قد لا أكون مبالغاً اذا اعتبرت ان الكبسة من الامراض الاجتماعية المستفحلة في مجتمعنا المحلي، والدليل على ذلك ادماننا لهذه الاكلة الموغلة في المواد الغذائية ذات القيمة العالية التي تسببت بشكل او بآخر في تكدس الشحوم وبروز التضاريس بأنواعها في اجسامنا حتى اصبحنا اكثر الشعوب تميزاً في مظهرنا الجسماني بشكل لا يوازينا فيه احد. والطريف في الامر ان كثيراً من الناس يحجمون عن الحمية الغذائية «الريجيم» بعد فترة من امتناعهم عن الكبسة، ويعودون مترحين حيث تحتضنهم النشويات والدهنيات والكربوهيدرات وتعيدهم الى حالتهم النفسية السابقة، واذا لم تصدقوني اسألوا العيادات الطبية التي تقدم خدمة الحمية عن طريق البصمة، انا ضعفنا امام عاداتنا الغذائية حجة لا اساس لها من الصحة، فالانسان يستطيع ان يتحكم بكل شيء.. نعم بطل شيء حتى التدخين تلك العادة الاكثر فتكاً بصحتنا. السجين السياسي الايرلندلي بوبي ساندس اضرب عن الطعام 66 يوماً لم يتناول خلالها لقمة واحدة.. ومات عام 1981م اثر هذا العناد، ولكنه اعطانا درساً في امكانية ما نعتقده مستحيلاً، المهراج الهندي شاجموني لم يتناول اي طعام مدة 365 يوماً «عاماً كاملا» - وانما كان يكتفي - كما يقول اطباؤه - بكأس من الماء. ولكن هذا المهراج لم يضرب عن الطعام كساندس بل قرر ذلك طواعية تنفيذاً وتأكيداً لتعاليم المذهب «الجانوي» - فرع من الهندوسية - ويقول المذهب ان الانسان في هذه الحياة يستطيع ان يستغني عن اشياء كثيرة يعتبرها ضرورية، بما فيها الطعام والشراب والتدخين والملابس، وبالتالي فإن هذا الهندي قام ايضاً بقطع مسافة 500 كلم حافياً وكان باستطاعته ان يزيد كما روت مجلة «النيوزويك الامريكية» ولكنه خشي ان يتهم بالتطرف وعدم الاعتدال.. طبعاًً هناك اناس مغرمون بالبحث عن الادلة والامثلة شرقاً وغرباً، ولا يقتنعون في الغالب الا بما يرد من الغرب والا ديننا الحنيف ارشدنا قبل اكثر من 14 قرناً الى ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم «بحسب ابن آدام لقيمات يقمن صلبه» وقال ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه». وعلى الطرف الآخر ضربت معدلات التدخين في بلادنا معدلات لا تليق بكوننا بلداً مسلماً وارتفعت النسبة بين الفتيات والنساء بشكل يوحي بسيطرة هذه العادة علينا مثل الكبسة حتى يأتي علينا يوم يصعب الفكاك من هذه القيود والامراض والاجتماعية ونردد بعدها بكل حسرة قول المثل الشعبي: بين حانا ومانا ضاعت لحانا!!