دخلت الى المستشفى قبل موعد ولادتها بأيام، وبعد ان أُجريت لها الفحوصات اللازمة، اتضح لطبيبها ان وضع وليدها غير ممكن بواسطة الطريقة الطبيعية، وانه لا مهرب من اجراء العملية القيصرية. والقيصرية هي عملية جراحية يتم فيها شق جدار البطن واستقبال الوليد من خلاله. ولكن قد يطرح بعضهم السؤال الآتي: لماذا سميت العملية بهذا الإسم؟ الروايات والأساطير تقول ان جول قيصر هو أول من واجه الدنيا بفضل هذه العملية، لكن الدلائل والوقائع التاريخية تدل على ان قيصر ولد بالطريقة الطبيعية. وسواء أكان قيصر هو سبب التسمية أم لا، فإن ما يهمنا في الأمر هو ان العملية التي كانت في ما مضى معقدة وخطيرة، غدت في أيامنا هذه بسيطة وسهلة، تنقذ حياة ملايين الاطفال والامهات على حد سواء، حتى ان بعض النساء في اميركا اللاتينية يختزن القيصرية على الولادة الطبيعية، لتفادي آلام الولادة ومتاعبها. لماذا يتم اللجوء الى الولادة بالقيصرية؟ هناك جملة اسباب تدفع الطبيب الى اللجوء للعملية القيصرية، ففي بعض الحالات يتوصل المولّد الى قناعة فورية بأن الولادة بالشكل الطبيعي أمر مستحيل وذلك لوجود عائق ميكانيكي تشريحي يقف عائقاً أمام مرور الجنين. وفي حالات اخرى يجد الطبيب نفسه امام حوض صغير ضيق يمنع الولادة الطبيعية، وهنا لا مفر له من الاستنجاد بالعملية القيصرية لحل المشكلة وتجاوزها. وفي حالات ثالثة يجد الطبيب نفسه امام امرأة طبيعية طولاً وعرضاً وحوضاً. ولكن المانع يكون في الجنين الذي يبلغ حجماً ضخماً يجعل الولادة الطبيعية أمراً عسيراً، ومع ذلك، فإن القيصرية ليست حتمية في هذه الحالة، اذ يعمد الطبيب أولاً الى محاولة توليد المرأة طبيعياً، واذا حدث طارئ ما يهدد حياة الطفل تصبح العملية القيصرية اجبارية لانقاذه. وفي حالات رابعة قد يكون العائق أمام الولادة الطبيعية، ليس في الأم ولا في جنينها، وانما في المشيمة نفسها، فهذه قد تكون جذورها منغرسة في منطقة قريبة من عنق الرحم مشكلة بذلك عائقاً يحول دون عبور الجنين من عنق الرحم، فهنا لا مناص من انجاز القيصرية. أيضاً فإن المرأة التي سبق لها وخضعت لعمليتين قيصريتين فإن الثالثة تصبح حتمية. كذلك فعند الإصابة بمرض الهربس التناسلي، فإن الضوء الأخضر يعطى للقيصرية لأنها الوسيلة الوحيدة لوقاية الطفل من مرض شديد العدوى. أسباب أخرى قد تدفع الطبيب الى التصويت لمصلحة القيصرية منها الوضعية الشاذة للجنين في قلب الرحم، والتفاف الحبل السري حول عنق الجنين والنزف الشديد خلال فترة الحمل، وكلها عوارض تهدد حياة الأم والجنين معاً. وفي بعض الاحيان يختار الطبيب القيصرية على رغم ان هناك امكانية للولادة الطبيعية، مثل معاناة الأم من أمراض خطيرة كارتفاع ضغط الدم، أو عندما يكون الجنين ضعيفاً، صغير الحجم، لا يحتمل الولادة الطبيعية. هل العملية القيصرية آمنة؟ تعتبر القيصرية من العمليات السهلة في أيامنا هذه، وهي مضمونة النتائج بشكل عام، لكن ككل عملية جراحية يمكن ان تحصل بعض الاختلاطات، مثل النزف الشديد خلال العملية، أو الإصابة بالخثرات الدموية، أو تعرض الجرح للالتهاب. هل يمكن للمرأة التي تعرضت لعملية قيصرية ان تولد ولادة طبيعية بعد ذلك؟ نعم، ان الولادة الطبيعية ممكنة بعد اجراء عملية قيصرية واحدة. في السابق كان الأطباء يخشون اللجوء الى توليد المرأة طبيعياً بعد القيصرية، خوفاً من انفتاح ندبة الرحم وما تؤدي اليه من أخطار. أما اليوم فقد اختلف الأمر، اذ اتضح للبحاثة انه ليس ضرورياً اللجوء الى القيصرية مرة ثانية بعد انجازها للمرة الأولى، وان الولادة الطبيعية ممكنة، وانها ليست بالخطورة التي كانوا يتصورونها سابقاً. ان الولادة الطبيعية تبقى الأفضل والأحسن، اذا لم يكن هناك عائق يحول دون تطبيقها، فالقيصرية تبقى عملية استثنائية لحالات استثنائية