الوفاء سمة التزم بها حكام هذه البلاد المباركة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحافظ عليها أبناؤه الغر الميامين من بعده الذين توالوا على قيادة هذه البلاد. ورعاية الأمير سلطان بن عبدالعزيز لحفل تكريم ثلة من كبار قادة القوات المسلحة جاءت تقديراً منه لهذه العينة من القادة ووفاء لزمالة امتدت سنوات طويلة من العمل المتواصل في القوات المسلحة لخدمة الدين والمليك والوطن. وعندما تألق الأمير سلطان في جدية الخطاب وحميميته وهو يتوجه للمتقاعدين بالتحية على زمن العطاء وثمرة الاخلاص في بناء القوات المسلحة، مبينا أن هذا اللقاء يختلف عن اللقاءات الأخرى، لأنه لقاء الوفاء بين افراد الأسرة الواحدة لقاء شكر وعرفان لهذه النخبة الطيبة من زملاء السلاح الذين أفنوا أرواحهم فداء لأمتهم وعقيدتهم قدم سموه بذلك نموذجاً نادراً من الرجولة وموقفا رائعا للقائد الانسان والحس المرهف الذي طالما حس بنبض رجاله وتحسس همومهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم وأمالهم عن كثب خلال أربعة عقود خلت. حقاً إنه يوم الوفاء عندما يكون راعيه الأمير سلطان شخصيا على الرغم من مشاغله ومسؤولياته الجسام التي لا يجهلها أحد، إيمانا من سموه بأن القوات المسلحة حارس الوطن ودرع مسيرة التنمية وليس ذلك غريبا على رجل الوفاء حيث ما يبرح أمير الدفاع والبناء والجيش القوي المنيع يتابع مسيرته على طريق خدمة وطنه مليكا وجيشا وشعبا. عشرات من الضباط والقادة المكرمين كانوا من الرتب العليا عميد وحتى فريق وهم الذين وجدوا متسعا من الوقت لقراءة خريطة الوطن الذي جالوا أطرافه في مراحل الشباب ومع شريط العمل للأجيال المتلاحقة وخبرة ودراية. أربعة عقود قضاها سمو النائب الثاني حفظه الله على طريق بناء القوات المسلحة وتطويرها بكل تصميم وارادة وبذل كل جهد ممكن من أجل بناء هذه القوة ولا يمكن عد المال كافياً لذلك ان هذه المهمة بحاجة إلى ايمان تعمر به القلوب والعقول ونحمد الله ان ذلك نبراس سلطان وصدق الله العظيم القائل: )الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ(20)وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) إن الشهادات والدروع التي قدمها الرجل الثالث في القيادة السياسة للمكرمين هي بحق شهادة بالتفوق وتقدير للأداء من رجل يحتل مركز الصدارة والقيادة ويعرف الرجال والقادة حق المعرفة وانك لا تقرأ على محيا سموه علامات الرضا عن انجازات هؤلاء الرجال. لقد جمع الأمير سلطان حفظه الله في شخصيته أروع ما أفرزته هذه الأرض الطيبة من ملامح وقيم إنسانية أصيلة وما صنعه من تاريخ عريق وما تضمنته من مقدسات وقبل هذا وذاك ما قدمته للدنيا بأسرها من رسالة خالدة وعقيدة إسلامية عظيمة ورسول كريم، هذا في الإطار العام أما في الإطار الخاص فقد استمد سموه الكريم جذور نهجه الإنساني الذي اتبعه في قيادته لمرؤوسيه من أسس وأبجدية راسخة صاغها والده المؤسس الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ولا جدال في حياة العظماء التي يمتد أثرها، فلا تنتهي اثار العظيم بانتهاء السنين التي يقضيها في العمل ولا تنقضي هذه الآثار عند حدود البلاد التي نشأ فيها فهي على اختلاف الصفات والأعمال قوة تتخطى حدود المكان والزمان وبهذه المقاييس يرتقي العظيم الى الذروة من الإنسانية الرحبة فيستحق أمته من أمته وغير أمته وقد يكون حقه من أمته متصلا بالمنفعة والأثرة أما حقه من غير أمته فهو حق الأمانة لنفسه ولأبناء نوعه. إن المشاعر الإنسانية التي فاض بها قلب الأمير سلطان وهو يعلن تأسيس جمعية للمتقاعدين من أبناء القوات المسلحة والتبرع السخي لها بخمسة ملايين ريال إنما تنبع من فهم عميق لتعاليم الشريعة الإسلامية والسيرة العطرة وسط صحراء الحياة يستظل بها المؤمنون وينهلون من مائها العذب ويجدون فيها الراحة والأمان والأمير سلطان يدرك ذلك وهذا انعكس على تصرفاته بتأسيه بالمصطفى صلى الله عليه وسلم إذ هو أمر من الحق سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة} كما أدرك أهمية وضرورة التأسي بلطف الرسول صلى الله عليه وسلم ورقته وأدبه الجم في التعامل لأن ذلك أمر من الله.إن المرافق الإنسانية للأمير سلطان هي بكل تأكيد أحد أسباب نجاح تجربته في بناء القوات المسلحة وهي في ذات الوقت ارساء لتاريخ حضاري مشرق وفي الحقيقة كان يوم الوفاء يوماً جميلاً من أيام الوطن، فتحية للوطن من منسوبي القوات المسلحة المتقاعدين ولمن كان منهم على رأس العمل فليحفظ الله لهذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها في ظل حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله.