إن تاريخ الملك عبدالعزيز صفحات من البطولة والكفاح وهذا ما دلت عليه خطوات الحكمة والعزيمة التي لم تفتر نحو تحقيق الهدف السامي حيث جاء عطاؤه وجهاده محققاً للتطلعات فاختصر الخوف والذل وأشاد بشجاعة العمل نحو عمق التوحيد فحول الشتات إلى اتحاد والجهل إلى نور والفقر إلى رخاء فأضاء طيب الله ثراه جزيرة العرب بنور العلم وبصفاء الفكر والنزاهة.. النهج الذي ارتبط باسمه العز والمجد فكلل الله سبحانه وتعالى جهوده بتوحيد المملكة العربية دولة قوية متماسكة الأركان. إن ما بذله الملك عبدالعزيز رحمه الله ورجاله الأبطال من تضحيات جسام وجهاد بطولي لانتشال البلاد مما هي فيه من تمزق وفرقة فجاء عهده استجابة لحاجة إنسان هذه البلاد الطاهرة وجمع الله به شمل الأمة تحت راية التوحيد وكان همه الأكبر ترسيخ الوحدة الوطنية التي ناضل من أجلها مع رجاله الأوفياء عقوداً من الزمن ثم اتجه للقيام بأعمال البناء الشامل ووضع المبادئ والقواعد الأساسية لها. إن هذا الإنجاز الكبير لم يحدث في التاريخ من قبيل الصدفة بل كان يسبقه مخاض عسير اشتدت به الخطوب لا يتحمله سوى من حمل هم العقيدة وهم الجهاد في سبيلها فكان الملك عبدالعزيز مفخرة كل السعوديين بل وكل اعتزاز العالم أجمع. إن الوحدة التي حققها الملك عبدالعزيز حينما تصدى بإمكانياته المحدودة لمواجهة حالة التشرذم والتمزق التي كانت تعصف بالبلاد آنذاك ليقرر بإيمانه القوي بالله أولاً ثم بإدارة الزعيم الفذ إعادة صياغة وطنه تحت راية التوحيد لانتشال هذا الوطن من حال النزاعات والخلافات والاقتتال التي كانت تتنازعه وتفتته إلى جملة من الدويلات المتناحرة.. لينظمها في إطار وطن واحد لا تغيب عنه شمس الحضارة.. وإذا كان هناك وصف لهذا الإنجاز الوحدوي الكبير بأنه معجزة فوق الرمال قياساً بتلك الظروف والمتغيرات الدولية التي واكبت بدء مسيرة جلالته يرحمه الله مشروعه الوطني من أجل توحيد وتأسيس دولة نبراسها الشريعة الإسلامية ودستورها القرآن الكريم.