ان ما يسمى بالفجوة بين الجنسين اصبح له مكان ثابت في السياسة الامريكية فيما يتعلق بمسائل استخدام القوة، فقبل حرب الخليج الاولى في ينايرعام 1991، كان الرجال الامريكيون اكثر تفضيلا لارسال القوات الامريكية الى العراق من النساء، و يظهرارشيف معهد جالوب وشبكة «سي ان ان» ان الفجوة بين الاتجاهين كانت 22 نقطة في ذلك الوقت، حيث فضل 67 % من الرجال و 45% من النساء مثل هذا الاجراء، الا انه منذ ذلك الوقت، حدث تحول كبير في موقف المرأة الامريكية بشأن قضايا الحرب، حيث تؤيد غالبية النساء الأمريكيات حالياً ارسال قوات الى العراق. رجال ونساء على النقيض من القضايا الاخرى المطروحة على الساحة القومية الامريكية، يسود اتفاق بين غالبية الرجال الامريكيين والنساء على موضوع شن الحرب، بل ان النساء يزدن قليلا عن الرجال في مساندة الرئيس بوش في ارسال قوات برية الى العراق فقد اظهر استطلاع حديث للرأي اجرته شبكة «سي ان ان» ان نسبة موافقة النساء بلغت 58% مقابل 56 % للرجال، وقد اكدت استطلاعات الرأي الأخرى هذا الاتجاه ايضا. يرجع سبب التغير في موقف المرأة الأمريكية هنا الى عاملين على الأقل هما: احداث الحادي عشر من سبتمبر، وصعود نجم بوش كقائد اعلى موثوق به، فقد ادت هذه الاحداث الى اصابة اولئك الذين كانوا لايبالون في الماضي بالدهشة بعد ان تقلصت امالهم في السلام والرفاهية، ويتضح ذلك من خلال الفجوة الموجودة بين النساء حسب توزيع السن. الشابات يردن الحرب لقد اظهراستطلاع «سي ان ان» ان 66% من النساء بين الثامنة عشرة والتاسعة والاربعين يؤيدن الذهاب الى الحرب، مقابل أقل من النصف - 49% - ممن تبلغن الخمسين من العمر اواكثر من ذلك وهن اللاتي يفضلن بقاء الابناء في داخل الوطن بعد ان ازداد قلقهن ازاء الامان الشخصي بسبب الاعمال الارهابية. لقد شهدت النساء الاكبر سنا حروبا تمخضت عن خسائر بشرية لم يعرف عنها الجيل الاصغر سنا شيئا الا من خلال كتب التاريخ، كما تبدي المرأة من الناحية التقليدية اهتماما اقل من الرجال بالسياسة الخارجية، الا ان وقوع هجوم على الاراضي الامريكية واحتمالات حيازة العراق لاسلحة دمار شامل موجهة الى الاطفال الامريكيين دفع المرأة الامريكية الى المطالبة بتحقيق الامان المادي والامن القومي طويل الامد. رغبة الانتقام ليس من المثير للدهشة هنا اذن ان يكشف مسح اجرته مؤسسة «تي. ام.» لاستطلاعات الرأي عقب احداث سبتمبر مباشرة على 800 امرأة ان 65% كانت لديهن افكار تنطوي على الانتقام حتى يدفع مدبرو الاحداث ثمن ما اقترفوه. ان استطلاعات الرأي التى اجريت اشارت الى ان هذا الشعور استمرحتى الوقت الحالي في الوقت الذى توافق فيه غالبية النساء الامريكيات على تعامل بوش مع الارهاب بشكل عام، ومع العراق بشكل خاص. ان التأييد النشط للرئيس بوش - الذي تراوح بين 65 -70 % في معظم استطلاعات الرأي يرجع الى اثار احداث سبتمبر، فقد كشفت نتائج استطلاعات الرأي عن زيادة معدل الارتياح لسياساته. لقد كان ثباته في هذا الموقف بمثابة رد على حالة الشكوك والتضارب التى استولت على نفسية الامريكيين،وبالمثل فان المكاسب التاريخية التى حصل عليها الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر لم تكن مجرد ترحيب بزيارات بوش لاثنتي عشرة ولاية في الايام الاخيرة من الحملة الانتخابية، فقد اختار الناخبون ومعظمهم من النساء - المرشحين الذين قالوا ان التصويت لصالحهم هو تصويت لصالح الرئيس وبرنامجه الذى يتضمن الالتزام بالقضاء على تنظيم القاعدة، واعادة اعمار افغانستان، وتصفية الحساب مع صدام حسين. تحفظ نسائي الا انه لايجب الخلط بين التأييد للجهد الحربي للرئيس بوش والولاء الاعمى، وطوال معظم هذا العام قالت المرأة الامريكية لمراكز الاستطلاع ان مثل هذا التأييد يعتمد - في جزء منه - على وضع وصف محدد لمصلحة قومية واضحة، واستنزاف البدائل الاخرى المعقولة، وتحقيق اجماع داخل الكونجرس قبل استخدام القوة وشن حرب شاملة ضد العراق. وعلاوة على ذلك، ومع تجذر اثاراحداث سبتمبر في الضمير الامريكي فان 75% من النساء ابلغن مراكز الاستطلاع بانهن يعتقدن بان صدام حسين سوف يستخدم اسلحة الدمار الشامل ضد الولاياتالمتحدة اذا لم يتم وقفه، ومن الواضح ان المرأة الامريكية تربط بين نهج بوش الصارم ازاء العراق وتحقيق الامان الاسري. (*) رئيسة مؤسسة «وومن تريند» في واشنطن خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص ب«الجزيرة»