ليس من أحد ممن يهتم بالعمارة العالمية ممن لم يسمع بدار الأوبرا بسيدني بشكلها المتميز الذي يشبه أصداف البحر وهي الفكرة من وراء التصميم للمعماري Jorn Utzon. وقد أظهر الاستفتاء الذي أجرته جريدة التايمز البريطانية وصحيفة استرالية في العام 1992م ان حوالي 70% من القراء اعتبروا دار الأوبرا بسيدني الأعجوبة رقم واحد من أعاجيب العالم الحديث. وتعد رمزا ليس فقط لمدينة سيدني بل لاستراليا ذاتها، حيث تم استخدام المنظر العام لدار الأوبرا كشعار الالعاب الأولمبية باستراليا في العام 2000. وشهرة دار الأوبرا بسيدني تضاهي كاثدرائية نوتردام بباريس. وقد لعب بناء دار الأوبرا بمدينة سيدني دورا في اعطاء المدينة أهمية عن بقية المدن الاسترالية الاخرى كمدينة ملبورن. وبلغت تكلفة بناء الدار حوالي 102 مليون دولار، فما هي قصة بناء هذا المعلم المعماري العالمي المتميز؟ بزغت فكرة بناء دار للاوبرا في ذهن أحد الموسيقيين البريطانيين المرموقين وهو Eugene Gossens والذي تعود أصول عائلته لبجيكا وتم دعم الفكرة من قبل السياسي Cahill وأستاذ كرسي العمارة بجامعة سيدني البروفسور Ingham Ashworth.وقد عمل الموسيقي المذكور بالولاياتالمتحدةالأمريكية في السابق. وأعتقد بفكرة ان دار الأوبرا هي ليست حكرا للنخبة من المجتمع، بل يمكن ان تشمل العامة من الناس، وبدلا من ان تكون الصالات صغيرة يمكن بناء دار الأوبرا لتتسع لاعداد تتراوح بين الثلاثة والأربعة آلاف، وبعد وصوله لاستراليا شغل هذا الموسيقي منصب مدير أوركسترا سيمفونية سيدني في العام 1946م، وبدأ يعمل بمساعدة مؤيديه على تحقيق هذا الهدف. وفي العام 1952 أعلن Cahill ان سيدني بحاجة الى دار للأوبرا وأعلن عن اجتماع عام في العام 1954م، وتم انتخاب لجنة في العام 1955م والتي اختارت الموقع لتصميم دارا تحتوي صالتين تتسع احداهما الى 3500 شخص، والأخرى تتسع 1200، وتم اعلان مسابقة عالمية لتصميم دار الأوبرا، وتم تعيين أربعة محكمين معماريين منهم Ashworth بالاضافة الى Leslie Martin الذي صمم قاعة الاحتفالات الملكية بلندن، وكذلك Saarinen من الولاياتالمتحدةالامريكية. وكان الهدف من المسابقة هو اختيار المعماري والتصميم الفائز على حد سواء. وكان التركيز في التقييم على طبيعة معالجة القاعتين الأهم في المبنى كله واللتين تقام فيهما العروض الموسيقية، وكان التحدي هو تعدد الوظائف المطلوبة بالاضافة الى القاعتين، فهناك قاعات اجتماعات وقاعة مراجعة وتسميع ومرافق ترفيهية كمطعم وأخرى صحية وخدمات، أما التحدي الأكبر فكان في ايجاد فراغ للقاعتين يتمتع بميزات الصوتيات، بمعنى انه ليس جماليا من الداخل فحسب، بل ويقلل من مشاكل انعكاس الصوت مما يؤثر في العرض الموسيقي بدرجة كبيرة، وعلى الرغم من صعوبة المشروع فقد تقدم للمسابقة 933 معماريا من العالم وقدم منهم 230 مشروعا فقط. وفي العام 1957 أعلن ان المشروع الفائز يعود للدنماركي المعماري JornUtzon . ومن المثير ان المعماري الفائز بالمشروع لم يقدم سوى أفكار على هيئة رسوم أولية. وكانت توصيات اللجنة المحكمة: بالرغم من ان المعماري قدقدم لنا رسومات بسيطة للغاية، إلا أننا وبدراستها مرارا وتكرارا، فقد توصلنا جميعا لنتيجة واحدة، ان هذا المشروع سوف يكون من أعظم المشاريع في العالم للقرن العشرين. ويحكى ان أحد اعضاء لجنة التحكيم قد وصل لاجتماع اللجنة متأخرا، فوقع بصرة على كومة من المشاريع التي تم استبعادها ومن بينها التصميم الفائز والذي لفت انتباهه، فاستخرج مجموعة الرسومات الأولية من بين هذه الكومة واعاد عرضها على اللجنة، ويدل ذلك على مدى غرابة التصميم وعدم تقبل اللجنة مبدئيا له وربما لسوء اخراجه الفني، ولكن المظاهر تخدع احيانا.