ما كان لجمهوري أمريكي أن يقوم بنشر تحذير أكثر جزماً أو علانية لصقور الإدارة حول المسألة العراقية من ذلك الذي نشره جيمس بيكر في صحيفة نيويورك تايمز الاسبوع الماضي لو كان ثمة استثناء فربما فقط في حالة تناول جورج بوش الأب قلمه للكتابة. ولكونه وزير الخارجية خلال حرب الخليج وأفضل سياسي محنك في عهد بوش الاب يعتبر بيكر هو الجمهوري الأرفع مكانة الذي حذر علناً حتى الآن من الاستراتيجية الخاصة بالعراق التي يتحمس لها المغامرون من أصحاب النظرة الأحادية في الإدارة الأمريكية. وتعتبر مقالته الإشارة الأكثر وضوحاً حتى الآن إلى حجم الأزمة الداخلية الحقيقية المتفاقمة داخل المؤسسة الجمهورية بسبب العراق كما تأتي كلماته أيضا بمثابة عبوة ناسفة من الحقيقة الباردة في مواجهة المتعصبين واللهجة المزدرية التي يتبناها بصورة روتينية أقرب مستشاري الرئيس في الشأن العراقي في مواجهة أولئك الذين يدافعون عن أي شيء يقل عن الدعم المطلق (100%) لحرب أمريكية أحادية الجانب ضد صدام حسين. تتمثل المسألتان الأكثر أهمية اللتان يقولهما بيكر في مقالته في أن على الولاياتالمتحدة ألا تقوم بعمل منفرد ضد صدام بالاضافة الى ان الطريق نحو عهد جديد في بغداد يتعين أن يكون عبر مجلس الأمن ويقيم بيكر دعوى تثير الإعجاب تقول إنه ما لم تبذل الولاياتالمتحدة الكثير والكثير لبناء تأييد دولي لعمل ضد العراق وما لم تقر بصدق بحجم ومستوى المغامرة التي تتجه إليها فإن الثمن العسكري والسياسي سيكون مدمراً بالنسبة للولايات المتحدة- ناهيك كما يشير السيد بيكر عن التأثير على الحرب ضد الارهاب نفسها ويكتب السيد بيكر بوضوح: يتعين علينا أن نحاول أقصى ما يمكن كي لا نذهب إلى الحرب بمفردنا وينبغي على الرئيس أن يرفض نصيحة أولئك الذين يشيرون عليه بغير ذلك ولما كانت المقالة قد جاءت بعد أيام قليلة فقط من توبيخ سفير واشنطن في ألمانيا للمستشار الألماني شرودر لجرأته على انتقاد سياسة الولاياتالمتحدة تجاه العراق ووصفه إياها بالمغامرة فإنها تأتي تذكيراً بالطريقة السيئة التي يدير بها الصقور الأمور وبشكل ينفر الأعداء والأصدقاء معاً. وحتى إذا كان كولن باول وتوني بلير غير معنيين مباشرة بالقرارات فإن خروج السيد بيكر ومستشار الأمن القومي السابق برينت سكوكروفت -بما يمثلانه من وزن- بشكوكهما إلى العلن خلال الاسبوعين الأخيرين لا بد يبعث إلى ارتياحهما.لقد انفرد المفكرون الخطرون للسيد بوش - بصفة خاصة ديك تشيني، كونداليزارايس ودونالد رامسفيلد - بالساحة لوقت طويل جدا ويأتي تحذير السيد بيكر كإشارة إلى أن الإدارة يتعين عليها تغيير أساليبها وليس فقط نحو العراق.