حاول الدكتور عايض الردادي أن يلمس وتراً اجتماعياً حسّاساً وأن يطرح مشكلة شريحة واسعة من شبابنا المكافح (الجزيرة عدد 10889) الذين أبوا ان يتمدّدوا في البيوت كشباب عاطل.. ليستحيلوا إلى جيل عامل.. شباب يتجاوز الأقواس.. يريد ان يتحرك في الدائرة المشروعة بحثا عن لقمة العيش.. يريد ان يفتش له عن موقع في خريطة المجتمع.. يطمح لتكوين أسرة.. ودخول معترك الحياة.. لكنه يصطدم بعقبات كثيرة.. ويواجه ظروفا صعبة.. تحاول أن تحاصره وتضيّق عليه.. وتصادر حريته.. ربّما أدركتم هذه الفئة الكادحة.. فتية يبيعون الخضراوات وشباب يعرضون أنواع المكسّرات.. متحملين ظروفاً مناخية متنوعة بين حرّ لافح.. وبرد كاسح.. اطمئنوا معشر القوم.. إنهم شباب من هذا الوطن وقفوا بشموخ فوق ساحة العمل وما فقدوا الأمل.. هم من شبابنا المكافح.. وليسوا عمالة وافدة.. وجدوا أنفسهم بين مطرقة البلدية وسندان الحاجة.. تتلقفهم الدروب.. وتتقاذفهم الأرصفة.. لأنهم ببساطة من هذه البضائع المتواضعة والسّلع الجافة فتحوا بيوتاً.. وأنفقوا على أيتام.. وساندوا أرامل.. وهم بدون وظائف.. شباب بنوا الآمال.. رغم سلبية رجال الأعمال.. الذين اتخذوا من (السعودة) شعاراً جميلاً وفتحوا مكاتبهم ومؤسساتهم لمختلف الجنسيات!! في موقف مجحف. أليس المجتمع بكل فئاته مسؤولا عن هؤلاء الفتية الكادحين.. لماذا تلاحقهم البلدية وتطاردهم الرقابة.. ولماذا لا يتم توفير أماكن للبيع لهم حمايةً من لسعات المناخ وحفاظاً على بضائعهم.. نعم من حق البلديات مراقبة الأسعار ومتابعة البضائع صحياً. لكن ليس من حقها اغتيال أحلامهم.. وبعثرة سلعهم وغرس الإحباط في نفوسهم المتعبة من كثرة التنقل والترحال سعيا وراء لقمة شريفة.. البلديات مطالبة بتنظيم حضور هؤلاء الباعة وتوفير أماكن ملائمة لهم ليمارسوا عملهم المعتاد.. وبخاصة ان بعضهم قد يعرّض نفسه للخطر بوقوف محاذٍ للشوارع العامة المزدحمة بالسيارات.. إن هؤلاء الباعة الشباب يمارسون عملاً شريفاً وليسوا متسولين لتطاردهم سيارات البلديات.. وهم أناس يحملون مشاعر ويفيضون كرامة وهذا ما يجب أن يدركه الجميع. لا تظهروا لهم العطف والشفقة.. بل التقدير والإكبار والفخر والاعتزاز.. وليت مراقبي البلديات يدركون هذه المعاني في رحلاتهم المكوكية القاسية..