شائكة هي الكلمات حتى ولو تصنعنا بساطتها وقابليتها لان تكون اداة طيعة لتعبيرنا,, شائكة كما هذه اللحظة حين لا تجد من يقاسمك فنجان قهوة,. يطل الفنجان بطقسه الخاص ليشعرك برهبة سؤال يلح عليك اوحيد حقا انت؟ ,, تتأمله فنجان هو صنعته يد صينية ليستقبل في جوفه قهوة رغبت ان تكن مرة,. كنت تضعه بين اصابعك لتقربه من شفتيك,, لترتشف تلك المرارة، تعيده يدك الى الطاولة التي يئن خشبها من تراكم الكتب والاوراق وأشرطة التسجيل والاقلام، والمجلات، تخاف ان تنسكب تلك القهوة على كتاب كنت تحمله بيدك الاخرى ووضعته لتحتسي القهوة,, لا موطىء لقدم ولا لقعر فنجان على تلك الطاولة، تحمل الكتاب مرة اخرى لتضع الفنجان ثم ما تلبث ان تحملهما معاً لتقرأ كثيراً ولتتجرع المرارة اكثر,. ترفع رأسك قليلاً وتراه,. كيف جئت؟ انا او انت؟ لم اشعر بوجودك مطلقاً. انت دائماً تنسى نفسك وبالذات عندما تكون مهتماً بقراءة كتاب. ربما, ولكن,. ربما كان ذلك الشخص الذي لا ترغب ان يشاركك احتساء القهوة وبالذات وانت تعلن لكل الاصدقاء بأنه من العبث احتساء فنجان قهوة ومشاهدة مباراة في كرة القدم تبثها احدى القنوات التلفزيونية كما يفعله امامك الآن,, قد تجامله كعادتك دائماً بأن تغلق الكتاب الذي بيدك وتقضي على ما تبقى من القهوة وتسأله كم النتيجة على الرغم بأنها لا تعني لك شيئاً. يعجبني حماسك,, تشجع البرازيل. لا,, اشجع الجمهور,,,! تصفعه اجابتك لاسيما وهو يعلم انه في مجتمع رجولي كما الشقة التي تسكنها لابد من البحث عن مواطن اخرى للجمال غالبا لا تكون المرأة من ضمنها. ينتهي الصخب الذي احدثه ذلك الشخص,, ليطرح مشروعه الذي لا يقل صخبا للذهاب الى المقهى حيث الاصدقاء,, تعتذر في البدء لرغبتك في قراءة بعض الصفحات من كتاب اثار جدلا عندما نشر بلغته الاصلية,. بامكانك اخذه معك ولك ان تجلس في مكان هادىء لتقرأ هناك اذا لم يعجبك حديث الاصدقاء. وكعادتك ترضخ لمشروعه هذا,, تغادران شقتكما ولرغبته بالتحدث اليك ولتريح عينيك كما اقنعك,, تستقل سيارته لتجلس على المقعد الايمن وتستمع الى اغان شبابية تبثها محطة اذاعية,, تطلب اغلاق المذياع فيؤكد بأنك ستستمع بعد قليل لاغنية جديدة لفيروز تلك التي احببتها كثيراً وتتمنى ان تنشلك فيروز من ضجيج تبثه تلك الاغنيات,, تصلان الى المقهى وفيروز حلم تبخر,. تقابل الاصدقاء,, تحيط بكم اجهزة تلفزيون مختلفة لقنوات تقترح بأن يكون جلوسكم في مكان اكثر هدوءاً,, يوافق البعض وينصاع البقية قسراً فتشعر بالسعادة قليلاً لابتعادك عن صخب وسط المقهى وان هناك مجالاً للحديث بينكم قد يكون مجدياً,, بعد ان يسجل النادل طلب كل واحد منكم,, يترنم احدهم بمقاطع من اغنية شعبية رديئة فتتمنى ان تلقمه حجراً فيغضب صديقك لضجرك. لا ادري لماذا لا تحب هذا المغني يواجهك السؤال بحده وينتظر الجميع اجابتك وهل هو حقاً مغني,, صدقوني لا يعجبني مطلقاً تجدها فرصة بأن تتحدث باسهاب عن الغناء الجيد وخامة الصوت المتميزة التي يجب ان يتسم بها كل فنان وان هنالك غناء يدعو للانفتاح على الآخرين لا الى التقوقع الى محلية ضيقة غالباً تكون غير مفهومة,. حلوه تقوقع هذه تصفعك هذه المداخلة,, ويكمل آخر رجاء بلا فلسفة بشىء من الهدوء تقول: هي ليست فلسفة بل اقناع بما هو صحيح كأنك لست من عامة الناس ماذا تعني هؤلاء المطربون الذين لا يعجبونك نبعوا من الشعب والذي انت منهم شئت او ابيت انا لا اعلم ولكن,. ولكن ماذا ويضيف الآخر بحنق يا اخي دعه,, قرأ كتابين وبدأ يتفلسف علينا تشعر بالغليان,, يحاول صديقك مراعاة لشعورك ان يغير مجرى الحديث,, تصاب بالاحباط عندما تفقد اللغة المشتركة معهم,. تبحث لك عن مكان قصي فيقابلك الصخب في كل مكان تذهب اليه، تغادر المقهى مشحوناً بالغضب,, الصخب يحيط بك، اصوات الناس، هدير السيارات، يلحق بك صديقك ويطلب منك العودة الى بقية الاصدقاء، تخبره بأنك ستذهب لشراء صحيفة يومية وستعود، تجد انها حجة معقولة للابتعاد عن صخبهم ولو لدقائق معدودة، تحاول اجتياز الشارع، تصطدم باحدى السيارات المسرعة يرتطم جسدك بأرض ترابية,, تفتح عينيك تجد البياض حولك,, وقدميك كتلتين من الجبس,, تبتسم امرأة بجانبك تلبس ملابس بيضاء,. الحمد لله على السلامة تنظر اليها,, كانت تقف بالقرب من سريرك,, تحمل بيدها الكتاب الذي كان بحوزتك,. تتنبه لنظرتك,. عفواً,, هذا الكتاب كان معك عندما وقع الحادث,, عذراً اذا كنت تطاولت قليلاً وبدأت بقراءته,, حقيقة هو مثير للجدل تكاد تدمع عينيك,, الماً وسعادة,, هل تريد ان تأكل شيئاً,, شاي,, قهوة. تنظر اليها,, تتمنى ان تجلس بجانبك,, لتتعرف عليها كثيراً,, هي الآن تؤدي عملها في ذلك المستشفى الكبير,, تستجمع قواك وتقول لها قهوة,, لا اريدها مرة,, واذا امكن لو تستقطعي من وقتك قليلاً لنتحدث حول هذا الكتاب,. تبتسم لك,, تشعر بانتعاش فقدته منذ زمن طويل,, تضع الكتاب بجانبك وتغادر الغرفة لتبقى وحيداً بانتظارها,, مع فنجان قهوة.