اعتدت أن أسقي تلك الوردة في شُرفة المنزل بما تحتاجه من الماء كل صباح أثناء ذهابي للعمل.. كنت أرى فيها نفسي وأنا صغيرة، وأنا مراهقة، وأنا أعمل، وأنا شابة، وأنا أشق طريقي لفضاءٍ واسع من الإتقان والتدريب والكفاءة والدراسة والسير لطريق النجاح. كانت وردةً واحدة، وفجأة إذا بها تصبح وردتين، ثم ثلاثًا، ثم أربعًا، حتى أصبحت عائلة كاملة.. أب وأم وطفليهما.. أسميتهم بأسماء أحبها. كنتُ عندما أراهم كل صباح أنادي كل زهرة باسمها الذي تحبه. أتحدث معهم وكأنهم من أفراد عائلتي، وترد على كلامي وتخبرني بما يزعجها وما تحبه. ***** ولكن ذات يوم زارنا زائر ليس لهُ قبول ولم نرحب بهِ، طائر صغير وقف على شُرفة المنزل وأخذ يلعب في حديقة زهراتي، التي أطلقت صرخاتها للاستنجاد بي، حينها كأني سمعتها وذهبت أركض نحوها، فإذا بها تنظر إليَّ تطلب المساعدة.. حينها طار الطائر بعيداً خوفاً مني، وانظر إلى الزهرات وإذا بها تبكي من جراء ما حصل معها.. فأخذتُ أرتب المكان، وأنظفه وأزرعها من جديد.. وظليت أراقبها كل يوم لعل الحياة تعود لها من جديد. **** ومن أجل أن تعود كما كانت، كنت أوزرها كل ساعة، وأتحدث معها بكل شيء وأناديها بأسمائها.. ورويداً رويداً عادت كما هي وأزهرت من جديد، وأصبح لدينا زهرتان جديدتان انضمتا للعائلة، وكل وردة أصبح شذاها وعبيرها في كل مكان في أرجاء منزلي. **** حينها أقسمت... أن كل غريب يدخل حياتنا مثل ذلك الطائر الغريب أن أصرخ عليه، وأبعده، وأغلق الباب خلفه، وأحافظ على استقرار حياتنا من كل عابث وهادم، وأن أحافظ على كل شيء جميل بنيته ورسمته على شكل ورود ازهرت في حياتي. ** **