من حكمة الخالق وعلة الخلق جعل مصادر الحياة الضرورية حرة بعيدة عن تسلط البشر.. فبني آدم تدخل بعقله القاصر وفكره الكليل فأفسد الحكمة من إيجاد مخلوقات الله وعطل الاستفادة من حكمة خلقها إما بظلم وإما جهل منه.. فالهواء والماء أهم مخلوقات الله ضرورة للإنسان لا يستطيع كائن ما أن يحيا دونهما.. فكانت الرحمة والحكمة الا يجعلهما تحت رحمة الإنسان ليتصرف فيهما كيف يشاء.. فهذا الهواء حر طليق في الفضاء محمل بالأوكسيجين لا يحكمه ولا يحتكره ظالم بل يستطيع كل منا أن يعب منه ما يشاء على قدر حجم رئتيه فإن زاد انفجرتا وتلك حكمة الخالق أن يأخذ كل مخلوق من نعم الله حاجته ولا يزيد فإن تقيد الفرد انتفع الجميع من النعمة وظلت نسبتها ثابتة في هذا الكون فالله خلقها بقدر موزون!! ثم تفضل علينا وجعل الناتج عن عملية التنفس راحة لنا ومفيداً لغيرنا من مخلوقاته فكان ثاني أكسيد الكربون ضرورياً لنمو النبات وتلك العملية التبادلية بين الإنسان والنبات تسمى دورة الأوكسيجين في الطبيعة.. وتلك حكمة أخرى للمحافظة على هذا العنصر الهام من النفاد!! لكن الإنسان جار بظلمه فحطم الأشجار على هذه البسيطة في ملك الله ولوث الأجواء بالغازات القاتلة برعونته.. ثم تمادى فقتل أخاه الإنسان بظلمه واستبداده.. وهما من نفس واحدة وأصلهم واحد!! أما المصدر الثاني فهو الماء الذي قال الله فيه: وجعلنا من الماء كل شيء حي.. فهو ضروري لاستمرار الحياة وانعدامه يعني الفناء لذا جعله الله مشاعاً بكميات كبيرة وبأثمان زهيدة ثم أنعم الله على الإنسان بهداية عقله لزيادته فاخترع عمليات التقطير والتبخير فانقلب البحر المالح أجاجاً إلى سلسبيل عذب فرات ثم أمر الله الشمس بتبخير البحار والمحيطات.. فيصعد البخار إلى طبقات الجو الباردة فيتكثف ثم ينزل مطراً ماء زلالاً حلواً كالعسل يسقي الحرث والنسل ثم يتسرب الفائض إلى طبقات الأرض فيكون مخزوناً آمناً للأجيال القادمة بقدر معلوم وموزون.. وتلك العملية تسمى دورة الماء في الطبيعة!! فسبحان من كان تفرده بالخلق حكمة بوجوده ورحمة بموجوده!! عليه فالضرورة والحكمة تقتضيان أن يتسنم مسؤولية الإدارة والمحافظة على هذا المصدر الهام كفاءة إدارية عالية ونفس حكيمة تقسمه بعدل لا تطفيف في المكيال ولا بخس في الميزان ولا زيادة في الأسعار ثم تحافظ على منسوبه بمعدلات مرتفعة ليأخذ كل منا على قدر حاجته!! فجاء اختيار الدكتور القصيبي مناسباً في مكان مناسب!! أدعو الله أن يعينه على هذه المسؤولية العظيمة ويهيأ له البطانة الصالحة الناصحة وأن يلهمه لاختيار الكفاءات المخلصة.. وهو أهلٌ لها ولندع الله له بظهر الغيب أن يوفقه لذلك. ثم أتمنى عليه تطبيق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار وثمنه حرام «سنن ابن ماجة وغيره» وبهذا التشريع والمنطق النبوي يشترك المسلمون في أسهم هذا المرفق المهم بعد خصخصته وتطرح أسهمه ولتكن قيمة السهم مائة ريال فيساهم الجميع ومن لا يملك هذا المبلغ يدفع عنه من بيت مال المسلمين ثم يستعاد منه عند توزيع الأرباح في نهاية كل عام!! ثم تنظم الندوات والبرامج التثقيفية على أهمية ترشيد استخدامه أما الرأي القائل بأن رفع سعر شرائحه سيؤدي إلى ترشيد استهلاكه فهو على أي حالٍ رأي يحترم لكنه كما أرى يزيد من المعاناة المالية التي تؤدي إلى المعاناة النفسية التي تساهم في تدني مستوى الرضاء العام الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض معدلات الكفاءة الإنتاجية لكل فرد في موقعه!! فالرسوم المتنوعة قد تثقل كاهل المواطن فكن رحيماً يا دكتور غازي وتذكر أنك دلفت الستين ولست بحاجة لشهرة أو منصب أو جاه لكنك بحاجة لدعوة عجوز وطفل وكهل ومسن حين يشربون من الماء الزلال ثم يرفعون أكفهم داعين لك بطول العمر في طاعته وبسداد الرأي في خدمته وأنظكم تتفقون معي أن تلك هي البضاعة الرابحة!! وفقك الله يا غازي وسدد خطاك.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،