في البداية يطرح الباعة الجائلون هذا السؤال: هل يحق لمراقب البلديات أن يصادر بضائعنا ومصدر رزقنا ويسلمها إلى جمعيات البر الخيرية لتوزيعها على الفقراء؟، ولماذا لا يوجد بدائل أخرى للوقوف معنا في مواجهة الفقر بدلاً من مضايقتنا في رزقنا؟.. هذا السؤال الذي "يخنق عبرة" كل بائع فقير وهو يرى بضاعته أمام الرصيف تصادر، وتنقل في سيارة البلدية، ثم ترسل إلى جمعية البر لتوزيعها.. صيحات وبكاء وألم وحرقة في الشارع.."مشهد تراجيدي" لايحتاج إلى مونتاج..الصورة تعكس الواقع كما هو.. واقع المعاناة لفئة لم تجد العمل، وخرجت تواجه البطالة والفقر بالعمل الشريف، ولم تجد سوى بيع الخضار على الرصيف، لتتفاجأ بدورية البلديات تصادر كل ما يملك ليعود إلى منزله وقد خسر كل شيء.. هذه الحالة بين تطبيق النظام ومصدر الرزق تحتاج إلى طرف ثالث لفك التشابك بينهما، وهو ما نطلق عليه البديل، وهو توفير البلديات أماكن مخصصة للباعة الجائلين..وهو الأمر الذي لم يتحقق سوى في أمانات محدودة، ومواقع قليلة، مثل تخصيص أمانة منطقة الرياض أربعة أماكن للباعة المتجولين لعرض بضاعتهم وفقاً للضوابط والشروط التي تكفل الاستفادة للبائع والمشتري في بيئة صحية ملائمة، حيث جهزت تلك المواقع بالخدمات والمرافق الأساسية مثل المصليات ودورات المياه ومواقف السيارات مع تظليلها تظليلاً كاملاً. وتعد هذه التجربة بحاجة إلى تعميم على جميع المناطق والمحافظات والقرى؛ ليس فقط لإيجاد مصدر دخل للفقراء والمحتاجين، وإنما أيضاً للحد من مخالفي أنظمة الإقامة، والقضاء على ظاهرة انتشارهم العشوائي في المدن، إلى جانب تنظيم حركة السير، والحفاظ على جمال المدينة دون تشويه.. يوسف: العبرة تخنقني المشهد الذي يتكرر يومياً ووقفت عليه "الرياض" هو مصادرة مراقبي أمانة الأحساء ممثلة في إدارة الخدمات العامة ومراقبة الأسواق لبضائع الفقراء، ونقلها إلى الإدارة، ومن ثم الاتصال بجمعيات البر لاستلامها، وتوزيعها على الفقراء والمساكين، حيث يتم ذلك بشكل مستمر دون إيجاد الحلول الشافية من مسؤولي الأمانة، بل على العكس كل يوم يزداد عدد الباعة الجائلين، بمعنى أن خيار المصادرة للبضائع غير مجدٍ. يقول حسين الحرز شاب لم يتجاوز العشرين من عمره بأن ظروفه المادية أجبرته على بيع الخضروات، كما أن حالة أسرته المادية أجبرته على العمل لأكثر من 16 ساعة يومياً لجلب مصروف البيت، ولكن الأمانة دائماً تطاردهم في جميع المواقع دون توفير أماكن مهيأة للبيع، وقال: أنا أستغرب كيف يتم مصادرة البضاعة من فقراء وتوزيعها على فقراء عن طريق جمعية البر؟، وكيف للجمعية أن تقبل تلك البضاعة مع أنها تعلم مصدرها بأنها تؤخذ من أصحابها دون رضاهم!!. ويضيف ياسر السماعيل أنه بحث عن عمل منذ زمن بعيد إلا أنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة، وقال: أتمنى الحصول أي وظيفة للكسب الحلال حتى وإن لم يتعد الراتب 1500 ريال ليأكل لقمته دون الحاجة للناس أو السرقة والعياذ بالله، مشيراً إلى أن تلك الظروف دعته بأن يقوم ببيع الخضروات عند المساجد. وأضاف أن الأمانة تطبق النظام، ولكن هذا النظام لا يتغير أو يوجد أي بدائل لإنهاء معاناتنا كل يوم، مؤكداً على أن الباعة هم فقراء ويجتهدون أن تكون بضاعتهم الهويدي:أبحث عن قوت أولادي جيدة وعدم إهمال المكان بعد نهاية البيع بهدف الحفاظ على لقمة عيشه. بينما يقول عبدالله الهويدي "بائع خضار" والعبرة تخنقه بعد أن صادرت البلدية رزقه ورزق أولاده، لقد أخذوا مني الخضار التي أقف معها على الرصيف كل يوم بحثاً عن قوت أولادي وتسديد إيجار شقتي، مشيراً إلى أنه لا يملك عملاً آخر، ويحتاج إلى "المال الحلال" لتوفير الطعام والشراب لأبنائي. وأوضح يوسف السماعيل بأنه حاول أكثر من مرة الحصول على موقع في سوق الخضار المركزي الذي يبعد عن وسط المدينة مسافة ليست بالبسيطة ولكن دون جدوى، وقال بأن تلك المواقع مكتملة بالكامل ولا يوجد مواقع جديدة، وهو ما جعلني أزاول بيع الخضار والفواكه عند المساجد والطرق السريعة، مؤكداً على أن كل واحد من الباعة يتمنى الحصول على عمل يكسب منه "الرزق الحلال" له ولجميع أسرته، ولكن الشكوى لله فلا يوجد لدي وظيفة، ومراقبو البلدية يحاصروننا من كل جانب، متمنياً أن توجد الأمانة حلولاً "تجبر خاطر" الباعة المكسورة قلوبهم. إدارة مراقبة الأسواق تطبق النظام لمنع الباعة الجائلين السماعيل: صادروا بضاعتي وخسرت كل شيء