وكنت - كعادتي- بأحر الانتظار لافاويق أبي تراب على مدار الاسبوع، ولكن راعتني (الحلقونات) وخلت أن فيها زئير الاسد وكنت اسمعته سجع الحمام، واذا بالشيخ الجليل يعدو بي طوري ويراني من اقرانه، ونسي سنين بعد اليفاع يعل فيها وينهل وينتقي نوادر الكتب والمخطوطات وانا لم استهل صيحات الاطلالة على هذه المعمورة.. ونسي سنين بعد ذلك يكتب فيها ويحقق ويناظر ويصك الخصوم بدقائق التحقيقات صك الجندل كصاحب الرد على الهاتف من بعد، والغزالة تشرق علينا وتغرب ونحن نتصاك بالكعاب ونقامر عليها واليوم نخطو أول خطوة خطاها علامة عصره الشيخ أبو تراب الظاهري في مجالات العلم والبحث والمناظرة، واذا بنا وهو كما قيل: وابن اللبون اذا مالز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس وللقارح اليعبوب خير علالة من الجذع المذكى وابعد منزعا فاستسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم، ويبدو له اليوم ما كان خافيا وهو يمتحن حصيلتنا العلمية فلا يجد فيها نبأ (ابن حزم منجنيق هذه الامة) وانا الذي جندت اشياخا لي لهم باعا طويل في البحث والتنقيب فلم يعثروا على هذه العبارة فيما طبع من كتب ابن تيمية علي أن نسبتها له باتت امرا ظاهرا وقد خفيت على كتاب ترجمة ابن حزم وان لم نجد مصدرها في كتب شيخ الاسلام لأن راويها أبو تراب وهو ثبت مأمون في نقله وبحثه بيد أننا نعرف أقوالا وتقديرات لشيخ الاسلام ابن تيمية في الامام ابن حزم كالتي في نقص المنطق ص 17-18 الطبعة الاولى عام 1370 ط م السنة المحمدية وكالتي في شرح العقيدة الاصفهانية عن قرمطة ابن حزم وكما في زاد المعاد من رواية تلميذه ابن القيم.. أما كلمة الشاطبي في الموافقات فلم تفتني، فقد قال (ج 1ص 95) وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم بآدابهم 10ه وكيف يخفى عليّ ذلك وقد نقلت اقاويل للشاطبي من الموافقات والاعتصام في المنهل بمناسبة ذكر داود وظاهريته وارجأت منها ما كان يخص ابن حزم، بل لم يفتني ما في الموافقات ج 4 ص 179 وص 261 عن الظاهرية، ولم تفتني كلمة الذهبي في تفصيل ابن فورك على ابن حزم ولا كلمة ابن السبكي في المجلد الاول من الطبقات، ولا كلمة ابن العربي في شرح الترمذي، بيد أنني ما شرعت في نفل الاقوال عن ابن حزم، وانما كنت انقل ما قيل في داود وظاهريته، وقد افادني فضيلة الشيخ عبدالقدوس الانصاري- امد الله في عمره- انها لم تصله الحلقة الرابعة من بحثي عن ابن حزم وكنت ارسلتها له فسئمت تكرار النقل وبقي البحث مبتورا.. واما مناظرة الباجي وابن حزم فقد اشار إليها الشيخ أبو تراب قبل ذلك في ترجمة له موجزة عن ابن حزم في البلاد، وكنت حريصا على نصوصها، ولعل فضيلته يتحفنا وقراءه بنشرها تباعا في صفحته الاسلامية، وانه -ان شاء الله- لفاعل، ادام الله سعادته، وبارك في أيامه. وكتبه أبو عبدالرحمن بن عقيل