لقد اطلعت على ما نشر في جريدتكم الغراء يوم الخميس 4/8/1423ه في صفحة «وراق الجزيرة» بقلم الاخ ابراهيم بن عبدالله الهاجري بعنوان:« عمل جليل في تحقيق منار السبيل» اثنى فيه على الطبعة الحديثة لمنار السبيل والتي هي بعناية نظر محمد الفاريابي، فامتدح فيه عمله وامتدح فيه شخصه، ويؤسفني القول: ان ثناء الاخ الهاجري في كلا الامرين في غير محله، وثناء الاخ الهاجري ثناء من لم يطلع على الكتاب والتحقيق بعين البصيرة والرؤية، فتحقيق نظر لمنار السبيل وحواشيه عليه هي كثير منها مسروقة من كتاب الشيخ المحدث عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي المسمى:« التحجيل في تخريج مالم يخرج من الاحاديث والآثار في ارواء الغليل» فهو قد نقل وهذب واختصر هذا الكتاب ووضعه حواشي على كتاب منار السبيل!!، ويرى هذا بأقل مقارنة بين الكتابين، فلاسف الشديد ان الامانة العلمية فقدت في هذا الوقت من كثير ممن ينتسب للتحقيق ومنهم للاسف محقق منار السبيل في عمله هذا، فقد سلخ في عمله هذا الكتابين العظيمين «ارواء الغليل» للالباني و «التحجيل» للطريفي، وجعلهما حواشي على كتابه، وقد اشار للالباني ولكنه لم يشر ولو في موضوع عن نقله من كتاب الطريفي فقد نقله منه في حواشيه ولخص فيه جميع الكتاب بطريقه جلية!! ثم يقول الاخ الهاجري مادحاً عمل نظر الفاريابي قائلا: و«قام» بتخريج الاحاديث والآثار في مواضعها، ولاسيما ما لم يخرجه الشيخ الالباني في ارواء الغليل، بهدف ان يكون اقرب لمراد المؤلف والاستفادة منه». وهل الفاريابي في هذه الاحاديث التي لم يخرجها الشيخ الالباني الا نقالاً بالحرف والاختصار من كتاب الشيخ الطريفي، ثم يقول الاخ الهاجري بلا معرفة ودراية وفحص: «وهو في باب تخريج الاحاديث وعلومها ضليع متخصص، فلا عجب اذا اعتمدت بعض الطبعات على تخريجاته سواء نسبتها له او لم تنسبها» أليس هذا كلام من لا يعرف الكتابين جيداً، فلو تصفح الاخ الهاجري الكتابين وضح له بلا جهد مدى نقل وسرقة نظر الفاريابي من كتاب الطريفي ليتم به عمله، وقد اطلعت على مقالات متعددة في شبكة الانترنت ومذكرة فيها اعتماد الفاريابي في تتميم عمله على كتاب الشيخ المحدث الطريفي فمن حق القارىء ومن حق الهاجري ايضا ان اطلعه في هذا المقال لنموذج من النقولات «التي يسميها علماء التحقيق سرقات» في عمل الفاريابي هذا واليكم الامثلة: 1- قال الشيخ الطريفي في كتابه التحجيل معلقاً على اثر اورده ابن ضويان في منار السبيل بلفظ: «عن ابن عباس: الصعيد تراب الحرث والطيب الطاهر» قال الطريفي ص بعد تخريجه 41: «يفهم من صنيع المصنف ان قوله:« والطيب الطاهر» من قول ابن عباس وليس كذلك فقد قال الموفق ابن قدامة في المغني قال ابن عباس: «الصعيد تراب الحارث» وقيل في قوله تعالى: {فّتٍصًبٌحّ صّعٌيدْا زّلّقْا} ترابا املس والطيب الطاهر فظهر ان قوله والطيب الطاهر من قول ابن قدامة لكن شمس الدين ابن قدامة في الشرح الكبير ألحق قوله: «والطيب الطاهر» بقول ابن عباس، وحذف الآية وتفسيرها وتبعه على ذلك..» أ.ه. جاء نظر الفاريابي ناقلاً كلام الطريفي بحروفه فقال ص: «1/69»: (يفهم من صنيع الشارح ان قوله «والطيب الطاهر» من قول ابن عباس وليس كذلك فقد قال ابن قدامة: قال ابن عباس: الصعيد تراب الحرث وقيل في قوله تعالى: {فّتٍصًبٌحّ صّعٌيدْا زّلّقْا} «ترابا أملس والطيب الطاهر» فظهر ان قوله: «والطيب الطاهر» من قول ابن قدامة ولكن شمس الدين بن قدامة في الشرح الكبير: « 1/254» ألحق قوله: «والطيب الطاهر» بقول ابن عباس وحذف الآية وتفسيرها وتبعه على ذلك..أ.ه!!!! ولم يكتف بهذه السرقة من هذا الموضع بل نقل تخريج الطريفي فقال في منار السبيل:« 1/69»: (اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف:« 1/248» بلفظ الحرث بدون قوله «والطيب الطاهر».. ثم قال: وقال ابن حجر في المطالب العالية: موقوف حسن) أ.ه وهذا كلام الطريفي بالحرف. 2- علق الطريفي على اثر ابن عباس عن المستحاضة:« ما رأت الدم البحر» علق عليه ص 53 ذاكرا ممن اخرجه: (الدارمي في السنن:« 1/217» وابن ابي شيبة في المصنف:« 1/128» وابن حزم في المحلى:« 2/166».. عن انس بين سيرين قال: استحيضت امرأة من آل انس بن مالك رضي الله عنه فأمرني فسألت ابن عباس رضي الله عنهما فقال: اما ما رأت الدم البحراني فلا تصل فاذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار فلتغتسل ولتصل.. ثم قال - قال ابن حزم:« 2/198»: أصح اسناد يروى عن ابن عباس.»أ.ه. جاء الفاريابي في طبعته الثانية - وهو من قال على هذا الاثر في الطبعة الاولى:«1/81»: لم اقف عليه - جاء بكل جرأة:« 1/87» فنقل كلام الشيخ الطريفي بنصه وحروفه فقال:.. اخرجه الدارمي في سننه:« 1/217» وابن ابي شيبة في المصنف:« 1/128» وابن حزم في المحلى:«2/166» عن انس بن سيرين قال: استحيضت امرأة من آل انس بن مالك رضي الله عنه فأمرني ابن عباس رضي الله عنهما فقال:: اما ما رأت الدم البحراني فلا تصل فاذا رأت الطهر ولو ساعة من نهار فلتغتسل ولتصل وقال ابن حزم: أصح إسناد يروى عن ابن عباس»أ.ه!!! 3- علق الشيخ الطريفي على اثر عمر وعلي في عدم الوضوء من الموطيء - يعني من موطيء الارض - فقال عن اثر عمر: «اخرجه الحاكم في المستدرك:« 1/61» ثم ذكر مصادر وذكر الاثر وقال - واسناده صحيح». الفاريابي هنا وقع في هوة سحيقة وجرأة واستهانة بالقراء فقد قال في طبعته الاولى قبل رؤيته لكتاب التحجيل للشيخ الطريفي:« 1/75» قال: (اخرجه عبدالرزاق في المصنف:« 1/31، رقم 95» أ.ه!! لكن - ايها القارئ- حينما تراجع مصنف عبدالرزاق لا تجد هذا الاثر عن عمر بل تجده عن ابنه عبدالله بن عمر!!!، وحينما وقف على كتاب الشيخ الطريفي التحجيل تنبه لسوء عمله وغفلته الفاحشة، فوقع في شيء أشد منه وهو السرقة فغير تخريجه سارق له من كتاب الشيخ الطريفي فقال في طبعته الثانية:« 1/80»: (اخرجه الحاكم في مستدركه:«1/61» باسناد صحيح!!!!) أ.ه وهو ما ذكره الطريفي في كتابه. 4- قال الشيخ الطريفي معلقا على قول ابن عباس:« دلوكها اذا فاء الفيء» قال الطريفي ص 60: «اخرجه مالك في الموطأ:« 1/11» ومن طريقه ابن ابي شيبة في المصنف:« 2/235».. - ثم ذكر متنه وقال - واسناده ضعيف للجهالة في اسناده» أ.ه. جاء نظر الفاريابي ناقلا الكلام كاملاً فقال:« 1/101»: (اخرجه مالك في الموطأ «1/11» ومن طريقه ابن ابي شيبة في المصنف. «2/235، واسناده ضعيف للجهالة في اسناده)أ.ه!!! 5- قال الشيخ الطريفي في حديث المغيرة بن شعبة المسح على الخفين ص 25: «اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف :« 1/170» ومن طريقه البيهقي في الكبرى:« 1/292» من طريق.. الحسن عن المغيرة.. والحسن لم يسمع من المغيرة» جاء الفاريابي لما لم يقف على تخريجه في الطبعة الاولى نقله من الشيخ الطريفي قال ص 46: (اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف:« 1/170» ومن طريقه البيهقي في الكبرى:« 1/292» من طريق الحسن عن المغيرة والحسن لم يسمع من المغيرة)أ.ه. 6- عزا ابن ضويان حديثاً لمسند احمد وانكر الالباني وجوده في المسند، وتعقبه الطريفي مستدركاً بأنه موجود في المسند الخطوط وساقط من المطبوع وموجود في اطراف المسند لاحمد وحرر ذلك في عدة صفحات ثم قال الطريفي ص 114: (قال ابن حجر في الفتح:« 3/266» بعد ذكر اللفظين وعزوهما لاحمد: اسناده صحيح»أ.ه جاء الفاريابي وهذب كلام الطريفي ثم قال ناقلا كلام الطريفي السابق بحروفه بكل جرأة في طبعته الثانية:« 1/246»: «قال ابن حجر في الفتح:« 3/266» بعد ذكر اللفظين وعزوهما لاحمد: اسناده صحيح)أ وهذا كله في الورقات الاولى من الكتاب فقط، فأين الامانة والتحقيق من عمل الفاريابي، واين الانصاف من نقاد التراث امثال الاستاذ الهاجري كي لا يطلقوا الكلام على عواهنه من ان فلاناً فعل وحقق ودقق، وفي الحقيقة لا يعدو الا ناقلا «سارقا»، وما ذكرته امثله فان اراد القارئ الزيادة فلا يكلفه ذلك تدقيق نظر في الكتابين، اسأل الله ان يصلح احوال محققي العلم وكتبه، وان يحمي التراث وجهود العلماء من عبث العابثين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [email protected]