«والله انك فاضي» من عجائب العرب أن هذه الكلمة تقال للشخص المشغول، فماذا لو أدركنا أننا جميعاً في هذا الوقت أصبحنا نكرر عبارات والله مشغول، أنا مشغول ...مو فاضي ..ماعندي وقت، فهل يعني ذلك بأننا جميعاً مشغولون حقاً!!! كان الفراغ فيما مضى يرتبط بالرفاهية بالراحة نشعر بالغبطة لمن يمضي يومه مرتاحا لا شغل لديه، إلا أن اليوم أصبح المشغول هو من له هيبة وتفاخر وترمز هذه الكلمة إلى مكانته ونجاحه .. تجد الأغلب يردد كلمة أنا مشغول دون أن يعي هو بنفسه ماهو الذي يشغله. إحساسك بأنك مشغول طوال الوقت هو ما يجعلك مشغولاً أكثر من ذي قبل. أصبحنا موجودين في هذه الحياة دون أن نعيشها أو نستمتع بها، فقدنا كثيراً من روابط التواصل في المجتمع بحجة الانشغال،، فعندما تحدث أحدهم يجيب على الفور أنا مشغول جداً، ليس لدي متسع من الوقت للاستماع أو الاستمتاع .. حصرنا أنفسنا في دوامة هوس الانشغال وتحت ضغط مستمر من ضغوط الحياة وضغوط المجتمع وتسارع الوقت. نعيش أوهاما غير حقيقة ونختبئ وراء الوقت كذريعة وعذر لعدم إنجازنا.. فكثيراً ما نجد الشخص لديه قائمة كثيرة من الأعمال والأولويات وينقضي به المطاف دون إنجاز أو هدف ويبرر ذلك بقوله أنا مشغول جداً هذه الأيام. يدور حول نفسه بحلقة مفرغة .. أترى عندما تحدث صديقاً لك؛ منذ متى لم نلتق؟ تجد رده بدون تفكير مشاغل الحياة أخذتنا، أنا مشغول.. بينما في الواقع لو نظرت إلى صحيفة يومه لا شيء يذكر. نحن فقط مشغولين ذهنياً تدور برأسنا الكثير من الأفكار والقرارات غارقين في المهام وليس لدينا متسع من الوقت كل ذلك بسبب فوضى ترتيب الأولويات.. خلاصة القول بأن الفاضي المشغول والمشغول الفاضي كلاهما نفس الأمر يتشاركان في ترديد كلمة واحدة أنا مشغول حتى اعتادوا عليها فقط. تلك الكلمة أفقدتنا الكثير من علاقاتنا الجميلة في الحياة مع العائلة، الأصدقاء حتى مع أنفسنا والمواهب التي نمتلكها أضعنا الكثير من الأوقات الجميلة بالانشغال. ولنخرج من سيطرة لفظ أنا مشغول علينا أن ندرك بأن العمر سوف يمضي وأن الشغل لن ينتهي وأننا إذا لم نتخذ خطوة حازمة تجاه أولوياتنا وترتيبها ولم نتعلم بأن بعض الأمور الصغيرة تستحق أن نضحي بها من أجل الأولويات ذات القيمة والأهداف فإننا لن ننجح في الاستمتاع بحياتنا. ومضة المشغول حقاً أو المنتج بلفظ أصح هو الذي يحدد له أولويات محددة ويرتب أفكاره ويترك الحديث لإنجازه ويختلق الوقت لما سبق دون أعذار. ** **