجتماعية والمديرة العامة للإشراف الاجتماعي النسائي في وزارة الشؤون الاجتماعية سابقاً نوره بنت عبدالعزيز آل شيخ، أن الوزارة تتحمل مسؤولية ضعف الجمعيات الخيرية بمنطقة الحدود الشمالية، مرجعة ذلك إلى دعمها للجمعيات حسب الاسم والدور بعيداً عن تقدير الحاجة، وقالت «من هنا يتبين أن قصور الداعمين من رجال الأعمال والميسورين في الحدود الشمالية وقلة الدعم أسهما في إضعاف دور الجمعيات هناك». دعم حسب الحاجة محمد العوض وأكدت آل الشيخ أن الحل يكمن في إنشاء صندوق خيري يدعم الجمعيات بحسب حاجتها، لافتة إلى أهمية عدم دعمها بحسب الاسم والشهرة دون الخوض في حاجة المتلقين من الجمعيات وأعدادهم، وقالت «هناك جمعيات حققت شهرة واكتفاء وهي موجودة منذ أربعين عاماً في بعض مناطق المملكة وخصوصا في القصيم، ويجب أن تنتقل من مرحلة الدعم إلى مرحلة الاكتفاء وفتح أوقاف خيرية بالمناطق الأضعف، كما أن توزيع الإعانات من الوزارة غير متكافئ وفيه إجحاف بحق الجمعيات الأضعف، فهناك قرى وهجر ببعض المناطق تضاف إلى منطقة الحدود الشمالية يوجد فيها جمعيات لا تستطيع الصرف على المحتاجين لحاجتها للدعم والمساندة، ولن يتغير الوضع إذا لم يتم إنشاء صندوق خيري يغير من وضع الجمعيات ويصرف على الفقراء بشكل مكثف ومتبع حسب الحاجة». سمعة طيبة د. فهد المطلق من جهته، قال مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة القصيم الدكتور فهد المطلق، إن جمعية البر في مدينة بريدة تعمل على تنظيم مؤتمرات على مستوى المملكة تُعقد خلالها ورش عمل ودورات وأوراق علمية تحت مظلة الوزارة، كما تستضيف الجمعيات الخيرية من مختلف مناطق المملكة للتعريف بأعمالهم ومنجزاتهم وتبادل الخبرات فيما بينهم، مشيراً إلى أن توجه المحتاجين إلى منطقة القصيم قد يكون بسبب «السمعة الطيبة للجمعيات الخيرية فيها، ولعل التنمية المتطورة في القصيم تمثل سبباً آخر وراء قدوم كثير من مواطني المملكة للعيش في القصيم». وفي ذات السياق، أكد ل«الشرق» مدير العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية محمد العوض، أن نشاط الجمعيات الخيرية يحدد دعمها من قبل الوزارة، لافتاً إلى أن هناك جمعيات نشطة يتم دعمها من قبل الوزارة حسب ما تقدمه من برامج، وقال «لدينا أكثر من 600 جمعية خيرية تختلف أعمالها بحسب برامجها ليبقى دور الوزارة إشرافياً أمام الجمعيات ماليا واجتماعيا، ولو حدث أي خلل مالي أو إداري فإن الوزارة تتدخل فوراً». جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية في مدينة بريدة