«الكلمة» صنعة وحرفة الكاتب، والتي تمر بمراحل حتى تصل للقارئ في أحلى وأجمل حلة، فأصل الكلمة فكرة يترجمها صاحبها لتكون في عالم الوجود كلمات مسطرة تحمل فحوى ومقصداً وما يتخللها من مراحل الصياغة واختيار السياسة المتبعة في سرد الأفكار وتدعيمها بالأدلة والقصص وخلافهما.. ولكن كثيراً ما يستهان بقدر هذه الكلمة وشأنها خاصة من كان بعيداً عنها، إما اعتقاداً منه ان هذه الكلمة من سفاسف الأمور التي ينغي.. في نظرهم أن تترك أو لا يلتف إليها أو إيمانا منهم بأن مهمة الكاتب وهو يسطر بقلمه هذه الكتابات انها مهمة سهلة وبسيطة وأن في وسع كل إنسان أن يمارسها!! ولا أعلم ما هية أو كيفية طريقة تفكير مثل هؤلاء؟ ولماذا يفكر أمثالهم بسهولة مهمة الكاتب؟ أو بهامشية دور الكلمة وأثرها على المجتمع المحيط؟!قد لا يستشعر البعض معاناة الكاتب حينما يحول كلماته النابضة على سطور الورق ذلك الوعاء الذي يصب فيه خلاصة فكره وعصارة رأيه كل ذلك بنظرة ثاقبة، محاولا من خلال هذه الكلمات ايصال فكرة ما، أو معلومة، أو مناقشة قضية هي من صميم اهتمامات هذا المجتمع.وبعد هذه الرحلة المضنية في البحث عن المضمون الجيد يأتي دور البحث عن الأسلوب الأمثل والاختيار الأنسب للمفردة التي تخدم غرضه، فيما يُعرف عند أهل الاختصاص «بالشكل».إن الكاتب كغيره من أصحاب المهن يجد ويبحث ويتعب ليخدم جمهور القراء بما هو مفيد وسديد، أما ذلك الكاتب المتمرس والذي تمتاز كتاباته بالحكمة فيهو يجعل من هذه الكلمة مسؤولية تحمل على عاتقها أمانة.. فهو يصنع منها رجل أمن، أو شيخاً مُحدّثاً أو مختصاً اقتصادياً، أو مرشداً طبياً، وعلى الجميع أن يدرك الدور الكبير المنوط بهذه الكلمة في نشر الوعي، والرفع من مستوى الفرد الفكري في نواحي الحياة كافة، فهذه الكلمة متى ما خرجت من جعبة الكاتب صادقة مخلصة في شكلها ومضمونها فهي بلاشك قد قدمت خدمة جليلة لكل المتلقين لها أيا كانت هذه الخدمة.. فالعلاقة الحميمية التي تربط الكلمة بصاحبها والشعور المتبادل بينهما هو الدافع الحقيقي لخروج هذه الكلمة بهذه الصورة.وعلى العموم فهذا دور الكلمة والكاتب، أما دورنا فيتمثل في احترام هذه الكلمة المكتوبة متى ما قامت بدورها والاحترام موصول لصاحب وكاتب هذه الكلمة الواعية والتوعوية لخدمة الانسانية جمعاء مما أحوجنا الى مثل هذه الكلمات ومثل هؤلاء الكتاب.. وما أحوجنا الى مجتمع وجمهور قارئ يعي أهمية هذه الكلمة وأمانتها في هذا المجتمع.