أقامت صالة تجريد للفنون في مدينة الرياض معرضاً تكريمياً للفنان التشكيلي الرائد محمد الصقعبي، وافتتح المعرض يوم الجمعة الماضية بحضور عدد من التشكيليين والمثقفين والمهتمين في المملكة. تضمن المعرض عددا من اللوحات التي يعود تاريخها بين عامي 1970 و1980 م بعد انقطاع طويل عن الساحة التشكيلية. ومن بين الأعمال المعروضة أول أعماله الفنية التي رسمها في المملكة بعد عودته من ابتعاثه الدراسي، حيث كان من أوائل الذين ابتعثتهم المملكة لدراسة الفن التشكيلي وهندسة الديكور في إيطاليا ليتخرج في عام 1969 م. ويعد الفنان التشكيلي محمد الصقعبي من رواد الحركة التشكيلية السعودية ومن الجيل التشكيلي الأول، وشارك بالمعارض الأولى في المملكة وأسهم فيها بشكل فاعل، وعمل رئيساً للجنة الفنون التشكيلية في جمعية الثقافة والفنون في الدمام بالإضافة الى كونه مهندس ديكور في محطة تلفزيون الدمام ثم انتقل منها للتدريس الأكاديمي في جامعة الملك فيصل في الدمام . تميز الصقعبي منذ بداياته بأسلوب تجريدي جريء، حيث أحب هذه الخطوط التجريدية التي استلهمها مما حوله من بيئة ومحيط وبيوت ودمجها بمشاعر فنان عظيم متمكن أثمرت لوحات إبداعية سبقت عصرها. كما كانت له تجربة فريدة مع التشكيل بالحرف العربي واللوحات الحروفية بأسلوب خاص عبر فيه بآياتٍ قرآنية وعبارات وطنية لتشكل لوحات فريدة أثرت الفن التشكيلي السعودي. انقطع الصقعبي فترة ليست بالقصيرة عن الساحة التشكيلية ليكون هذا المعرض عودة جديدة له ويكون لتجربته أثر على الفنانين الشباب. وعند سؤال الصقعبي عن سبب انقطاعه، أجاب: عدم الظهور في الساحة الفنية ليس انقطاعا، فقد كنت أمارس هوايتي الأخرى وهي التصوير الفوتوغرافي وأرسم لكن بعيداً عن المعارض والظهور الإعلامي؛ ومما شجعني على العودة إلى الساحة ابنتي الفنانة بسمة الصقعبي، إضافة إلى الاهتمام الواضح للفنانين التجريديين والثقافة الفنية المتغيرة في المجتمع، فقد عدت إلى المملكة في أوائل السبعينات ولم يكن الفن التجريدي آنذاك معروفاً أو مفهوماً أصلاً. وقال عن أعماله الفنية المعروضة في المعرض: إن هذه اللوحات تجربة سنين طويلة من العرق والدموع والآلام والآمال، وإن أعظم سعادة للفنان أن يرى ألوانه وقد تحررت، وتجربتي في الفن تتلخص في أنني أبحث وأحاول الوصول إلى اللوحة التي تبهرني بجمالها الأخاذ وتصيبني بالدهشة والانفعال. وفي حديث مع الفنان التشكيلي علي الرزيزا عن معرض الصقعبي قال ان الفنان محمد الصقعبي من الفنانين الحداثيين في المملكة تأثر بالفن الأوربي وتشبع منه أثناء دراسته في إيطاليا، فكان علامة استفهام للفنانين الناشئين آنذاك بسبب عدم وجود جيل جديد يفهم الفن المعاصر، ولكن في الوقت الحالي زادت الثقافة الفنية لدى الفنانين وأصبحت لوحات الصقعبي واضحة بجمالها وبحدة لونها ومدلولاتها، حتى أن توقيع الصقعبي على اللوحة هو عبارة عن جزء من العمل وهو رمز فني. وهذا المعرض فرصة لعرض تجربة الفنان الصقعبي في فترة زمنية امتدت لحوالي 10 سنوات بين سبعينيات وثمانينيات القرن الميلادي الماضي لأحد رواد الحركة التشكيلية السعودية الذين كان لهم الأثر العظيم في ازدهارها كالدكتور عبد الحليم رضوي والفنان محمد السليم - رحمهم الله - وغيرهم ممن أثروا الساحة التشكيلية السعودية. ** **