** لو قيست المسافاتُ بالزمن فلعلَّ صاحبَكم من آخر من التقى به وإن عرفه؛ فقد كان أبو عبدالعزيز سفيرًا ثقافيًا مضيئا خارج الوطن فترةً امتدت عقودًا. ** سمع عنه وأدرك فائق سعيه ونقيَّ وعيه وجميل تواصله مع مثقفي العرب ورموزهم المعرفية والإبداعية، كما قرأ بعض كتاباته وكتبه، حتى إذا استقرّ في الرياض بعد اغتراب ثلث قرن سعد برؤيته والجلوس معه بل ومرافقته في صحراء نجد ونيل مصر وأطلس المغرب وذرى لبنان فتكونت صداقة حميمة عوضت فترة الغياب، وأيقن أن ما سمعه عنه لا يعدو أن يكون فاصلة ضوءٍ في نصٍ ممتلئٍ بالفواصل المضيئة؛ ففوق شخصه نص باذخ، وبجانب نصوصه إنسانٌ مختلفٌ عطاءً وإيثارًا ومحبةً وجمالًا، ولتهوِ كل النصوص إلى القاع عندما تخلو من إيقاع الروح وسمو الخُلُق وأريحية النفس. ** شارك في تكريمه أول عودته ضمن مجموعة محدودة وبصورة شخصية لم تحتفل بها منابر بل بصائر، وكتب عنه كما يليق بعاشق الأرض الذي تشم معه رائحة الخزامى، ويستوطن ذائقتَك ذو الرمة، وتعرف أين عاش الزبرقان؛ فقرأ بصحبته خطوطَ الجغرافيا ودوائر التأريخ وقيمةَ المكان وجمال الزمان، ومواطنة مخلصٍ وعروبةَ منتمٍ وإيمانَ صادق، وما أجمله حين يؤمنا في صلاة جهريةٍ فنستمع إلى نديِّ صوته وعبق ترتيله فنتمنى أن يُطيل، وتعجب ممن عاش نصف عمره في الجزائر وأميركا وبريطانيا دون أن يتلوث لسانه بعجمة أو فكرُه بتحيز أو تراثيتُه بتلون. ** صديقنا الكبير الأستاذ عبدالله بن محمد الناصر المتجذر من ثرى الدرعية الشامخ كنخيلها: الكلمات لا تفيك. ** من قدَّم يتقدم.