مما أدركتُ في سني الزمن الجميل وجود خياطات من بنات البلد، يقمن بخياطة الثياب في منازلهن، فلا يكاد يخلو حي من الأحياء السكنية من وجود خياطة معروفة لدى نساء الحي وأهله. تقوم الخياطة بتفصيل وقص الثياب - من الأقمشة التي يحضرها الزبائن معهم- ثم تقوم بخياطتها بواسطة ماكينة الخياطة اليدوية وهي من نوع (سنجر) أو (أم فراشة) وهما صناعة يابانية فاخرة. أما كيفية أخذ الأطوال والمقاسات لدى الخياطة، فتكون بالقياسات التالية: الذراع، والشبر، (هو المسافة بين أصبعي اليد البنصر والإبهام بعد فردهما لأبعد حد)، والفتر (هو المسافة بين اصبعي اليد الشاهد والإبهام بعد فردهما لأبعد حد) وهناك مقاسات تكون بالأصابع وقد يكون القياس على ثوب مستعمل للزبون خاصة الرجال لاستحالة حضورهم إلى منزل الخياطة، وفي بعض الأحيان تكون القياسات تقديرية -حسب العمر أو بالوصف- أما ملابس النساء والأطفال فإنها تقاس على أجسادهم، وكثير من الخياطات يقمن بوضع (خبنة) أو (كفسة) في ثياب الشباب في وسط الثوب وفي الأكمام، والغرض من ذلك هو أن يكون الثوب مناسباً لمن يلبسه بعد سنتين أو ثلاث سنوات، فيوصف الثوب بأنه (راهي) أي ليس قصيراًً على من يلبسه وتقوم الخياطة بخياطة السراويل (للذكور والإناث) وخياطة الأكياس القماشية بأحجام ومقاسات متنوعة، ومن ثم بيعها على أصحاب الدكاكين الذين يبيعون الحبوب والبقول والعطارة العربية، ومن بقايا الأقمشة تصنع الخياطة واقيات الحرارة- التي تستعمل أثناء الطبخ وتسمى (بيزة) ومفردها (بيز) أما أسعار خياطة الملابس فإنها في متناول الجميع خاصة الأقارب والجيران، إلا أنها ترتفع قليلاً عند قرب الأعياد والمناسبات السعيدة. ويساعد الخياطة بناتها في التفصيل وقص القماش وتركيب الأزارير. واليوم وقد تطورت الخياطة الرجالية والنسائية على حد سواء، وصار للتقنية دور كبير في التفصيل والخياطة والتصميم، هل من عودة إلى (خياطاتنا الوطنيات) وقد تخرجن من معاهد التفصيل والخياطة والتطريز-كي يحللن محل الخياطين الوافدين- في مشاغل الخياطة النسائية؟ نأمل ذلك! ** **