فتحت المدارس ذراعيها مؤخرا لاستقبال فلذات الاكباد من طلاب وطالبات وأحاسيس الآباء والأمهات النبيلة والجميلة تتكاتف في الوجدان لتصور بريقا متوهجا من الحب والحنان لهؤلاء الأبناء. هرولت بين الطلاب والطالبات عبارات كل عام وأنتم بخير، كلمات تشع جوا من المودة بين الجميع ورغبة جامحة داخلهم يغلفها شوق ومحبة بعد انقطاع دام عدة أشهر. التقى الطلاب بمعلميهم في صباح دراسي ينظرون بأمل مشرق الى مستقبل زاهر لخدمة الدين ثم المليك والوطن، ولكن ثمة اطفال مستجدون وطفلات مستجدات زهرات يانعة تحلق بأجنحة البراءة صوب مدرسة جديدة بالنسبة لهن لا يعرفن عنها سوى أنها (مدرسة) فالابتسامة تعلو محياهن من أول يوم فكأنهن بلابل مغردة بأحلى وأعذب الألحان. ما أجمل تلك الطفلات وهن يحملن في داخلهن براءة الطفولة وفرحة العلم، في أعينهن فرح وبهجة فهن يرين أن المدرسة بيتهن والمعلمة أم لهن. رأيتهن كاسراب الطير صغيرات الجسم نظيفات القلوب لم تكدر الدنيا بعد صفوهن تنظر اليك احداهن بابتسامة كلها براءة مع أنها لأول مرة تراك وكأنها تعرفك منذ سنوات.. أسئلة بريئة كبراءتهن يطرحنها على معلمتهن واللاتي يتشبثن بها من اول يوم وكأنها أمهن. لقد ودعت تلك الصغيرات أمهاتن صباحا بابتسامة كلها أمل وتفاؤل بمستقبل دراسي حافل بالجد والنشاط ولسان حال هؤلاء الأمهات يدعو لهن بمثله دموع تساقطت من عيون الأمهات ومشاعر غريبة مختلطة من حب لهن وخوف عليهن ورحمة بهن إنها مشاعر الأمومة التي أودعها الخالق جل وعلا في نفس الوالدين خصوصا الأم. لقد وضعت هذه الأم أغلى ما تملك امانة في عنق المدرسة منذ خروجها صباحا إلى حين عودتها فماذا عسى المدرسة أن تفعل؟ إن مسؤولية المدرسة والمعلمة على حد سواء مسؤولية مشتركة في تشكيل بنية تلك الصغيرة إنها أمانة عظيمة عجزت عن حملها السماوات والأرض فكيف ببني الإنسان.. فإليك أيتها المعلمة يا من حملت الأمانة العظمى إليك يا من فُضلت على الكثير وأصبحت منارا للعلم والمعرفة اليك همسات اهمس بها في أذنك مع علمي مسبقاً بأنك اهل لذلك وإلا لما اخترت معلمة ومربية فاضلة. إن غاية مقصدي ومهجة فكري أن تكوني أعظم معلمة لأنك تحملين رسالة عظيمة فأوجدي الحلقة المفقودة بينك وبين طالباتك ارسمي لهن طريق النجاح ولا تعتقدي ان واجبك ينحصر في تلقين المعلومات فقط بل يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك. لقد غرست أشجارا صغيرة أوراقها الجمال والحياء وغصونها الأخلاق والفضيلة فارعيها وراقبيها حتى تثمر وتؤتي أكلها كما تريدين. اهتمي بشخصياتهن واخفضي جناحك لهن واجعلي الكلمة الحسنة شهداً تزيح عنهن غيوم الأسى وآلام الامتحان والدراسة. وأخيرا: لا تنسي ان المرح واحة أمل وان التفاؤل سر السعادة فازرعي في نفوسهن الأمل واجعلي منهن شمساً تشرق كل صباح ترسل أشعتها الذهبية على الكون بأكمله رعاك الله وسدد على طريق الخير خطاك وأعانك على حمل الأمانة التي اسندت اليك آمين. وللعزيزة الجزيرة خالص التقدير.