قضت معلمتنا معنا عام ونصف العام كانت بمثابة الأم الحنونة والمربية الفاضلة كانوا طالباتها يحنون اليها حينما ينقضي اليوم الدراسي كانوا يتطلعون لخيوط الفجرالجديد أن تنسج أشعتها الذهبية للذهاب لمدرستهم شوقاً لتلك المعلمة الفاضلة كانت العقبة التي تواجه بعض الأمهات قيام صغيراتهن في الصباح الباكر وكانت الشيفرات ذات المفعول المؤثر عدة كلمات مايلبثن وينطق بهن الأمهات إلاوينهضن صغيراتهن مسرورات فرحات ( يالله راح تقابلون أبله ( خ ) يالله على شآن ماتزعل منكم أبله ( خ ) كانت شيفرات محببة مضت الأيام السعيدة سريعة ، وهيهات أن يدوم الفرح كما هي الأحزان تركتهم معلمتنا نهاية ذلك اليوم مودعة إيانا ببضع كلمات لم نفهم منها نحن الصغار سوى أن معلمتنا سوف تتركنا لم نُعر بالاً لذلك الكلام فنحن نعرفها جيداً فكلما غضبت منا هددتنا بالرحيل وسرعان مانعود في اليوم الجديد فنجدها أمامنا بابتسامة عريضة وحب كبير وعطف يضاهي المبنى بأكمله ذهبنا في ذلك الصباح الباكر قاصدين مدرستنا ومعلمتنا القريبة إلى قلوبنا مضى الوقت تلفتنا يمنة ويسرة لعل وعسى أن نراها في ذلك المكان الذي كانت تستقبلنا فيه الوقت يمر لكن دون ان يمر حتى طيف معلمتنا تهامسنا نحن الصغيرات أبلة ( خ راحت من عندنا ) قالت إحداهن : لا ماراحت تكذبون أبلتنا تحبنا وماراح تخلينا !! صحت فيهم غاضبة وحزينة قالت بعد ان أغروررقت عيناي بالدموع الأبلة بنحصلها في الصف اندفع جميع الطالبات خلفي متجهين لصفنا الدراسي ولكن كانت الفاجعة لم نجد غير تذكارها على السبورة الدراسية ( تاريخ هجري وعنوان درس يوم أمس في مادة لغتي ) !! عم الهدوء نفوسنا نحن الصغار ايقنا الجميع أن كلام معلمتنا يوم أمس لم يكن مزحة ككل مرة ترغب فيها ممازحتنا . بدد ذلك الهدوء المميت صوت معلمة أخرى تدخل للصف وتنهرهنا بالاستعداد لبدء درس مادة أخرى كان تفكيرنا جل هذه الحصة خارج الدرس فعين مع المعلمة وعين. على الباب لعل وعسى أن تفاجئُنا عزيزتنا الغائبة بطلتها ،، يمضي الوقت صعباً على أطفال رحلت من هي في مقام أمهم للعمل في إحدى المدارس الأخرى ،، انقضى أطول يوم في حياتنا عدنا لمنازلنا على غير العادة يعلوا وجوهنا الحزن البالغ بعد أن كانت عودتنا فرحين مسرورين نتنقل كالفراشات فوق غصن الريحان ،، بدأ مسلسل المعاناة يزداد يوماً يشرق صباحه فهذه طفلة ترفض الذهاب للمدرسة وأخرى تبكي وثالثة تذهب للمدرسة مرغمة إنقلب حالنا رأساً على عقب لم يمت الأمل في نفوسهنا رغم الألم الذي كان يعتصر قلوبنا كنا نردد غداً سوف تعود معلمتنا ( ماأضيق العيش ياسادة لولا فسحة الأمل) كالعادة ندخل باب مدرستنا والوجوم يعلوا محيانا نجلس أمام ذلك الباب ننتظر دخول معلمتنا ولكن هيهات ثم هيهات ، كنت أكثر الصغيرات تعلقن في معلمتي أسرح بخيالاتي كثيراً مع خروج معلمة إحدى المواد تبادر إحدى الطالبات بمسح السبورة صحت فيها بحزن يا (…. ) في إشارة لزميلتي لاتمسحي ماتبقى من ذكرى معلمتنا ( التاريخ وأسم المادة )، غداً يوم أخر في المعاناة ولكن البشرى قد زفت لي مثلما زفت لبقية زميلاتي، قالت لنا إحدى صديقاتنا ياداليا أبلة ( خ ) في المبنى الملاصق لسور مدرستنا يالها من بشرى سارة كدت أن أطير من الفرح تسللت بعذر لطيف من معلمتي التي تجلس أمامنا بالقول : لوسمحتي هل بالإمكان ان أذهب يامعلمتي لشراء علبة مياه ؟؟ لم تترد معلمتي في السماح لي بالخروج خرجت وكأن الحياة قد عادت سوف أرى معلمتي سوف أناديها فتعود لنا الأن سوف أخذ بيدها لندخل الصف وتكون مفاجأة لكل زميلاتي اتجهت للسور وهي لم أكن أعل أن المسافة بيني وبين معلمتي أكبر بكثير من سور يفصل بيننا ،، لم استطع حينها أن أرى شيء وبعد جهد كبير شاهدت ثقب من باب يفصل بين المبنيين اخذت أنظر من ذلك الثقب ولكن الأمل أضحى سراب ،، المعلمة ذهبت للعمل بعيداً قلوب زميلاتي الصغار تخفق مع كل نسمة هواء بالدعوات الخالصة بأن يعيدها الله لهم في كل لحظة تخالجهم الأمال والأحلام ،، أسرعت الأيام ثقال تفرق زميلاتي الصغار بتوزيعهن بين الفصول تركوا فصلهم الذي كان يجمعهم بمعلمتهم تركوا الأحلام تركوا الذكريات تركوا كل شيء جميل يربطههم بمعلمتهم ، ذكريات لم ولن تمحوها السنين ،، أين أنتِ يامعلمتي ياشمس أشرقت في نفوسنا خلال عدة أيام مضت اليوم ارها بدات تلملم خيوطها وتستئدن بالرحيل وقبل ان يحل ظلام الفراق بأحزانه وأشجانه أين أنتِ يامعلمتنا يامن أحببتها واحبها الجميع أين ذهبتي يامعلمتنا بعد أن وضعتي اللمسات الأخيرة على وثائق مستقبلنا لماذا بدأنا نطوي صفحات اللقاء ونتدكر مامضى اليوم تزدحم في بحر أعماقنا فراق حزن ذكرى وفرح ؟؟ يرجّعه صدى, وبمعنى مبهم لا يفهمه أحد ؟ لماذا انقضت تلك السنون ؟ وانطفأت الومضة وأغطش الليل, وتبدد الحلم ِ؟ القلوب قبل العيون لتنزف يامعلمتي، إن مادة ( لغتي ) كون محدود وأنت من ترجمتي النهاية؟ إن من يعرف حالنا يامعلمتي معك من معلمات وأباء وأمهات وزميلات وصديقات وحالنا بعدكِ يعرف كيف أنقلب الحال والحال رغم إماننا بأن بقاء الحال من المحال حال الجميع بعده. نُشهد الله ( يامعلمتنا ) أننا قد تجرعنا بعدك العناء. لقد اصبحتِ جزاءً من مدرستنا فحبنا لكِ يزداد يوماً بعد يوم وشوقنا للقياك لن تمحوه الأيام والسنون سنظل ننتظرك لعل لعلنا نلتقي بكِ ننام يامعلمتنا والشوق لك بأن نراك في الأحلام فلاتحرمينا مرور طيفك