هل عرف الانسان معنى الحياة؟، وهل عرف قيمة العمر؟، فالعمر لحظات تمر لا يمكن ان تعود مهما استمات الانسان لإعادتها ومهما دفع من مبالغ لشراء لحظة واحدة، فإننا لا نقدر على ان نعيش تلك اللحظة مرتين، والسؤال هنا هو: هل احسنا استغلال تلك اللحظات الماضية في اعمارنا فيما كنا نريد ام انها انقضت ومرت كنسمة هواء دون ان نحس بمرورها؟ فالعمر يمضي ونحن ربما نشاهده، فالبعض منا يلوح له مودعا وكأنه ضيف عزيز قد مر عليه فأكرمه بالذي قدر عليه ثم استأذنه مودعا بكل هذه البساطة، ودع عمره وهو لا يعرف حينها ربما انه الوداع الاخير فهو لن يعيش عمره مرتين. فماذا فعلنا بهذا العمر الذي تتسرب دقائقه وساعاته مثلما يتسرب الماء من الكف القابضة عليه؟ كيف سنواجه انفسنا بهذه الحقيقة عندما نكتشف اننا لم نفعل شيئاً بعدما كنا نطمح لفعله، فالوقت يسرقنا احيانا فلا ننجز ماكنا بصدد انجازه ونقول غدا نتم العمل المطلوب، ويأتي الغد ونجد انفسنا امام نفس التحدي، فالعمل لم ينته بعد وهكذا تمر الايام والاشهر ونحن مازلنا نقف في المكان ذاته، اذاً فنحن نعمل ونرى العمر قد انقضى دون تحقيق الكثير من الانجازات. ولكن ماذا عن الذي ينام ملء جفونه، الانسان الذي لا يفكر حتى في السعي، الذي يرتاح اغلب عمره في امل انه سيتعب يوما ما، لذا عليه ان يرتاح استعدادا لذلك التعب، ويمضي العمر والتعب لم يأت بعد، فيظل ينتظر التعب القادم وهو يتقلب في نعيم الراحة الذي تصوره له نفسه، فهذا سيبقى في مكانه لا يتقدم ولا يتراجع، لماذا لا يتراجع؟ لانه لم يتقدم في الأصل، فهو لم يبدأ لانه مازال عند نقطة الصفر، ولم يسع للتعب لينال الراحة الحقيقية. فأنت ايها القارئ لن تتذوق للراحة طعما ولن تعرف لها معنى مالم تجرب التعب ولذة الإنجاز، فالانسان منا لن يستطيع تسلق السلم ويداه في جيبه، فهذه حقيقة علينا استيعابها. وفي نهاية حديثنا لابد ان شريط الحياة قد مر بنا وشاهدناه، وأيقنا اننا لن نقدر على عيش ذلك الشريط مرة اخرى، فقد مر من العمر ما مر، وبقي منه ما لا يعلمه الا الله ونحن لو وضعنا نصب اعيننا اننا سنُسأل يوم القيامة عن عمرنا فيمَ ابليناه لما استهترنا ولو بلحظة واحدة منه، فالزمان لا يعود كما انه لا يعطي فرصة لتصحيح الاخطاء. (*)جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية قسم اللغة العربية/ فرع القصيم