إطلاق كائنات فطرية بمتنزه الأحساء    تدشين التجمع الغذائي بجدة الأحد المقبل    المجلس الدولي للتمور ينظم جلسة حوارية بمشاركة خبراء ومختصين عالميين .. الخميس المقبل    انطلاق النسخة الثامنة من منتدى مسك العالمي 2024 بمدينة محمد بن سلمان غير الربحية    نزع ملكيات في لطائف    التشهير بمواطن ومقيم ارتكبا التستر في نشاط العطور والأقمشة    الرئيس البرازيلي يفتتح قمة مجموعة العشرين    وزير الخارجية يترأس وفد السعودية في افتتاح قمة العشرين    نائب وزير الخارجية يستقبل نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية    الشورى يطالب باستراتيجية شاملة لسلامة النقل    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعزز السياحة الثقافية بمشروع وطني طموح    الفيتو الروسي يحبط وقف إطلاق النار في السودان    " طويق " تدعم شموع الأمل ببرامج تدريبية لمقدمي الخدمات لذوي الإعاقة    أمير تبوك يدشن مشروعات تنموية واستثماريه بالمنطقة    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً أجابت عليها وزارة التعليم عن الرخصة المهنية    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    أمير حائل يطلع على مشروع التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم    علوان رئيساً تنفيذيّاً ل«المسرح والفنون الأدائية».. والواصل رئيساً تنفيذيّاً ل«الأدب والنشر والترجمة»    وزارة الثقافة تحتفي بالأوركسترا اليمنية في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية ترتفع إلى مليار ريال    مستشفى الحرجة يُفعّل التطعيم ضد الحصبة و الأسبوع الخليجي للسكري    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    رينارد يتحدث عن مانشيني ونقاط ضعف المنتخب السعودي    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    المملكة تدين استمرار استهداف" الأونروا"    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    حسابات ال «ثريد»    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    مع انطلاقة الفصل الثاني.. «التعليم» تشدّد على انضباط المدارس    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    أعاصير تضرب المركب الألماني    الله عليه أخضر عنيد    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



« الجزيرة » تفتح ملف أحداث 11 سبتمبر (2 - 6)
خبراء القانون الدولي والمنظمات الحقوقية: غياب المرجعيات وفقدان الشرعية الدولية د. يحيى الجمل:أمريكا تحولت إلى كابوس للمهاجرين وخرقت الشرعية الدولية - د. هشام صادق: الأحداث جعلت أمريكا دولة فوق القانون الدولي
نشر في الجزيرة يوم 07 - 09 - 2002

* القاهرة مكتب الجزيرة ريم الحسيني عثمان أنور علي البلهاسي طارق محيي:
انهارت العديد من المرجعيات وتوارت الشرعية الدولية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر فبعد مرور سنة على هذه الأحداث التي تعرضت لها أمريكا اصبحت القوة الأمريكية والغربية هي المرجعية الأولى وغابت الشرعية وانهارت السدود والفواصل بين الدفاع عن النفس والحروب الخارجية واتساعها، كما تحولت الولايات المتحدة الأمريكية التي كثيراً ما وصفت بأنها أرض الأحلام بعد الحادي عشر من سبتمبر إلى كابوس لأي مهاجر.. فبعد أن كانت الهجرة إلى أمريكا أو العيش على أرضها أملاً للعديد من سكان الكرة الأرضية أصبحت طاردة وكابوساً لايحتمل للمهاجرين والغرباء.
حول ماحدث من تحولات ومتغيرات في الولايات المتحدة الأمريكية إزاء العديد من المرجعيات والشرعية الدولية وحقوق الإنسان وكذلك الواقع الداخلي الأمريكي التقت «الجزيرة» بنخبة من خبراء القانون الدولي والمنظمات الحقوقية.
يقدم الدكتور يحيى الجمل استاذ القانون الدولي صورة لامريكا من الداخل والخارج ايضا بقوله: بدون شك ان الاحداث التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية تركت تأثيرها الواسع على كافة قطاعات ومؤسسات المجتمع الأمريكي، وقد انعكست هذه التأثيرات على علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالخارج سواء مؤسسات او دولاً، فالولايات المتحدة والتي كانت توصف بأنها العالم الجديد الذي يتسابق سكان الكرة الارضية للعيش فيه، فهي بالنسبة لهم أرض الاحلام والتي من خلالها يحقق اي مهاجر ما يصيبو اليه، اصبحت بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر او تحولت الى شيء آخر فهي ارض الرعب للمهاجرين وكابوس للغرباء وحتى على أهلها، فلم يعد النظام الديمقراطي هو ذلك النظام الذي يتنفس من خلاله المهاجرون نسمات الحرية بل صار نظاماً بوليسياً وهذا ليس افتراء على امريكا، فالواقع الجديد يؤكد ان امريكا صارت تمارس اساليب النظم الاستبدادية الفاشية، فأمريكا الجديدة كمؤسسات حاكمة صار فيها قانون طوارئ ضمني غير معلن ومن خلاله يحق لقوات وسلطات الامن اعتقال من يشاؤون في اي وقت واستخدام اساليب التعذيب الوحشية في السجون واطلاق انياب العنصرية لتنهش اي مهاجر يعيش على الارض الأمريكية، دور بوليسي قمعي على الطريقة الشيوعية تحت زعم حماية منافذ الولايات المتحدة وقيود غير معلنة على وسائل الاعلام وهي قيود يوافق عليها اصحاب المؤسسات بحجة حماية الامن القومي الأمريكي، وامريكا كمجتمع متعدد الجنسيات صار ايضا مختلفاً كعادات وسلوكيات جديدة ظهرت في الواقع الأمريكي ويكفي منها حالة الاهتزاز النفسي الذي يعاني منه المواطن الأمريكي نفسه، هذا عن الوضع في الداخل، اما عن تأثيرات ماحدث على المنطقة العربية واهمها القضية الفلسطينية فنجد التكالب الأمريكي على مساندة اسرائيل بزعم محاربة الارهاب وهذا نتيجة ضغوط اللوبي اليهودي والدوائر الصهيونية التي استغلت هذه الاحداث لصالحها فوجدنا ان شارون وبموافقة ومباركة امريكية استمر في القضاء على الانتفاضة والشعب الفلسطيني وقد وصلت الامور لذروتها بالمطالبة بإزاحة عرفات واستمر هذا المنوال تجاه العديد من الدول العربية الاخرى مثل المطالبة حالياً بإزاحة الرئيس العراقي فهذه الرؤية هي التي تطغى على الادارة الأمريكية حيث العرب في نظرها مجرد ارهابيين او يدعمون الارهاب.
قانون خاص
ويقول الدكتور هشام صادق استاذ القانون الدولي بجامعة الاسكندرية ان العام الماضي بعد احداث 11 سبتمبر شهد الكثير من الانتهاكات الأمريكية للقانون الدولي والشرعية الدولية فأيا كان من فعل احداث 11 سبتمبر فإن تدخل القوات الأمريكية في افغانستان بعد الاحداث لم يكن له اي اساس من الشرعية الدولية سوى فكرة الدفاع عن النفس التي روجت لها امريكا كمبرر لافعالها وحتى هذا المبرر لا يعطيها الحق في ضرب الابرياء وانتهاك حقوق الاسرى كما حدث مع اسرى قاعدة غوانتانامو الأمريكية وكذلك فرض نظام موالٍ بالقوة على الشعب الافغاني.
وأضاف: أعتقد انه بعد عام كامل من احداث 11 سبتمبر قد وضحت الرؤية تماما بالنسبة للسياسات الأمريكية في المستقبل والتي تقوم بالاساس على استخدام فكرة الارهاب لتحقيق اي مصالح لها في اي منطقة من العالم فهي تستخدمه كتهمة تلصقها بأي نظام حكم غير موالٍ لهاعلى الطريقة التي تريدها هي وتستخدمه الآن كسلاح لتهديد الانظمة والشعوب في دول العالم الثالث لتحكم سيطرتها على منابع الثروة النفطية والمعدنية والاسواق في العالم.
واكد الدكتور هشام صادق ان ماتستخدمه الولايات المتحدة من مصطلحات تزايدت بعد 11 سبتمبر مثل محور الشر واعداء الديمقراطية والانظمة الارهابية هي اوصاف غير صحيحة على الاطلاق وهي وسيلة لارهاب الغير ليس اكثر فقد تنطبق على حالة او دولة او نظام معين ولكن لايمكن تعميمها على انظمة معينة مثل الاتهامات الأمريكية للانظمة العربية بدعم الارهاب ولاشك ان امريكا وصلت الى حد مغالٍ فيه في هذا الشأن ومن حيث تدخلها في الشؤون الداخلية للكثير من دول العالم.
وقال ان ابلغ ما يعبر عن ازدواجية المعايير والسياسة الأمريكية بعد11 سبتمبر هو تعاملها مع القضية الفلسطينية وخلطها المتعمد بين الارهاب والمقاومة متناسية بذلك ما اقرته القوانين الشرعية الدولية المتحدة في ذلك فخلطت المفاهيم وأصبغت على المقاومة الفلسطينية صفة الارهاب واعتبرت الانتهاكات الاسرائيلية اليومية ضد الفلسطينيين دفاعاً عن النفس بل واتهمت الرئيس عرفات بأنه ارهابي وقالت على شارون انه رجل سلام.
واشار صادق الى ان الولايات المتحدة انتهجت بعد 11 سبتمبر لعبة المصالح التي حركت الكثير من سياساتها تجاه العالم وهذه اللعبة مغلفة بشرعية امريكية ذاتية لا بالقانون الدولي وقال انه في تقديري فهذه السياسات الأمريكية لن تخدم أبداً المصالح الأمريكية على المدى البعيد وقد تخدمها على المدى القريب ولكنها ستخسر على المدى الطويل بالفعل وتنقلب هذه السياسات على امريكا في المستقبل فليس هناك نظام في العالم قادر على السيطرة على دول العالم وكل البشر واذا كانت الولايات المتحدة تتخيل انها قادرة على ذلك فهي واهمة واذا كانت تنادي اليوم النظم العالمية ومنها النظام العربي بتطبيق الديمقراطية لتكريس سيطرتها على العالم فإنه من المؤكد ان تطبيق الديمقراطية بمفهومها الصحيح في عالمنا العربي مثلاً سيأتي بنظم عربية اكثر عداء للولايات المتحدة لانها ستعبر عن 90% من الرأي العام العربي الذي يكره السياسات الأمريكية ويقفون ضد الموقف الأمريكي من اسرائيل واذا كانت امريكا تنادي بالديقراطية فينبغي عليها ألا تنسى ذلك في المجتمع الأمريكي فبعد 11 سبتمبر استنت الادارة الأمريكية الكثير من القوانين واتخذت العديد من الاجراءات المقيدة للحريات، ولاشك ان هذا وان كان يتم تحت دعاوى حماية الامن القومي الا ان المجتمع الأمريكي غير المتجانس والذي تجمعه الديمقراطية فقط لن يسكت طويلا على هذا الوضع وهذا المجتمع الديمقراطي اذا قهرته هذه القوانين سيتفجر لان ضياع الديمقراطية هو ضياع للشيء الوحيد الذي يجمع بين الاعراق المختلفة داخل امريكا.
واكد الدكتور هشام صادق ان احداث 11 سبتمبر ساعدت امريكا على ان تكون دولة فوق القانون الدولي والشرعية الدولية واعطتها مبرراً لذاتها لتهميش دور المنظمات والمؤسسات الدولية كمجلس الأمن والأمم المتحدة وتعطيل قراراتها وفرض ارادتها عليها بما يتماشى مع مصالحها ولم تعد امريكا تتخفى وراء الأمم المتحدة بل ارادت فرض قانونها الخاص على العالم.
حملات ابتزاز
ويقول شعبان عضو لجنة مقاطعة التطبيع انه لاشك ان احداث الحادي عشر من سبتمبر تمثل لحظة فارقة في تاريخ الصراع في العالم كله وكذلك في منطقة الشرق الاوسط، هذه اللحظة التي يكتنفها غموض شديد ستبين الايام في المستقبل ماتخفيه من حقائق منحت الفرصة لادارة امريكية شديدة العدوانية واليمنية «الاصوليين المسيحيين» لكي تقطع خطوات واسعة على طريق تثبيت هيمنتها على شؤون الكون واحكام سيطرتها على مصادر الطاقة والثروة في العالم.
واضاف: فيما يخص منطقتنا العربية فتعرضت بلادنا لوابل من حملات الهجوم والابتزاز الأمريكي خاصة بعد احداث 11 سبتمبر ويمكن رصد مجموع هذه الحملات في العديد من المحاور التي تظهر في المساندة غير المشروطة للعدو الصهيوني والتحالف الاستراتيجي بين ادارتين من أسوأ الادارات واكثرها دموية وهما ادارة بوش «أقصى اليمين المسيحي المتطرف» وإدارة شارون «أقصى تطرف الليكود» من اجل قهر ارادة العرب، وتصفية القضية الفلسطينية وسحق مقاومة الشعب الفلسطيني، وترك الملف الفلسطيني لشارون يفعل فيه كما يشاء ليقمع المقاومة والشعب الفلسطيني، ذلك الى جانب الهجوم الساحق على الشعب الافغاني تحت مزاعم ايوائه لتنظيم القاعدة الارهابية «التي تضم اسامة بن لادن المتهم الاول في تفجيرات 11 سبتمبر 2001» وقد تعرض الشعب الافغاني لخسائر جسيمة من جراء الحرب على الارهاب وآخرها ماتكشف عن المجزرة التي وقعت تحت سمع وبصر الجنود الأمريكيين والتي اودت بحياة 1000 افغاني، اضافة الى استخدام اسلحة كثيرة محرمة دوليا لضمان السيطرة على الوضع في افغانستان والقضاء على تنظيم القاعدة، وما تبع ذلك من الحملة العدوانية المنظمة لتشويه صورة الاسلام والمسلمين والربط بين قضايا النضال الوطني والعربي والاسلامي ومزاعم الارهاب وهو ما يقود لتعبئة الرأي العام الأمريكي والاوروبي ضد العرب والمسلمين والدين الاسلامي باعتبار اصحابه ارهابيين.
واشار الى الحملة المغرضة التي شنتها وزارة الدفاع الأمريكي «البنتاجون» على المملكة العربية السعودية ذلك من خلال تسريبها لتقرير عرف «بتقرير راند» والذي تتهم فيه المملكة العربية السعودية بأنها عدو للولايات المتحدة بتهمة انها تدعم الارهاب والارهابيين اضافة الى الاعداد لاكبر عملية ابتزاز تاريخي تحت مزاعم تعويضات ضحايا احداث 11 سبتمبر «الدعوى المرفوعة ضد السعودية وبعض الهيئات والمنظمات الخيرية» والتي ستؤدي حسب التخطيط الأمريكي بدفع اكثر من ترليون دولار لاسر ضحايا هذا اليوم.
ويرى ان مصر تعرضت ايضا لحملة ابتزاز امريكية خطيرة بعد صدور الحكم على «سعد الدين ابراهيم» وذلك من خلال قطع المعونة الاضافية والتي تبلغ 130 مليون دولار عقاباً للقضاء المصري على حكمه بالسجن لمدة 7 سنوات على «سعد الدين ابراهيم» وكذلك التهديد الواضح لمصر بقطع كل المعونات اذا استمرت على رفضها اطلاق سراح سعد الدين ابراهيم.
جذور تاريخية
يرى فؤاد سعيد عضو منظمة حقوق الانسان ان موضوع ازمة حقوق الانسان بعد احداث 11 سبتمبر ليست بجديدة على المجتمع الأمريكي وانها لها جذورها التاريخية، ولكن نحن العرب بعيدون لدرجة ما عن المجتمع الأمريكي لذلك لانعرف جذور هذه الازمة او تفاصيلها، ولكنها قديمة في المجتمع الأمريكي ومع قراءة المشهد السياسي الداخلي داخل الولايات المتحدة الأمريكية منذ السبعينيات والثمانينيات نلاحظ ان هناك العديد من القوانين التي اصدرت وابرمت لتقييد الحريات السياسية، واعطاء المزيد من الصلاحيات للتحقيقات الفيدرالية الأمريكية على حساب حقوق الانسان.
واوضح سعيد انه في فترة السبعينيات كان يسود الولايات المتحدة الأمريكية مناخ من الاحباط والتشاؤم السياسي نتيجة ازمة ثقة في النفس عانى منها المجتمع الأمريكي بعد الهزيمة من فيتنام التي يعتبرها المجتمع الأمريكي دولة تابعة ودولة صغيرة مجهولة اضافة الى تعرضهم لازمة الطاقة بعد حرب اكتوبر 1973 ثم اهتزاز الهيبة الأمريكية في ازمة الرهائن في ايران كل هذا ادى الى حالة من عدم الثقة بالنفس واهتزاز صورة النظام السياسي الأمريكي عند عموم الشعب الأمريكي.
واشار ان ادارة الرئيس الأمريكي الاسبق «ريغين» كانت اول من استفادت على المستوى الرسمي والسياسي من نماذج الاحباط حيث ادمجت الدين في السياسة واستطاع القس «هال ليندس» ان يبلور هذه الرؤية الدينية السياسية والتي مؤداها ان نهاية العالم اصبحت قريبة وان يوم القيامة قد اقترب وهو يوم المجيء الثاني للمسيح الذي اصبح قريبا، هذا على الجانب الديني وعلى الجانب السياسي ان الولايات المتحدة اصبحت في خطر كبير قد يؤدي الى فقدانها موقع الزعامة العالمية وان القوة المحتملة ان تنافس الولايات المتحدة او تأخذ مكانها هي روسيا او الصين، وكان الحل السياسي للاستفادة من حالة التشاوم والاحباط هو ان تعود الولايات المتحدة الى الوراء حيث تزيد من المخصصات المالية التي تنفق على وزارة الدفاع لتصبح على موقع القيادة والزعامة للعالم حتى المجيء الثاني للمسيح، وقد نجحت ادارة ريغين في توظيف الدين في السياسة لتحقيق المصالح الأمريكية وهو ماتحاول ادارة بوش الابن الآن تطبيقه او الاستفادة منه بحيث تربط الدين بالسياسة لكسب تأييد الرأي العام الأمريكي.
واضاف انه في حقبة التسعينيات حدثت ازمة ايضا في مسألة حقوق الانسان داخل الولايات المتحدة نتيجة احساس الحكومة الفدرالية الأمريكية بمخاطر المعارضة الدينية التي تتمثل في الطوائف الدينية التي وصل عددها من 2000 الى 5000 طائفة دينية معادية للحكومة الفيدرالية وتضم اكثر من 2 الى 5 ملايين امريكي اضافة الى الخطر الثاني المتمثل في الميليشيات الانفاصلية والتي احدثت صدامات طوال فترة التسعينيات ادى لسقوط عشرات من الانفاصليين وكذلك من القوات الفيدرالية الأمريكية.
دلالات خطيرة
واكد سعيد ان ازمة حقوق الانسان الراهنة في الولايات المتحدة خاصة بعد احداث 11 سبتمبر والتي تمثلت في فرض المزيد من القيود وتقليص الحريات العامة وحتى الخاصة في بعض الاحيان بدعوى حماية الامن القومي من الارهاب، هذه الازمة كما اوضحنا لها جذورها التاريخية، كما ان لها دلالة خطيرة على العالم كله حيث ان الولايات المتحدة الأمريكية وقبل احداث 11 سبتمبر كانت تمثل نموذجا للمجتمع الحديث القائم على الحرية والديمقراطية على المستوى الداخلي، وكانت تمثل النموذج الامثل للعرب وغير العرب في تطبيق الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، وكانت تعطى الأمل في امكان تحول العديد من الدول الاقل درجة في مسألة احترام حقوق الانسان ان تصل الى مستوى قريب من مستوى الولايات المتحدة الذي يعد النموذج الاول عالمياً.
واضاف ان المتابع من العرب او على المستوى العالمي سيجد امامه اسئلة كثيرة بدون اجابة هي «كيف يمكن للحكومة الأمريكية ان تميل الى هذه النزعة من الاستئثار بالسلطة ووضع قوانين تحد من الحريات» سيجد ان السر يكمن في الشعب الأمريكي الذي يؤيد هذه السياسية التعنتية بدرجة او بأخرى «خوفاً على نفسه من الارهاب، وهو ما نجحت في نشره وترسيخه الحكومة الأمريكية»، والواضح ان المسألة اصبحت موقفا شعبيا وليس موقف السلطة الأمريكية فقط، فنجد الشارع الأمريكي يتعرض للمسلمين بكثير من المشكلات والمضايقات حتى المسلمين من اصل امريكي او المسلمين ذوي الجنسيات الأمريكية، اذن المشكلة اصبحت مشكلة شعب وليست مشكلة سلطة فقط.
آثار سلبية
واضاف حافظ أبو سعدة الامين العام لمنظمة حقوق الانسان اتصور ان احداث 11 سبتمبر تركت آثاراً ضخمة على علاقة امريكا ليس فقط بالمنطقة العربية بل على علاقاتها بالعالم كله، فبعد احداث 11 سبتمبر اصبح الهدف الرئيسي للادارة الأمريكية هو معركة الحرب ضد الارهاب، هذا الهدف الذي تسعى اليه الولايات المتحدة ومع سعيها الحثيث في هذه الحرب بدأت تغير من استراتيجيتها في العالم كله، وبناء على ذلك بدأت تضع لنفسها سياسة جديدة تنحى فيها بمنحنى عن العالم لتعطي نفسها سلطات وصلاحيات جديدة في العالم بدعوى حربها ضد الارهاب وان كان ذلك يمثل خطراً على الولايات المتحدة حيث يعز لها ذلك عن العالم، ويجعلها بمعزل تام، وسوف تقف وحدها طالما انها اصرت على الاستمرار في هذه السياسة خاصة وان خوفها من الاعمال الارهابية جعلها تدير حساباتها بمنظور ضيق لايعطي اعتباراً للتوازنات الاقليمية ودورالدول الاقليمية في العالم، رغم ان معظم الدول الاقليمية ابدت استعدادها لتشارك في سياسة مكافحة الارهاب.
واوضح ابو سعدة ان آثار احداث 11 سبتمبر ظهرت جلية في كثير من جوانب السياسة الخارجية الأمريكية ومنها تلك الحملة المغرضة التي تحرض على كراهية العرب والمسلمين وهي حملة متصاعدة في الولايات المتحدة يمكن ان نتعرف عليها من خلال الاجراءات التي تتخذ ضد العرب والمسلمين في الولايات المتحدة وحتى العرب او المسلمين الحاملين للجنسية الأمريكية، فهم لايفرقون، المهم انهم عرب او مسلمون، وظهر ذلك ايضا في تقرير منظمة «كير» الاسلامية والذي كشف عن الانتهاكات التي تعرض لها العرب والمسلمون بعد احداث 11 سبتمبر هذه الانتهاكات التي شملت «التوقيف والتحقيقات المطلوبة مع العرب والمسلمين في الولايات المتحدة بتهمة الارهاب، او الاشتباه في انه ينتمي الى جماعة ارهابية او ان له علاقة بتفجيرات 11 سبتمبر، اضافة الى استراق السمع والتصنت بالاجهزة الحديثة وهذا انتهاك واضح لحقوق الفرد في الحرية، ناهيك عن التجاوزات التي تمارسها اجهزة الامن الفيدرالية والاستخبارات الأمريكية اضافة الى التعنت في اجراءات الدخول والخروج من الولايات المتحدة، وما يتبعها من معاملات سيئة في المطارات تبدأ بالتفتيش الذاتي وقد تنتهي الى الاحتجاز وكذلك التشدد في اجراءات الهجرة والتأشيرات بوضع القيود والضغوط على المهاجرين او المسافرين الى امريكا او اوروبا.
موقف المملكة ومصر
واشار ابو سعدة ان تداعيات احداث 11 سبتمبر تركت آثاراً كثيرة خاصة الموقف من بعض دول المنطقة مثل مصر والمملكة وهما الحليفان الرئيسيان والطبيعيان للولايات المتحدة في المنطقة، فقد بدأت الولايات المتحدة حربها ضد الارهاب بتهمتها للعرب والمسلمين بل وصلت الى درجة وصم الدين الاسلامي بأنه دين يحض على الارهاب رغم ان كل الدول العربية والاسلامية بما فيها المملكة ومصر وقفت ضد الهجمات وادانتها واوضحت انه لاصلة بين الدين الإسلامي وبين الارهاب، ووقفت المنطقة العربية كلها مع الولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب، لكننا وجدنا الولايات المتحدة تقول ان منفذي تفجيرات احداث 11 سبتمبر هم سعوديون اضافة الى تسريب تقارير وزارة الدفاع الأمريكية التي تصف المملكة العربية السعودية بأنها عدو للولايات المتحدة وانه على الولايات المتحدة قطع العلاقات معها طالما استمرت المملكة في سياساتها الداعمية للاسلام والمنظمات الاسلامية ثم اعطاء المناخ لأسر الضحايا لرفع دعوى قضائية ليس لها اساس من الصحة ولا تستند الى ادلة وبراهين وذلك بهدف الضغط على المملكة، وكذلك محاولة الضغط على مصر في قضية سعد الدين ابراهيم بتقليص المعونة الاقتصادية وتخفيض 130 مليون دولار من قيمتها التي كان مقرراً ارسالها الى مصر.
واكد ابو سعدة ان هذه التسريبات والتقارير والضغوط على الدول الحليفة من الدرجة الاولى ذلك يشير الى وجود تغييرات هيكلية في المنطقة وتغييرات في العلاقات الأمريكية العربية وخاصة العلاقات مع المملكة ومصر حيث ان السياسة الأمريكية الحالية تحاول استهداف البلدان العربية بإدعاء ان سياساتها تؤدي الى نمو التطرف بشكل عام اضافة الى الزعم الأمريكي بان بعضها يؤدي الارهاب او يدعم ويساند الارهاب، وعلى الجانب الآخر نرى الانحياز الكامل للرؤية والمفاهيم الواردة من اللوبي الصهيوني الذي يرى في ذلك مصلحة خاصة به حيث ان احداث الخلل في توازنات المنطقة من خلال الضغط الأمريكي على الدول الكبرى في المنطقة خاصة المملكة ومصر سيعطي اسرائيل مميزات كثيرة اهمها ان تقوم اسرائيل بدور الشرطي في فلسطين وبالتالي سيترك لها الملف الفلسطيني تصفيه كيف ترى او كيفما يرى السفاح شارون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.