الوقت أو الزمن أو مراحل العمر التي تمضي ونحن لا نشعر بمرورها الا بعد أن تتجاوزنا الحياة ونقف عند مفترق طرق يرغمنا على مراجعة ما فاتنا من أحداث كان من الممكن أن نغيرها أو حتى نسيطر على توجهها إلا أننا في هذه المرحلة نستسلم لمشيئة القدر لأننا قدريون بإيماننا ونعلم جيدا أن ما يصيبنا وما أصابنا هو ما كتب لنا وأن ما كتب لنا لم يكن ليسير إلا في إتجاهه المحتم الذي أوصلنا لمفترق الطرق ... والسؤال هنا .. لماذا نصل لمفترق الطرق هذا ؟ أمن الممكن أن يكون أيضا جزء من قدرنا أن نتوقف لنعود الى الماضي نراجعه كما شريط سينمائي يعرض أمامنا ؟ أيا كان فالنتيجة هي أننا نمضي كلنا الى أقدارنا بعضنا شاءها وبعضنا الآخر وجد نفسه يعيشها دون اختيار . والوقت ما مضى منه وما يمضي منه الآن هو القيمة الأساسية الموجودة في حياتنا فهو كالوعاء لكل شخص منا وان اختلف مقاس هذا الوعاء ... و لعل ما نملأ به هذا الوعاء هو خلاصة طموحنا وأحلامنا وتجاربنا ومعاناتنا وأفراحنا .. باختصار هو ما ننجزه وما لم ننجزه لنملأ به وعائنا ... يقول الله تعالى في سورة العصر : ]وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ[ هذه السورة " العصر " ترسم منهجا كاملا للحياة البشرية كما يريدها الله سبحانه وتعالى فعلى امتداد الزمان والمكان في كل العصور لا يوجد أمام الانسان إلا منهج واحد وطريق واحد وهو نفسه الطريق الذي يؤدي بالانسان الى الحقيقة المطلقة وهي نفسها التي تدله الى طريق الجنة وما سوى ذلك ما هو الا ضياع وخسارة وشقاء . في هذه السورة : العصر .. أقسم الله بمطلق الزمن فالانسان هو في حقيقته زمن ما ينقضي منه هو في الحقيقة ينقضي من الانسان فالزمن وحده يستهلك العمر وهذا ما تفسره الآية " لفي خسر " أي أن الانسان يخسر أهم ما يملكه وهو العمر والذي هو أيضا الوعاء الذي ملأه طوال فترة حياته . وأهمية الوقت تأتي من أنه في الحقيقة هو الانسان.. فما قيمة الانسان إن لم يكن عمره له جدوى أو أهمية ..والاختيار هنا أمر شخصي للغاية لذا فان الوعي بقيمة الوقت له أهمية قصوى خاصة حين نعرف أننا نعيش مؤثرين ومتأثرين فنحن كبشر نعيش في جماعات وهي المجتمعات المدنية والغير مدنية أيضا والتي تحيط بنا وما ننجزه يؤثر على ما ينجزه غيرنا والعكس صحيح جدا وحين نهدر الوقت فيما لا يفيد من حولنا أو يحقق لنا إنجازا وهدفا فنحن بالتالي نخلق مجتمعا لا هدف له ولا هوية .. وما أعجب أن ترتبط الأمور ببعضها لتمنحنا دلالات كثيرة حول كيف نمضي وقتنا في هذه الحياة وكيف نكون أمة تملك أهدافا وانجازات وتضع لنفسها بصمة عبر التاريخ .. إنه الوقت الذي يمنحنا الاختيار .. إنه نحن من نصنع طرقنا ونقرر أهدافنا . وما نفعله في مفترق الطرق ما هو الا مراجعة ما استهلكناه من عمر وما فعلناه في هذا العمر الذي انقضى والقدر يضعنا دائما في تلك المفترقات كي يمنحنا فرصة لمراجعة أنفسنا لندرك ونتدارك ما فاتنا . " كلَّ إلى أجل والدهر ذو دُولٍ ... والحرصُ مخيبة والرزق مقسوم " إبن رشيق شاعرة واعلامية سعودية