صديُقك من صدَقَك لا من صدَّقك، عبارة تنطبق تماماً على حال التحكيم السعودي، الذي يجب عليه أن يأخذ بالآراء الصادقة الأمينة النزيهة، التي تأمل أن يحقق الحكم السعودي النجاح في كل ظهور، وأن يحصل على الرضا التام في كل حضور، وليس الآراء التي تتعامل مع الحكم بحسب الحالة، ومدى الاستفادة من الأخطاء، وبعد النظر إلى المتضرر والمستفيد. في الجولات التي انفضت من الدوري السعودي حصلت أخطاء بالجملة من الحكام، ولم يبق فريق لم تمس الأخطاء حقوقه، والغريب أنها أخطاء واضحة ومتناقضة، وما هو خطأ اليوم يكون لعبة صحيحة غداً، وما هو ممنوع يصبح مسموحاً به، وما كان متعمداً يتحول إلى بدون قصد، يحدث ذلك كله في ظل وجود تقنية الفار وتكرار المشاهدة ومراجعة القرار، وإمكانية تجاوزه وتفادي الوقوع فيه، لكن ذلك لم يحصل للأسف، وأملنا أن يحصل في قادم الأيام، فالجميع بالتأكيد مع الحكم السعودي، ونجاحه جزء مهم من نجاح المنظومة الرياضية والمنافسات المحلية. لجنة الحكام معنية بما يحدث وهي ترى تكرار الأخطاء، ومن المؤكد أن واجبها التقويم والإصلاح وليس الدفاع عن الحكام وتبرير أخطائهم، فالمشاهد اليوم مطلع ويعرف كيف يفسر القانون، ولا يمكن أن تمر عليه بعض المواقف أومحاولة تمريرها عليه، والقانون في كرة القدم واحد لا يمكن تفسيره بأكثر من تفسير، رغم أن الجميع بات يلحظ من بعض المحللين تفسيرات غير واضحة أو متباينة في بعض المواقف، مثل اليد الثابتة والمتحركة، التأثير على اللعبة، زاوية الرؤية، الركل بتهور وبدون تهور، الملامسة من عدمه، من بحث عن من الكرة أم اللاعب، اليد الممدودة أو الملاصقة للجسم، وتقدير الحكم، حيث تُساق هذه المبررات مرة وتغيب مرة رغم أن الحالات متشابهة، ومثل هذه العبارات يجب ألا تخالف نصوص القانون، وألا يخضع تفسيرها لرأي حكم أو مزاج محلل، فحقوق المتنافسين يجب ألا تضيع بين رأي هذا ومزاج ذلك، بل تُحفظ بالقانون الذي يفترض أنه يعطي كل منافس حقه المشروع بالكامل. «أجمع المحللون على أن الحكم لم يعط الفريق حقه» عبارة لا تسمن ولا تغني، بل ربما تزيد الاحتقان وترفع مستوى الاستفزاز للفريق المتضرر وجماهيره، ماذا يعني عندما أعرف أن الحكم قد بخس الفريق حقه، دون أن يُحاسب، وما فائدة أن يحاسب بالإيقاف جولة أو جولتين ثم يعود وكأن شيئاً لم يكن؟ خاصة وأن حق الفريق لا يمكن أن يعود وربما فقد كل فرص المنافسة أو النجاة من الهبوط بسبب قرار لم يكن في محله. تحليل أداء الحكام في بعض البرامج الرياضية لم يضف جديداً ولم يسهم في نشر الثقافة الرياضية للأسف، هناك محللون يمارسون التسطيح في الرأي ويحكمهم في ذلك الميول، كيف يمكن لمشجع عادي أن يأخذ برأي محلل يجاهر بميوله؟ أو سبق أن اعترف بأخطائه، أو يعرف الجميع أنه لم يلامس درجة النجاح ولم يقترب منها عندما كان حكماً؟ وكيف يمكن قبول آراء متناقضة بين يوم وليلة، أوآراء متنرفزة تغضب عند أي نقاش أو اعتراض، بل كيف يمكن قبول آراء محللين يناقض أحدهما الآخر في برنامج واحد، مع أن اللقطة واحدة والحالة واحدة والقانون واحد!! حصل الحكم السعودي على الفرصة التي انتظرها بعد أن سجل الحكم الأجنبي حضوره في مواسم سابقة، يحدث ذلك دون ضغوط وبمدرجات خالية، بما يساعد على النجاح وتحقيق المأمول منه، فهل يتمسك بهذه الفرصة، وهل يسعى لتفادي الأخطاء، وهل لدى لجنته ما يساعده على تطوير مستواه والرقي به ومحاسبته على أخطائه، أم يفرط بها... وربما لا تعود له من جديد مرة أخرى؟