تيارات هواء تعلو واخرى تهبط,, وسكون يقتل كل الاصوات عدا ثرثرة تلك الورقة التي تحدث تيارات الهواء,, وقبضة تقيد حركات تلك الورقة الثرثارة,, عينان تحملقان فيها بحدة تكادان تفرقها كالسهم الناري مصوبة الى ذلك الرقم الساكن,, يحول هذه الورقة من يد الى اخرى دون ان يحرك نظره عن ذلك الرقم الاجوف الأبله,, ينظر اليه بحدة قد تخيفه فيزيد ولو جزءاً من المائة,, يعاود النظرة الحادة اكثر بعينيه اللتين تشتعل فيهما حرائق الغضب والغيظ,, ولكن دون جدوى,, يبقى يحدق في وجهه ببلاهة وخمول ,, فتتموج ادمع تطفىء حرائق غضبه المشتعلة,, يا إلهي,, يالهذا الرقم القاسي,, حتى نظراته المتوسلة لم تحرك فيه ساكنا,, يبقى يحدق في وجهه بسخرية بلهاء ,, تكاد ان تفقده صوابه وتدفعه لان يصفعه ليوقظه من خموله ولا مبالاته,, يعاود النظر اليه بتوسل يائس,, فيتماوج راقصا في بحار دمعه التي ملأت عينيه يا إلهي انه يتحرك ولكن ما تلبث فرحته ان تقمع,, فينظر اليه وقد اخرج لسانه ومط شفتيه استهزاء به, يحدق فيه بغضب, انت ياهذا الرقم الابله العاثر,, الا تعي ما تفعله بي,, الا تعي ما تصنعه بمستقبلي فيرفع يده ليهوي بها عليه في صفعة قد توقظه ولكن يتوقف,, هل يصفع رقما جامدا قابعا في زاوية ورقة؟! ولكن هذا الرقم اشد قسوة من بني البشر,, لقد ارهقني واتعبني,, هذا الرقم رغم جموده الا انه قد اشعل الحرائق في قصور امالي ومدائن طموحي,, لولا هذا الرقم لازدهى مستقبلي في اعين الزمن آه,, ياتلك الآمال التي كنت ارعاها صغيرا فغدت اليوم معي كبيرة كبيرة,, تلك الآمال التي كانت تتسلل من نافذة الليل لتداعب احلامي فكنت اعزفها لأمي غدا,, غدا,, يا أمي سأكون املا قد تحقق, رجلا قد كبر, صبحا قد اشرق, مسافرا في دروب السنين قد وصل, آمالي يا أمي قد كبرت معي, بعدد سنين عمري عمرها,, واليوم اقف مكتوف الايدي ,, وبيننا هذا الرقم,, لا انا امد يدي اليها ولا هي تمد يديها اليّ أتكون النهاية يا امي,, ايكون هذا الفراق بيننا قد حل ,, أيكون كل ذلك بسبب هذا الرقم,, الذي لا يستكين ساعة ولا يستلين ايتوقف الزمان على حاصل جمع ارقام جوفاء,, دون اي اعتبار لوجودي,, يا لهذا الرقم العاثر,, كم من مرة رحت اشحذ هممي واقيم املي الكسيح,, لادخل بين تلك الحشود المكتظة بين تلك الوجوه الواجمة,, والانفاس الحائرة,, كل وجه قد رسم عليه علامة استفهام بقدر سنين عمره,, هل سأكمل تقدمي,, ام هنا سيكون نهاية مطافي,, نبضات القلب تتسارع وحبات العرق تتفصد وتتلاحق وتجاويف لساني تتوسل لجدران حلقي بان تسقيها تلهث في قاعه ترتمي من العطش تأتي ان تفيق بأحرفها,, وعيوني تجحظ من محاجرها تأبى ان تنظر لابعد من تلك اللحظة,, جدران ستة رغم امتلائها بآلاف الانفاس الا انها اسكنتها جميعا عدا انفاسي المتلاحقة كهدير البحر بدا لي المكان خاويا,, عداه هو,, هو ذلك الذي امتدت يده ليأخذ اوراقي من يدي المرتعشة يسرق نبضي,, يقلب بصره بين اوراقي,, وببرود بغيض ويحرق الاعصاب,, تطلق تلك الاجابة التي اذهبت دوي سمعي,, وتردد صداها في الجدران الستة وايقظتني من احلام اليقظة,, وطارت اسراب آمالي بعيدا بلا عودة,, 79,88 نسبة غير مقبولة,, اجزاء بسيطة وقفت بيني وبين آمالي,,رقمي العاثر حمل آمالي على متن سفن الحظ وابحرت بعيدا وانا على الشط ارقبها,, اودعها,, رقمي العاثر وقف كالنسر الجائع يقتات على جثة آمالي الراحلة,, وقف هناك وبكل صلافة وقسوة يرمقني بعين التحدي وانا اقف هناك مهزوما,, ارقام شتى تعبر على متون الحظ او شيء آخر كالشبح الخفي الا رقمي يقف هناك مكتوف الايدي,, طيور شتى تذهب بأرزاقها,, مستقبل يجوب في بحار الضياع يبحث عن شاطىء امان عن مستقر له,, فأين المستقر؟! كل هذا,, وما من حساب لما فعله بي هذا الرقم العاثر. من سيحاسبك ياهذا الرقم,, من سيحاسبك؟!,, انت؟.