في ظل انفتاح الاقتصاد الدولي الحالي.. فإن المستقبل المجهول ينتظر من لا يتبنى عقيدة التعاون ولذلك فإن التعاون والاعتماد على الذات هو السبيل لإحياء وتحقيق طموحات النهضة الاقتصادية في الدول النامية خاصة وان الدول النامية تمثل نسبة كبيرة من عدد السكان في العالم وتمتلك موارد بشرية لو احسن استغلالها لحققت تقدما كبيرا في مجالات الإنتاج المختلفة. إن الراصد للتطور الكبير الذي طرأ على طريقة تنمية الموارد البشرية وإدارتها -في ظل انفتاح الأسواق وظهور تغيرات اقتصادية كبيرة- يجد ان هناك تغييراً كبيراً حدث لطريقة تنمية هذه الموارد خاصة اذا ما وضع في سياق الثورة المعرفية والتقانية التي تجتاح العالم، ولا يعتمد العطاء البشري على الكم وحده بل التنمية هي التي تحدد امكانيات المجتمع، ويصبح الكيف البشري هو الفيصل، لذلك يفترق العطاء البشري من مجتمع لآخر في بلورة الطاقة الكامنة في البشر وتحويلها الى مستويات واقية في المجتمعات، بالإضافة الى توظيف هذه الطاقة لتحقيق نتيجة فعلية، كما ان إعاقة هذه الطاقة تؤثر تأثيراً سلبياً على تقدم المجتمع وتنمية العنصر البشري فيه. لذلك وفي ظل العولمة نجدالترابط الوثيق بين التكنولوجيا الحديثة والقدرات البشرية المتميزة «رأس المال البشري» اذ لا يمكن قيام قدرة تقانية متطورة دون توفر رأس مال بشري راق، لهذا فإن التنمية البشرية تتطلب العناية بالإنسان الذي هو في حقيقة الأمر العنصر الأساسي في هذا العالم هذه العناية تشتمل على المحاور الآتية: 1- الرعاية الصحية والاجتماعية. 2- التعليم الذي اصبح مطلباً ضرورياً وملحاً لأن الجهل يؤدي الى التخلف وبدون العلم فلن تتحقق عملية التنمية. 3- التشجيع من العوامل الأساسية التي تحقق النجاح في المنشآت حيث يحفز العاملين على العمل. 4- التعرف على المشاكل التي تواجه العنصر البشري في المنشأة والعمل على حلها. ومن الممكن الاشارة هنا الى ان العنصر البشري يعتبر هو الجانب الأكثر فعالية في تحديد هوية ومضمون العولمة، لأنها تستهدف الإنسان من حيث حريته وارتقائه وحقوقه، لهذا فإن برامج الرعاية الصحية والاجتماعية والإنسانية بشكل عام سوف تزداد وتتسع في إطار تيار العولمة وتظهر بعض الملامح وهي على النحو التالي: أ- سوف تصبح المجتمعات لها طبيعة خاصة وتختلف عن المجتمعات السابقة، لهذا فإن ولاء الفرد وانتماءه سوف يتجاوز حدود دولته. ب- سيكون هناك تفاوت كبير بين الأغنياء والفقراء مما يولد توتراً وعنفاً. ج- سيزداد الاهتمام بقضايا البيئة وحقوق الإنسان وتنمية الكوادر البشرية. إن الموارد الطبيعية لم تعد هي العنصر الأساسي في عملية التطور الاقتصادي بل اصبح العنصر البشري هو العامل المهم في عملية التطوير الاقتصادي، كما ان أي عملية تطوير اقتصادية ترتكز في المقام الأول على الموارد البشرية المدربة والمتطورة، وهناك مثال واضح على ذلك هذا المثال نجده في واقع كثير من الدول فمثلا الدول الافريقية ودول امريكا اللاتينية هي من اغنى مناطق العالم من حيث الموارد الطبيعية ولكن دخل الفرد في هذه الدول ضعيف جدا وهناك على النقيض بعض الدول التي تعتبر فقيرة في الموارد الطبيعية ولكن بمواردها البشرية أصبحت دولا غنية. تبرز هنا أهمية العنصر البشري الذي يجب ان يأخذ حظه من التعليم والتدريب حتى يساهم في تطور بلده بشكل علمي، ودور الدولة هنا ليس بإنشاء المعاهد والمدارس والجامعات فقط بل يكون ايضاً بانتقاء معلمين على مستوى عال من الخبرة والثقافة، فإن دخول العالم في عصر العولمة حيث الثورة المعلوماتية والتكنولوجية اثر بشكل كبير على النظر الى الموارد البشرية، حيث ادى هذا الى زيادة التغيير في الهيكل التنظيمي وزاد الاعتماد على الاجهزة الحاسوبية والالكترونية مما قلل من الاعتماد على العنصر البشري، لهذا كان من تأثيرات التكنولوجيا على العنصر البشري ما يلي: 1- ظهور قطاع جديد يستوعب اعداداً قليلة من العاملين وذلك القطاع هو قطاع صناعة المعرفة مما يؤدي الى انتشار البطالة. 2- وصلت معدلات البطالة الى أعلى معدل لها حيث يوجد 800 مليون عاطل يبحثون عن فرصة عمل. 3- تشهد قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات حالة من الازدهار في العملية الانتاجية وفي نفس الوقت تنخفض القوى العاملة فيها باستمرار. 4- انقسمت الموارد البشرية الى قسمين متناقضين القسم الأول يشمل صفوة رجال الأعمال والمثقفين وهم الفئة المستفيدة من التكنولوجيا، والقسم الثاني يشمل العمال الذين حلت التكنولوجيا محلهم. لذا فقد حظي موضوع تنمية الموارد البشرية باهتمام الجهات الرسمية حيث تم إنشاء صندوق للتنمية البشرية الذي يقوم بدعم وتأهيل العنصر البشري حيث يقوم بتقديم الإعانات لمراكز التأهيل والتدريب، وتقديم القروض لها، والقيام بالبحوث والدراسات المتعلقة بالقوى العاملة، وتقديم المشورة لمراكز التدريب ويعتبر هذا خطوة على طريق إحلال العمالة السعودية محل العمالة الوافدة. ومن أجل تنمية الموارد البشرية هناك نقطتان أساسيتان من الضروري تطويرهما بما يتناسب مع البرامج الحديثة لتنمية هذه الموارد هما: 1- التعليم والتدريب والاهتمام لتنشئة أجيال جديدة قادرة على التعامل مع المتغيرات العالمية. 2- البحث العلمي والاهتمام بالأبحاث وتطبيقها في الواقع والإنفاق على هذه البحوث. وعليه فإن نجاح الدول العربية في الاندماج مع الاقتصاد العالمي يتحقق بتنمية مواردها البشرية التي هي من الموارد الأساسية التي يعتمد عليها في ظل المتغيرات الاقتصادية التي طرأت على النظام الاقتصادي الدولي في ظل العولمة. لهذا، فإن تنمية الموارد البشرية في دول العالم النامي اصبح مطلباً أساسياً وضرورياً يفرضه واقع الأحداث على الساحة العالمية، وهذا يتطلب إعداد العنصر البشري المتميز الذي يجعله ميزة تنافسية، ويمتلك العديد من القدرات المعلوماتية والتنظيمية والإنتاجية والابتكارية، ومن الضروري إعداد هذا العنصر البشري في إطار منظومة متكاملة لإدارته حتى يمكن التوصل الى افضل النتائج من الجودة والتطوير للإنتاج. (*) مستشار اقتصادي ومدير دار الخليج للبحوث والاستشارات