تكثر التساؤلات لدى السيدة الحامل وخصوصا عند اقتراب موعد الولادة، حيث يزداد التوتر والقلق وتبدأ بمناقشة طبيبتها المعالجة عن أدق التفاصيل لحملها.. هل الحمل طبيعي، هل الجنين طبيعي، هل ستكون الولادة طبيعية، هل هناك احتمال للولادة القيصرية وخصوصا اذا كانت الولادة السابقة بنفس الطريقة.. سيدتي ان الأسطر القادمة ستوضح لك هذه الطريقة للولادة بواسطة فتح البطن «القيصرية». ان الطريقة الطبيعية للولادة عند جميع الثديات وعلى رأس القائمة الانسان.. هي حالة فسيولوجية وليس لها بديل، ولكن في بعض الاحيان اضطر الانسان منذ الزمن البعيد في حالات نادرة للتدخل وقديما كما ذكر في الكتب ان شعوب مختلفة وبالاخص الشعب الاغريقي كانت تجرى هذه العملية للأسف بعد وفاة الأم وذلك لاستخراج الجنين الحي، وايضا لاستخراج الجنين الميت لفصلهما عن بعض. لا توجد حقائق ودلائل ثابتة لتاريخ العملية القيصرية.. اما تسميتها فيرجع الى اسم «يوليوس قيصر الثاني عشر» في سنة 1506م حيث يعتقد بأنه ولد بهذه العملية وبما ان والدته عاشت الى ان رأت قيصر يحكم بريطانيا بقي الامر مشكوكا فيه، واستمر الحال كما هو حيث ان العملية كانت تجرى فقط بعد الوفاة في ذلك الزمان. ولربما الحالة الوحيدة المسجلة في التاريخ في تلك الفترة كانت سنة 1500 في سويسرا عندما اجرى الزوج «جاكوب نوفر» العملية على زوجته وبعد ايام من الولادة العسرة وبمساعدة 12 مولدة كان آخر الجهد انقاذ حياة الام والطفل معا. خلال القرن التاسع عشر تغيرت مفاهيم الطب بعد اجراء التشريح على الاعضاء التناسلية بدقة وتطورت الجراحات بأنواعها، وفي القرن الاخير من الالفية الثانية تم اكتشاف التخدير والمضادات الحيوية وكان لهما دور كبير في مساعدة الامهات وأنقذت كثير من الاطفال إذ اصبحت العملية القيصرية آمنة وسهلة بعكس ما كانت عليه سابقا. تقسم العملية القيصرية الى ثلاثة أنواع: 1- العملية القيصرية المنظمة. 2- العملية القيصرية الطارئة «المستعجلة». 3- العملية القيصرية النسبية. العملية القيصرية المنظمة: وهي الحالة المطلقة «الحتمية» وتكون في الحالات التالية: Absolute Indication * عند ضيق الحوض الشديد بالنسبة لحجم الطفل. * عند الام التي انجبت كثيرا وضاق حوضها بسبب الضمور عادة ما تكون ولادتها الاخيرة بالعملية القيصرية Osteomalacia. * وجود المشيمة امام الطفل.. حيث تتعذر الولادة الطبيعية بسبب النزف الشديد مما يشكل خطورة على حياة الام والطفل. * اعتلان المقعد Breech «اي رأس الجنين الى اعلى وليس للأسفل» عندما يكون وزن الطفل اكثر من 5 ،3 كلغ وخصوصا في البكر. * العمليات القيصرية المتكررة في السابق، عمليتان قيصريتان او اكثر حيث يؤدي الى ضعف في جدار الرحم مكان العمليات السابقة. * اعتراض الجنين Transverse Lie «وجود الجنين بالعرض داخل الرحم» حيث ان أعضاء الطفل كاليد والرجل او الحبل السري معرضة للنزول عند حدوث آلام الولادة، وهذا يودي بحياة الطفل واحيانا الأم. * وجود تلفيات في الرحم وخصوصا في منطقة عنق الرحم تعوق نزول الطفل اثناء عملية الولادة حيث ان الطريق مسدود بسبب الألياف الرحمية. العملية القيصرية المستعجلة «الطارئة»: وهنا تكون المرأة بحالة ولادة طبيعية وفجأة يحدث عندها ما يلي: * انفصال المشيمة من جدار الرحم.. وهذا يتطلب انقاذ الطفل بالسرعة الممكنة. * نزول الحبل السري مع نزول السائل الامنيوسي. * حالة توتر شديد في الرحم يؤدي الى اختناق الطفل بسبب انقطاع الدم عن المشيمة وتكون على الأغلب بسبب الادوية التي تؤدي الى تقلص الرحم بصورة مستمرة. * تمزق الرحم اما بسبب ضعف في العضلة او وجود ندبة سابقة من جراء عملية قيصرية او رفع اورام من الرحم او تلفيات سابقة. العملية القيصرية النسبية: في هذه الحالة تكون الولادة الطبيعية ممكنة ولكن عادة تتم الولادة بالعملية القيصرية لتلافي حدوث اختلاطات عند الطفل. او لاسباب خاصة بالام كما في الحالات الآتية: 1- التوأم.. او الثلاث. 2- اعتلان المقعد. 3- وجود ندبات في عضلة الرحم من جراء عمليات سابقة. 4- توتر في حالة الطفل داخل الرحم لنقص الاوكسجين اما بسبب عدم كفاءة المشيمة او ارتفاع ضغط الدم «ضغط الحمل» او امراض مصاحبة للحمل كمرض السكري. 5- لتفادي الألم اثناء الولادة، ولا يستحب اجراء العملية لهذا السبب. 6- تفادي حدوث تمزق في المهبل او العضلات الشاذة لمنطقة العجان. وتتم العملية على الاغلب بطلب والحاح من المريضة. كل الحالات التي ذكرت سابقا ليست حالات مطلقة او حتمية حيث ان عملية الولادة بالطريقة الطبيعية ممكنة الا ان مسؤولية اتخاذ القرار يرجع الى الام وزوجها بعد ان يقوم الطبيب المشرف على عملية الولادة بشرح حالة الام ووضع الجنين لهم والمضاعفات الممكن حدوثها. ماذا يجب ان تعرف الأم عن العملية القيصرية: غالبا ما تسأل الأم عن الطريقة التي تجرى فيها العملية! وهنا لابد ان نوضح بأن التفاصيل الجراحية ليست ضرورية لتعرفها الام ولكن ما يجب ان تعرفه الآتي: 1- لماذا العملية القيصرية؟ وهنا يجب على الطبيب ان يشرح وبكل وضوح الاعراض والأسباب لضرورة اجراء العملية ويجب ان يكون القرار مشتركاً بين الطرفين. 2- هل هناك خطورة من اجراء العملية على حياة الام او الطفل؟ في الحقيقة ان العملية القيصرية.. هي عملية كبيرة تجرى تحت التخدير العام او الظهري، ومما لاشك فيه انه يصاحبها اختلاطات كأي عملية جراحية اخرى، مع العلم بأن معظم الدراسات اكدت على ان تخدير الظهر هو الافضل حيث ان الام تكون على يقظة اثناء ولادتها لتشعر بقدوم طفلها وبنعمة الله حدث تطور كبير في وسائل التخدير والجراحة بحيث ان الاختلاطات قلت الى درجة كبيرة، ولابد لنا ان ندرك هنا بأن العملية ضرورية لانقاذ الام والطفل وعدم اجراءها يؤدي الى مضاعفات غير محمودة. 3- هل الولادة بالعملية القيصرية لمرة واحدة يعني الولادة بها كل مرة؟ هذا غير صحيح والدليل على ذلك انه عندما ارتفعت نسبة العمليات القيصرية في الولاياتالمتحدة الى حوالي 25% شكلت جمعية عالمية سنة 1982م في امريكا لمتابعة العمليات القيصرية والعمل على تشجيع المراكز الصحية ومستشفيات الولادة باعطاء الام فرصة لكي تلد ولادة طبيعية بعد وجود ولادة قيصرية سابقة، حتى انخفضت هذه النسبة. كما ان منظمة الصحة العالية تؤكد بأن الرقم المقبول للعمليات هو ما بين 10 - 15%. وقد أجريت دراسة في بلغراد / يوغسلافيا ما بين سنة «1990 - 2000» ولمدة عشر سنوات في مستشفى الولادة وكانت عدد الولادات الطبيعية «63080» أي بنسبة 87% والولادات القيصرية «9300» بنسبة 9 ،12%. وانطلاقا من هذا المفهوم اجرى مستشفى المركز التخصصي الطبي دراسة مشابهة وكانت النتيجة ايجابية جدا حيث ان نسبة الولادات القيصرية لم تتجاوز 15% والهدف من كل هذه الدراسات والابحاث هو خفض نسبة العمليات القيصرية النسبية «غير المطلقة» للحالات الطبيعية، اما الحالات التي تعاني من امراض مع الحمل مثل: ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وفقر الدم، وامراض القلب، والربو القصبي، والالتهابات المزمنة للكلى، وامراض اخرى. فقد بينت الدراسات انه من الطبيعي ان تكون نسبة العمليات القيصرية لديهم أعلى. ماهي مخاطر العمليات القيصرية؟ * احتمال حدوث نزيف اثناء العملية وبعدها مما يتطلب نقل دم. * اختلاطات التخدير. * حدوث تخثر دموي. * حدوث اختلاطات في المستقبل مثل الالتصاقات حول قنوات الفالوب والمبيض نتيجة لحدوث التهابات. * ضعف عضلة الرحم مما يؤدي الى عمليات قيصرية متكررة. من خلال ما سبق نجد ان رعاية طاقم التمريض والمولدات وباشراف الطبيبة المختصة التي تفهم المريضة وتصاحبها أثناء فترة المخاض وكذلك العناية التامة خلال الساعات الطويلة للولادة وبمساعدة الزوج او قريبة المريضة التي ترتاح لوجودها، وفوق كل هذا عناية الله سبحانه وتعالى ومشيئته تكون الولادة الطبيعية هي دائما الافضل. * استشارية امراض النساء والولادة مستشفى المركز التخصصي الطبي