فراج بن علي بن فراج العقلا علم شامخ ، وقامة سامقة ، مربي أجيال ، وصانع أبطال ، كريم باذل ، وجواد فاضل ، ماذا أقول ويقول العارفون عن هذا الرجل الذي غادرنا بالأمس القريب إلى الدار الآخرة؟!! ، والله إن القلب ليحزن ، وإن العين لتدمع ، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا جل وعلا ، وإنا على فراقك يا أبا علي لمحزونون. ماذا تراني أقول لأنفس عن ألم يعتصر قلبي ، وحزن ملأ صدري ، حتى كاد يقطع أنفاسي ، أأتحدث عن دينه وغيرته على محارم الله ، وحزنه على ما ينتهك منها ، وهو الرجل الذي أمضى زهرة حياته في ميدان من أجَلِّ الميادين وأشرفها وهو ميدان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ترقى فيه إلى أن وصل مديراً للفرع بمكةالمكرمة ثم مستشاراً لمعالي الرئيس العام. أأتحدث عن أدبه ولباقته مع الكبير والصغير ، مع الغني والفقير ، حتى أصبح مقرباً من الجميع كلٌ يحبه ويعرف له مكانته وفضله ، صاحب بسمة مشرقة ، ومزحة لطيفة ، ونكتة حاضرة ، ونفس جميلة متألقة. عن ماذا أتحدث ، أأتحدث عن بذله المعروف وسعيه في مساعدة الناس وقيامه لتفريج همومهم وتنفيس كروبهم فكم بذل في ذلك وسعى لمن يعرف ومن لا يعرف كل ذلك يصدر عن نفس محبة للخير للآخرين لم يعرف الحسد لها طريقاً ، ولا الضغينة فيها محلاً أو منزلاً ، ثم هو بعد ذلك كله لا ينتظر شكراً ،ولا مكافأة إلا من رب كريم جواد. أأتحدث لكم عن كرمه وجوده وبذله وعطائه؛ الذي يشهد به كل الناس، حيث عُرف (رحمه الله) رحمة واسعة بجوده وكرمه؛ فكان في بيته ضيافة لا تنقطع، للمحب والقريب، يقوم بالواجب ، ويكرم الجميع ، بل حتى في سفره يكرم الناس، ويجمعهم على مائدته العامرة ، فكان له عادة إذا سافر للقصيم ليمكث فيها أياماً أن يجمع أقاربه وأهل بلده (الهلالية) كل جمعة على مائدته ليتناولوا من طعامه، ويُسر برؤيتهم وسماع أخبارهم، مجلسٌ واسع ، وبيتٌ عامر ، وكرم مذهل ، وبذل عجيب ، وإذا دعا ضيفاً أكرمه وبذل له ما يعجز عنه القرناء ويبخل به الأثرياء. أأتحدث عن دمعته القريبة ، وإحساسه المرهف ، ووفائه العجيب ، رحمك الله يأ أبا علي ، كنت أذكر أحياناً والدي عنده فتثور دمعته ، وتغرورق عيناه ، ويتهدج صوته ، وتخرج من فيه عبارات الثناء والدعاء وغير والدي من أموات لنا وله مضوا إلى دار الكرامة ومستقر الرحمة. فرحمك الله يا أبا علي وأبدلك داراً خيراً من دارك بقرب الأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء وأحسن لنا ولأبنائك وإخوانك وأهل بيتك ومحبيك العزاء وجبر مصابنا في فقدك (إنا لله وإنا إليه راجعون). وكيل كلية الدعوة وأصول الدين للتطوير الأكاديمي بجامعة أم القرى – مكة المكرمة