نبتهج هذه الأيام بذكرى اليوم الوطني للمملكة، المناسبة الغالية التي نستذكر فيها قصة الملحمة الوطنية التي قادها الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وشاركه فيها الرواد من أجدادنا الذين خاضوا على مدى أكثر من ثلاثين عاماً معارك الوحدة، فهذا الحدث التاريخي الذي نعيشه هذه الأيام، يجعلنا نعيد الذاكرة إلى الفترات العصيبة التي مرت على بلادنا من أجل لمّ شتاتها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي قام بإيمان راسخ وعزيمة لا تلين لإيقاف حالة التشرذم التي كانت سائدة لعقود في بقاع الجزيرة العربية، التي كانت تمثله تلك الدويلات المدينية (city states) التي ظل حكامها لعقود من السنوات يتصارعون فيما بينهم على النفوذ والسلطة ما بين حين وآخر، الأمر الذي جعل كافة أقاليم الجزيرة العربية مسرحاً للصراعات وأعمال الثأر والقتل، وإخضعها لعصابات السلب والنهب المتأرجحة في ولاءاتها بين تلك الدويلات. إن من يقارن الفترة التي سبقت استعادة الملك عبدالعزيز مدينة الرياض مروراً بمراحل برنامجه الوحدوي الذي توج بالمرسوم الملكي الذي أصدره في تاريخ 17 جمادى الآخرة العام 1351ه القاضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية، ويرى ما كان يطلق على حواضر بمعايير ذلك الوقت، والتي كانت تمثل قواعد الحكم لتلك الدويلات المدينية المتشرذمة، يجد أنها في الواقع لم تتجاوز أصابع اليد الواحدة، فإذا كانت الرياض التي تعد من أبرز تلك الحواضر، حين استعادها الملك عبدالعزيز وانطلق منها معلناً ميلاد الدولة السعودية الثالثة ومكملاً لمسيرة التوحيد الذي بدأه أسلافه لم يكن عدد سكانها يزيد عن العشرة آلاف نسمة، وعدد البيوت بها بالكاد يتجاوز الألف مسكن، فما هو إذاً حال بقية الحواضر الأخرى..؟! إنه على مدى الخمسين عاماً فقط التي تلت استعادة مدينة الرياض وأعلن حينه توحيد المملكة قد تضاعف عدد سكان مدينة الرياض (700 %) ليعبر ذلك المعدل للنمو السكاني في المدينة عن حالة الأمن والاستقرار ورغد العيش الذي صاحب المراحل الأولى لتوحيد المملكة، لنشهد اليوم وبعد مرور ثمانية وثمانين عاماً من ذلك التاريخ تضاعف عدد الحواضر في المملكة ليتجاوز المئتين وثمانين حاضرة تضاهي أقلها في مقومات التنمية حالياً مدينة الرياض وقت دخول الملك عبدالعزيز فاتحاً لها، لتصبح حواضر المملكة في الوقت الحاضر واحدة من أبرز شواهد إنجازنا الوحدوي على يد المؤسس -طيب الله ثراه-. Your browser does not support the video tag.