لفت ذلك الاهتمام بالخبر «نشراً وإبرازاً وتعليقاً» الانتباه إذ تزامن ذلك مع الدوي الكبير الذي كان أحدثه تقرير البرنامج الدولي للتنمية التابع للأمم المتحدة بعنوان «التنمية الإنسانية في الأقطار العربيةو..». كان التقرير رغم صفته الدولية قد حمل حملة شعواء على الاقطار العربية وجردها في الجانب الفكري والثقافي عن أي محمدة أو أدنى إنجاز وخص أقطار الخليج العربي والمملكة العربية السعودية «ضمناً» أوصاف التخلف الحضاري ملمحاً إلى أن الطفرة البترولية التي كانت حققت القفزات الضخمة: جاءت وانتهت دون أن تحقق تنمية ولا حضارة رغم أنها حققت «ثراء مالياً». وهكذا وجد الباحثون من رواد مركز الملك فيصل في الإشارات القوية التي حركتها صحيفة «الجزيرة» ابتدار مواجهة ما لتلك الحملة الشرسة «المفاجئة» التي اتخذت من المؤسسات الدولية ستاراً وتخفت تحت لافتة «تقرير عن التنمية البشرية في الأقطار العربية». وكما ألمحت الصحيفة وهي تحتفي بالجائزة العلمية في التراث والثقافة الإسلامية تخفي بطرفيها المانح والممنوح له أي بالمؤسستين العلميتين العربيتين المسلمتين في مجال علمي «عالمي» يتصل مباشرة بالتنمية البشرية بمستوياتها العصرية المتقدمة كأنها «إياك أعني واسمعي يا جارة» تبتدر «الرد» والمواجهة على الحملة المفاجئة والتي بدت وكأنها امتداد مخطط له ضمن تداعيات ما بعد أحداث واشنطن والنيويورك - مناخ العداء المتغطرس الشرس للعروبة والإسلام. فهذه الحملة التي صممت على أساس «تجريد» الأقطار العربية: تجريدا قاسياً صفيقاً عن أي إنجاز تنموي يتصل بالفكر والثقافة وبناء الكوادر البشرية ذات التأهيل والتنمية الحداثية بمستوى العصر ومتطلباته: وأنها أقطار ظلت طوال العقود تحرث في البحر؛ وكأنها تعيش ذات بهارج:ألف ليلة وليلة ذات الصور الذهنية الفلكلورية الشائهة التي شادها التصور «الإفرنجي» بجذوره التعصبية «المذهبية والأثنية» ضد العروبة والإسلام وما يتصل بهما في بلاد الشرق و... هكذا إذن مشاعر الانتقاص والتعدي الفاحش: التي جاء بها التقرير عبئت الأنفس - ثم جاء «التزامن» مناسبة إعلان فوز مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث بالجائزة العلمية الهامة، هذا المركز السعودي المتقدم المفتوح أبوابه طوال ساعات النهار والليل أمام الباحثين في كل مجالات الفكر والثقافة العربية والإسلامية فاختياره نموذجاً على المستوى العربي والإسلامي متقلداً جائزة هذه الدورة في مجالات التراث وخدمة الثقافة الإسلامية. هذا كله حفز الباحثين من رواد المركز لإعداد خطة تدارس «أولي» ناقد لتقرير البرنامج الإنمائي توظف له الإمكانات والإمكانيات البحثية والإحصائية والمعلوماتية والمنهجية التي يوفرها هذا المركز العلمي المتقدم. هكذا بدأ هذا التدارس والذي نقدم ملخصاً لأطره العامة على النحو التالي: أولاً: في جانب ضعف المصدرية والمنهجية: بالرجوع إلى المختزن الأرشيفي، ومواقع الإنترنت ذات الاتصال: وبالرجوع للوثائق والتقارير عن الجهود التنموية العربية وتقارير وكالات الأممالمتحدة «السابقة» في هذا الشأن وتقارير البرنامج الإنمائي «حوالي 35 تقريراً» «مسابقة» ولكنها أحادية عن كل قطر على حدة وبالرجوع إلى المادة ذات الاتصال بمفاهيم التنمية الإنسانية وغير ذلك مما تذخر به مواعين ومحفوظات ومكتبات المركز تبين التالي: «أ» المجافاة الواضحة لتلك الذخيرة في المنهج والخطة ونمط المعالجة: فالمنهجية بشكل عام فيما سبق من تقارير «مماثلة» كانت تعتمد منهج دراسة الحالة بتركيز على الاستطلاع والاستقصاء وتجميع المعلومات ذات الحالة القصوى من مصادرها الأوثق «الرسمية» وكذلك «العلمية البحثية» ثم تبني الخطة بشكل غالب على أجزاء ثلاثة الجزء الأول الطرح العام - الجزء الثاني التدارس والتحليل- الجزء الثالث بلورة النتائج وتقديم التوصيات والمقترحات. هذا ما جفاه تماماً هذا التقرير في هيكلة الخطة وكذلك وبشكل غريب في أسلوب جمع البيانات إذ اعتمد معلومات وإحصاءات قديمة وبعضها تم تجاوزه بمعلومات أحدث وأدق اعتمد في ذلك على وكالات الأممالمتحدة في الأساس ولم يهتم بالجهات الأوثق المعنية مباشرة ولا بالمعاهد والمراكز العلمية في الأقطار العربية، كما لم يهتم بإنجاز هيكلة لخطة التقرير ومنهجه ولذلك جاء مهزوزاً في المنهجية وفي مجمل الطرح والتناول وغلب عليه طابع القفز العجل لتقرير نتائج وكأن ذلك هو هدف الأساس، ووضح أن «التشهير والإدانة والتحقير» كان هدفا أخضع لخدمته مسار الدراسة وجمعت المعلومات بانتقائية معيبة فقط لتوصل لخدمة هذه الغايات. الأمر الغريب الذي كشفت عنه الدراسة المتتبعة لما سبقها من تقارير وبحوث ودراسات «نوعية» مماثلة إن هذا التقرير «بالذات» اتبع فيه برنامج الأمم الإنمائي «الأساسي» أي «غير الإقليمي المختص فقط بالمنطقة العربية» اتبع توجهات «بحثية» خاصة بمبادرة مباشرة من المدير العام «مارك براون Mark boun إذ قرر تكوين فريق بحثي «خاص» معظم أعضائه من خبراء وتكنوقراط عرب من العاملين مع هذه المنظمات والوكالات والمعروفين «تماما» لديهم وبالفعل - تكونت لجنة أي فريق بحثي من هؤلاء من غلاة العلمانيين معظمهم لم يعد له صلة ببلادهم إذ يمارسون العمل بالمنظمات والوكالات وبعض المؤسسات بالخارج خاصة بالولاياتالمتحدة والأقطار الأوروبية. نذكر من هؤلاء : «عاطف قبرصي، انطوان زحان، كلوفيس مقصود، برهان غليون، نادر فرجاني، زياد قرير، أسامة الخولي، ريما خلف، وهكذا و....» فيما كان الأمر في الجهود والتقارير «اللوعية» المماثلة تضطلع به بالأساس الدوائر المحددة المختصة داخل البرنامج الإنمائي بالتنسيق مع العاملين في المكتب الإقليمي «المختص» وهؤلاء يتكونون من مختلف الجنسيات. هكذا «ومنذ البداية» أصبح الأمر واضحاً وبصورة بالغة الركاكة فالفريق البحثي إذن «شماعة» أو خيال ما تاه أو واجهة خادعة لتنفيذ المخطط. بل إن بعض هؤلاء لهم مواقف معلنة تبرؤاً من أصولهم وثقافتهم بل لم يطل الوقت ومنذ ردود الفعل الأولى «غضباً واستهجاناً» التي عمت المنطقة العربية منذ الإصدار الأول للتقرير حتى تكشف الأمر إذ نقلت وكالة رويترز العالمية عبر رسائلها ومواقعها بالإنترنت الاعتراف المباشر والفج حين ذكر ذلك المدير العام للبرنامج الدولي بالأممالمتحدة وهو مارك براون Mark Broun قال بالحرف: «إن الموجة العارمة التي تفجرت في العالم العربي غضباً واستهجاناً لا يسأل عنها صندوق الأممالمتحدة العالمي ولا حتى المكتب الإقليمي للبرنامج الإنمائي ذلك أن الذي كتب التقرير كله هم لجنة مستقلة مكونة من خبراء كلهم من ذات الجنسية العربية... إذن والحديث لا يزال لمارك براون mark Broun فإن النقد القوي للحكومات والأقطار العربية كما عبر عنه التقرير هو صادر من نفس العرب سواء مؤسساتهم كالصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والذي شارك مشاركة فعلية ضمن اللجنة أو سواء من جانب الفريق البحثي المكون من ذات الجنسية العربية ولم يكن بعد ذلك ممكناً لنا في البرنامج الإنمائي إلا أن نتبنى التقرير كله بما فيه من نقد للحكومات وللأقطار و...» وكتبت صحيفة «الواشنطن بوست» عن المناخ القاتم الذي أشاعه تقرير البرنامج الائتماني عن التنمية الإنسانية في المنطقة العربية وتحدثت كذلك عن الآثار السلبية لهذا التقرير المثير للجدل فقد تسبب بعكس الأهداف التي من أجلها أنشأت الأممالمتحدة هذا الصندوق في خلق مناخ نفسي قاتم وقابض في المنطقة العربية وعبرت الصحافة العربية عن خيبة الأمل بل ذهبت فاعتبرت الأمر حلقة أخرى جديدة من حلقات مسلسل الاعتداءات الأيدلوجية الموجهة للعروبة والإسلام منذ أحداث التفجيرات في الولاياتالمتحدة وهو عداء تعتبره الصحافة العربية متصلاً بالصدام والصراع الحضاري بين الحضارة الغربية بأصولها اليهودية الإسرائيلية والمسيحية الصليبية وبين الحضارة الشرقية بأصولها العربية والإسلامية. أما الصحافة العربية «نفسها» خاصة صحيفة «الحياة» فقد عبرت عن الشكوك وعن الأهداف «الخضبة» التي وظف لها ذلك التقرير في استفادة خبيثة من وضعيته كوثيقة صادرة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة كما تحدثت عن «التحايل» المقصود حين ضم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لذلك العمل. بذلك ذهبت الحياة فنقلت الإفادات والاعترافات العلنية كما نقلتها مواقع الإنترنت لبعض المشاركين من الخبراء العرب في ذلك التقرير. نقلت عن الدكتور عاطف قبرص قوله: «إن العالم من حولنا يتغير والرئيس الأمريكي «بوش» كما فرض على الفلسطينيين الإصلاحات المطلوبة سوف يفرض ذلك على الحكومات والأقطار العربية لذلك جاء التقرير مستبقاً ذلك ليكون الأمر بيدي لا بيد عمرو وخير من القسر الدولي أن نتقبل اقتراحات الخبراء العرب عن الإصلاحات التعليمية والسياسية والاقتصادية المطلوبة و...» وهنا تذكر الصحيفة العربية «الحياة» الغراء بأن رئيس قسم الاقتصاد في جامعة ماكشاير في كندا علق على هذا التقرير قائلاً: «لا خيار للعرب فإن لم يبادروا بالاصلاحات الديمقراطية والتعليمية وأوضاع المرأة فإن ذلك سوف يفرض عليهم فرضا بحسب الأجندة الموضوعة من قبل قوى الهيمنة الدولية» ثم تذكر الصحيفة أن الخبير العربي الدكتور عاطف قبرص أحد المشاركين في ذلك التقرير قال في التقرير الذي وزعته وكالة رويترز العالمية عن ردود الفعل التي حدثت.. قال ذلك الخبير العربي: «إن العالم بعد 11 ايلول «سبتمبر» مشتغل بتحرك ولا يمكن للعالم العربي أن يبقى جامداً وما جاء به هذا التقرير هو إطلاق لصفارات الانذار فان الاصولية الإسلامية تنتشر وتتمدد وهناك خطاب مشوه فإن لم يتحرك العرب فسوف يفرض عليهم الأمر فرضاً و...» هنا لا تملك الصحيفة العربية إلا أن تقول: «هذا التقرير إذن عمل مشبوه: في توقيته وفي أطروحاته وفي خلفياته فهل يا ترى هو بالفعل خطوة تمهيدية لنوعية التعامل القادم مع الاقطار العربية و... و...» وكانت الصحيفة «نفسها» قد أوردت ضمن تقرير وكالة رويترز العالمية ما كتبته الصحيفة الإسرائيلية «جيروز الام بوست» حين ذكرت أن كلا من إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية: تدرسان السبل العملية لتطبيق الرؤية الأمريكية لإصلاح المشرق الأوسط وذلك حتى يتم تجفيف المنابع واجتثاث الجذور للتطرف والإرهاب و.. و.. راجع أعداد «الحياة» 7 و 8 و9 يوليو 2000م. ثانياً: في جانب: الضعف المخل في المضمون وسطحية النظر والمقترحات: ربما يمثل الرأي الذي قال به وزير الدولة اللبناني لشئون التنمية الوزير «فؤاد السعد» في الندوة التي أقيمت لمناقشة هذا التقرير بوصف لبنان هو الرئيس للدورة الحالية لجامعة الدول العربية قال: إن التقرير مبتسر تماماً وضعيف في المضمون ذلك أن الاقطار العربية وهي جزء من كتلة العالم الثالث الساعي للتنمية والتطور لا يخفى أوضاعه والمستوى الحقيقي القائم في مجمل الأوضاع التنموية ولكن العامل الأساسي في الخلل التنموي الذي تعيشه المنطقة العربية يرجع لعامل فرض عليه منذ أن نشأت إسرائيل عام 1948م والحروب المتصلة التي واجهت الأقطار العربية بالأوضاع القاسية التي دخلها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج واتصال ذلك بشكل يومي بالأوضاع الداخلية في الأقطار العربية حتى أصبحت قضية الأمن القومي والصرف على السلاح وحماية الأمن هي محور الأساس. ولولا قيام هذه الدولة ولولا العجز الذي لازم المجتمع الدولي وهيئة الأممالمتحدة في مجرد إلزام إسرائيل بتنفيذ ذات القرارات الصادرة منذ عام 1948م بشأن القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.. لولا ذلك لكانت أوضاع التنمية في جميع الأقطار العربية قد وصلت الآن المستوى المشرف المستحق تماماً. ثم علق الوزير: وهذه نقطة الضعف الأساسية في المضمون وفي الطابع العام الذي حكم هذا التقرير وأنزله منزلة الضعف العام و... أ - الضعف في المضمون (المنهج): حسب أبحديات البحوث والدراسات العلمية فإن قوة الجهد البحثي يحققها المنهج والمنهجية الصحيحة وبالنظر لما طرحناه سابقا من حقائق مع بداية هذا التناول تحت عنوان ضعف المصدرية والمنهج وحيث تركز الضعف في: - اهتزاز في المنهج وخطة البحث منذ البداية خروجاً على تجارب المؤسسات الدولية في هذا المجال. - الضعف في النمط المنهجي في مرحلة تجميع المعلومات وما ترتب عليه. - النوايا «الخفية» المسبقة والتي سيق البحث سوقاً لكي يخدمها. - عدم التوازن في الدراسة ومسارها العام وما توصلت إليه من اطروحات وما قدمته من مقترحات. - الموقف الأيدلوجي الموغل في العلمانية والجاهل بالمنظور الحضاري الإسلامي للتنمية ومفاهيمها. * تركز الدراسة حول «جذور القصور بمستوى الفشل» في جميع الأقطار العربية على الجهود التي شهدتها الحقب التنموية الثلاث «1970 - 2001م». وهذا الفشل في جهود التنمية بهذا «القطع» تعميم بالغ الفحش لم يقدم له هذا التعميم في حيثيات بل هو يتناقض تناقضاً مع وثائق الأممالمتحدة ووكالاتها ذات الصلة بالنسبة لجهود التنمية في الأقطار العربية ويمكن الرجوع لهذه الوثائق بارشيف مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. نذكر من هذه الوثائق التالي أرقامها: م عنوان الوثيقة الرقم 1 تقرير البرنامج الإنمائي عن جهود التنمية في الإمارات ودول الخليج 157369 2 الخطة التنموية في المملكة العربية السعودية 172481 3 التجارب التنموية «عن البرنامج الإنمائي» 172481 4 استراتيجية التنمية في الأقطار العربية 157379 5 الجهود العربية ومفاهيم التنمية البشرية 182648 6 التعليم في العالم العربي «حق المعرفة وحق الأمل» 174757 7 التعليم في الخليج العربي 179905 8 خطط التنمية العربية 19077 9 التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقطار العربية 142621 ومجمل ما توثقه هذه الوثائق يتلخص بشكل عام كالتالي: - التوثيق لتجارب التخطيط التنموي الحديث عبر الخطط والبرامج كما أخذت به جميع الأقطار العربية. - التركيز القوي على ما حققته البلاد العربية خلال حقب التنمية الثلاث «1970 - 2000م» من إنجازات مع التوثيق للإخفاقات وللأسباب التي أدت إليها. - مستوى القفزة والطفرة الإنمائية التي حققتها دول الخليج العربية «عامة» في توظيف رشيد للثروة البترولية بما نقلها تنموياً للمستويات العصرية في البنيات الأساسية وفي تنوع الإنتاج ومصادر الدخل. - المتابعات الموثقة للجهود الضخمة والشاملة لهذه الجهود على مدى هذه الحقب «1970 - 2000م» مع البيانات الإحصائية للإنجازات وكذلك الاخفاقات. وهذه الوثائق الصادرة عن البرنامج الإنمائي «نفسه» أو عن «اليونسكو» لم يستفد منها هذا التقرير وتعامل معها «انتقائيا» وبذلك خرج خروجاً في مجمل المضمون وكان التعميم وإطلاق الأحكام القاسية المنقصة للحقائق وللإنجازات. التقرير وخلاصة النتائج: أما خلاصة النتائج التي قادت تلك الوقائع المغلوطة التقرير إليها فقد أشير إليها في محاور ثلاثة باعتبارها «نواقص» تشكل جذور معضلة التخلف في العنصر البشري.. هذه المحاور أو النواقص هي: 1 - مشكلة في نقص الحرية: فقد جمع الأقطار العربية جميعها تحت هذا العنوان واعتبرها نظم «تولاتارية» أو «سلطوية» حريات الناس في التنظيم والتعبير معدومة أو تكاد ولا توجد ديمقراطية ولا مؤسسات دستورية ولا حقوق للمواطن وبذلك انزل العرب جميعاً جميع أقطارهم منزلة قصية دون أن تعني ذلك على أي حيثيات مفهومة. 2 - مشكلة في وضع المرأة: وبذات المفهوم الرائج في مفاهيم الأوربيين والأمريكيين المرأة وأوضاعها والصور الذهبية النمطية «الموروثة» عندهم للمجتمعات العربية أطلق التقرير الأحكام عن انعدام «الحقوق» للمرأة: كل الحقوق الإنسانية البشرية والقانونية الدستورية وحقها «مواطنة» أو عاملة ومنتجة. وبذلك اعتبر ان نصف المجتمع معطل فكيف يمكن أن تكون تنمية خاصة في جانب التعليم لم يهتم بحقائق الواقع فيذكر الكثير الذي تحقق ويشير للنواقص ولكن الإدانة كانت قاسية وشاملة. 3 - مشكلة نقص المعرفة: وهذا العنوان هو المحور الذي قصد التقرير به جانب المستوى التأهيلي التدريبي والفكري والثقافي المتاح للبشر في المجتمعات العربية ولكن وبذات النهج التعميمي ودونما ارتكاز على بيانان ومعلومات حقيقية أعطى التقرير انطباعاً بأن العرب في أقطارهم في مرحلة متخلفة تماما عن بقية البشر تقوقعاً وتحجراً وجهلا بالعصر وفكره وقياداته وانعدام تواؤم مع الثقافات والمعطيات الحديثة هذه هي النواقص. المقترحات: أما المقترحات للإصلاح فقد جاءت هكذا بذات الترتيب للمحاور المطلوبة «محملاً» إصلاحات كما يقترح التقرير في الديمقراطية ونظم الحكم والمؤسسات وإشاعة الجمعيات بالنسبة للمحور الأول- أما المحور الثاني فإطلاق الحريات والحقوق للمرأة لتكون كالمرأة في أوروبا وأمريكا. أما المحور الأخير «المعرفة» فقد حذر من الأصولية الإسلامية لذلك يقترح «إبعاد الدين» عن التعليم والمناهج والثقافة وإحلال العلمانية كاملة في حياة الأقطار العربية. هذا هو التقرير في دراسة «أولية استطلاعية» اعتمدت على الإمكانات الوثائقية والبحثية التي يوفرها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في تسجيل لمناسبة الجائزة العلمية التي حققها هذا المركز العلمي المتقدم لاسيما وهيئة اليونسكو العالمية تعتبر المراكز العلمية القائمة على الجهود الطوعية الأهلية تعبر عن التطور الإيجابي في المجتمعات إذ تسهم في التنمية البشرية وتأهيل الكوادر بمستوى المتطلبات الحديثة. وتشير اليونسكو إلى أن هذه المراكز في العالم الثالث بالذات رغم التكلفة الباهظة فإنما تأتي وفق معايير قيمية ومعرفية تحدد المستوى الذي حققه القطر المعين في جهود الخدمة والجهود التنموية حتى وصل «الحدية المعرفية» حيث تصبح المراكز البحثية والدراسية «ذات الجدوى والجدية» تصبح مخرجاً ومطلباً «تأهيلياً وبحثياً» يلبي متطلبات تلك المراحل حيث يتزاحم الباحثون والدارسون وتعجز المراكز الرسمية التقليدية المرتبطة بالجامعات والإدارات الحكومية عن توفير المناخ والمتطلبات بالصورة التي تتعدى الحدود الضيقة «في الزمان وفي المكان» وأساليب التشغيل والتعامل بصورتها التقليدية المعروفة في المدرسة والجامعة والمكتبة. تشير دراسة اليونسكو إلى المركزين الشهيرين في فرنسا وأمريكا «مركز جورج بمبيدو» و «مركز جون كندي» باعتبار أنهما نماذج للمستوى العصري المطلوب لتقديم ما تحتاجه جهود التنمية وبناء الأمم من مؤسسات تأهيل على مستوى مثل هذا العصر الحديث. تحية لمركزنا الإسلامي العربي التليد وللدلالات الكبرى التي يمثلها ويعطيها لهذه الأمة الخيرة. (*)باحث زائر أستاذ جامعي في الصحافة والإعلام