شنت إسرائيل عدواناً واسع النطاق على غزة ودمرت عدة منازل ومصانع وجرحت فلسطينيين بعضهم في حال الخطر، في وقت كشفت فيه معلومات لمسؤول أوروبي النقاب عن كيفية استباق رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون إعلان حماس وقف العمليات الاستشهادية من خلال إصدار أمره إلى قواته بتنفيذ مذبحة غزة يوم الثلاثاء الماضي. المذبحة لإحباط مبادرة حماس فقد كشفت تقارير صحفية إسرائيلية النقاب عن ان ديبلوماسيا أوروبيا يعمل في منطقة الشرق الأوسط التقى يوم الاحد الماضي مع مسؤول كبير في جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية «الشاباك» وأطلعه على تفاصيل الاتصالات التي أجراها مع حركتي فتح وحماس والاتفاق على نشر بيان بشأن وقف العمليات الاستشهادية ضد الإسرائيليين. وحسب رواية الديبلوماسي الأوروبي التي نشرتها أمس صحيفة «يديعوت احرونوت» كان من المفروض ان يصدر البيان حول وقف اطلاق النار يوم الثلاثاء بتوقيع أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية حسين الشيخ، إلا أن شارون أصدر اوامره بتنفيذ عملية اغتيال الشيخ صلاح شحادة ليل الاثنين من أجل عرقلة إصدار البيان. وقال مصدر إسرائيلي على صلة بالاتصالات لبلورة بيان وقف اطلاق النار ان الديبلوماسي الأوروبي اطلع الشباك وأوساط أمنية أخرى على أدق تفاصيل الاتصالات في مسألة الإعلان عن وقف اطلاق النار. وقال الديبلوماسي لهم إن قادة حماس في غزة الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي مطلعان على الأمور وسينضمان إلى المبادرة. ووفق التقارير فإن الاتصالات التي أجراها الديبلوماسي الأوروبي وناشط سلام أمريكي آخر مع حركتي فتح وحماس جرت بالتزامن مع محاولة كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية و منهم نبيل شعث و محمد دحلان وعبدالرزاق اليحيى إحراز تفاهم مع المنظمات الفلسطينية المختلفة حول وقف اطلاق النار وبصورة منفصلة عن هذا المسار. شهيد في قلقيلية ومن جانب آخر، أكدت مصادر طبية فلسطينية مقتل فلسطيني أصابه جنود إسرائيليون في رأسه أثناء مداهمتهم للمنازل في مدينة قلقيلية الخاضعة لحظر التجول بشمال الضفة الغربية. وقالت المصادر «إن زياد أحمد الحاج حسن (34 عاما) قتل أثناء تواجده في مطبخ بيته بينما كان جنود الجيش الإسرائيلي يداهمون بيوتاً في حيه وهم يطلقون النار بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابته برأسه». وأضافت: «ان زياد أحمد الحاج حسن نقل إلى مستشفى قلقيلية الذي لم يتمكن من علاجه لخطورة حالته فنقل إلى مستشفى إسرائيلي حيث فارق الحياة داخل سيارة الإسعاف». إصابة ثمانية في اعتداء على غزة وقد أصيب ثمانية فلسطينيين فجر أمس الجمعة برصاص الجيش الإسرائيلي الذي توغل في أراضٍ خاضعة للسيطرة الفلسطينية ودمر بالمتفجرات والجرافات العسكرية منشآت فلسطينية في قطاع غزة.وقال مصدر طبي لوكالة فرانس برس إن «أربعة مواطنين أصيبوا برصاص قوات الاحتلال جراء القصف بالرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات في عملية التوغل في أراض تحت السيادة الوطنية بحي الزيتون» جنوب شرق مدينة غزة. وأشار المصدر إلى ان الجرحى نقلوا إلى مستشفى الشفاء بغزة وبينهم «اثنان في حالة خطرة وهما أحمد الكباريتي (22 عاما) ورائد دلول (25 عاما) الذي أصيب في الوجه إضافة إلى محمود الأقرع (25 عاما) وامرأة هي سماهر شحيبر (23 عاما) وحالتهما متوسطة».وذكر مصدر أمني رسمي لفرانس برس أن «أكثر من ثماني دبابات وثلاث جرافات عسكرية توغلت لأكثر من تسعمائة متر في أراضي المواطنين في حي الزيتون وسط اطلاق كثيف للنيران والقذائف المدفعية تجاه منازل المواطنين». وقد أكد الجيش الإسرائيلي عملية التوغل وزعم في بيان عسكري ان وحداته «دمرت 22 آلة تستخدم لصنع قذائف قسام ونسفت بالمتفجرات المباني التي تضم المشاغل لصنعها». وذكر مصدر أمني فلسطيني أن الجيش الإسرائيلي «دمر بالكامل بواسطة التفجير مبنى يضم ورشة للحدادة والخراطة إضافة إلى تدمير جزء كبير من مصنع لاسطوانات الغاز وإلحاق أضرار كبيرة في عشرة منازل على الأقل بالمنطقة». وأوضح شاهد انه «سمع صوت سبعة انفجارت على الأقل قامت بها قوات الاحتلال داخل مبنى فلسطيني وتصاعد دخان كثيف في وقت حلقت فيه مروحيتان عسكريتان إسرائيليتان في الأجواء». وكانت القوات الإسرائيلية دمرت قبل شهرين مصنعا للأخشاب وورشة للحدادة في المنطقة نفسها بوضع المتفجرات بداخلها وتفجيرها بالتحكم الإلكتروني وفقا للمصادر الأمنية. وأوضح المصدر الأمني ان «قوات الاحتلال جرفت بالكامل موقعا لقوات الأمن الوطني بعد ان أمطرته بالرصاص» ما اضطر أفراد القوة إلى مغادرته. وأصيبت عدة منازل بأعيرة من النوع الثقيل أطلقها الجيش الإسرائيلي بالإضافة إلى تدمير أعمدة للكهرباء في المنطقة نفسها وإلقاء قنابل صوتية قبل انسحابها باتجاه مستوطنة نتساريم جنوبغزة أيضا حسبما أفاد عدد من سكان الحي. وذكر شهود ان «تبادلا لاطلاق النار وقع لفترة محدودة في المنطقة على اثر التوغل الإسرائيلي». وأوضح أحد السكان ان المروحيات العسكرية الإسرائيلية حلقت على ارتفاع منخفض فوق أجواء المنطقة فيما لا تزال الدبابات تواصل «توغلها وسط اطلاق النار». وما ان وقعت التفجيرات الإسرائيلية حتى تجمع على الفور عشرات الفلسطينيين في المنطقة ورددوا هتافات «تدعو إلى مقاومة الاحتلال» وتستنكر «العدوان الإسرائيلي المتواصل». ودان مسؤول أمني بشدة «هذا العدوان الإسرائيلي الجديد حيث اضطرت عشرات العوائل للخروج من منازلها بسبب القصف العشوائي». وأشار إلى ان «التصعيد العدواني يأتي بعد يومين فقط من المجزرة البشعة في حي الدرج بغزة» داعيا العالم إلى «توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني إزاء حرب إسرائيل ومجازرها». وكان قتل في الغارة الإسرائيلية مساء الاثنين 15 فلسطينيا بينهم تسعة أطفال وصلاح شحادة قائد كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس. وبحسب الشهود «وصل إلى المكان مسلحون من فصائل فلسطينية مختلفة» دون تحديدها. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم خلال الأيام الأخيرة اطلاق العديد من صواريخ قسام على أهداف إسرائيلية اثر الغارة الجوية الإسرائيلية الدامية على غزة الاثنين. واطلق فلسطينيون أمس الأول الخميس صاروخ قسام على كيبوتز داخل إسرائيل يبعد خمسة كيلو مترات عن قطاع غزة. وقال ناطق باسم الجيش إن «الصاروخ سقط داخل كيبوتز سعد على بعد حوالي 15 مترا عن أحد المنازل لكن احدا لم يصب بأذى». وأضاف أن الصاروخ اليدوي الصنع هو من نوع قسام-1 يصل مداه إلى خمسة كلم وقامت بصنعه كتائب القسام. من جهة ثانية أوضح مصدر طبي انه «أصيب أربعة مواطنين في المخيم الغربي بخان يونس جراء قصف إسرائيلي بالرشاشات الثقيلة وقذائف الدبابات ونقلوا إلى مستشفى ناصر بالمنطقة». وقال الجيش الإسرائيلي أيضا ان فلسطينيين فتحوا النار مساء الخميس على مركزين عسكريين، احدها قريب من مستوطنة نيفي ديكاليم غرب خان يونس والثاني قريب من رفح على الحدود مع مصر. اعتقالات ذات صلة بشحادة وفي غزة أيضا أفاد عبدالعزيز الرنتيسي القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية حماس أمس الجمعة أن أجهزة الأمن والشرطة الفلسطينية اعتقلت عددا من الأشخاص للاشتباه في علاقتهم باغتيال إسرائيل لصلاح شحادة قائد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس. وقال الرنتيسي لوكالة فرانس برس: «لدينا معلومات بأن أجهزة الأمن والشرطة اعتقلت عددا من الأشخاص على خلفية اغتيال الشهيد القائد صلاح شحادة». وأشار إلى ان «التحقيق جارٍ مع هؤلاء الأشخاص لمعرفة ما إذا كانوا متورطين في قضية الاغتيال أم لا» لكنه أكد «لم نجر اتصالات مع الشرطة بهذا الشأن». وشدد الرنتيسي على ان «حماس لا يمكن ان تقبل بأية وساطة حول استراتيجيتها بشأن المقاومة».. وكان الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس اقترح قبيل الغارة الإسرائيلية الأخيرة على حي الدرج في غزة وقف العمليات بشروط. اقتحام جنين ومن جانب آخر اقتحمت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس قرية «اليامون» في مدينة جنين بالضفة الغربية. وأفادت الإذاعة الإسرائيلية أن قوات الاحتلال اعتقلت العديد من أبناء القرية وداهمت منازل المواطنين كما فرضت نظام منع التجول. وذكرت مصادر فلسطينية إن قوة من جيش الاحتلال تدعمها دبابات ومجنزرات نسفت النادي الرياضي في البلدة واطلقت عدة قذائف أصابت ثلاثة منازل بأضرار جسيمة. إلى ذلك قال الجيش الإسرائيلي إن مسلحين فلسطينيين أطلقوا صاروخا مضاد اللدبابات على حافلة إسرائيلية مصفحة قرب مستوطنة نتساريم بقطاع غزة أمس الجمعة مما أدى إلى إلحاق أضرار بالغة بالحافلة دون وقوع إصابات. وقال الجيش الإسرائيلي إن خمسة مدنيين وجنديين كانوا في الحافلة، وهذه أول مرة يتم فيها استهداف حافلة إسرائيلية بصاروخ منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة قبل 22 شهرا، وسط توقف في محادثات السلام. قائمة اغتيالات من جهة أخرى، أصدرت كتائب «العودة» التابعة لحركة فتح بيانا أمس شمل لائحة بأسماء مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى سيكونون هدفا للاغتيال من قبل الحركة في أعقاب اغتيال الشهيد صلاح شحادة و 14 مدنيا فلسطينيا غالبيتهم من الأطفال. ومن بين الأسماء التي يشملها البيان رئيس الحكومة أرئيل شارون ورئيس الحكومة السابق ايهود باراك و رئيس هيئة الأركان العامة السابق شاؤول موفاز و رئيس هيئة الأركان العامة الحالي موشيه يعلون و وزراء من الحكومة الحالية وحكومات إسرائيلية سابقة من بينهم يتسحاك ليفي و أفيغدور ليبرمان و ضباط عسكريون كبار من بينهم اللواء عامي درور واللواء وعاموس مالكا ومسؤولون آخرون رفيعو المستوى من جهاز المخابرات الإسرائيلية العامة «الشاباك». وقد ردت الشرطة الإسرائيلية على هذا البيان بقولها إن جهاز المخابرات العامة الشاباك هو المسؤول عن حماية جميع الشخصيات التي وردت أسماؤها في لائحة الاغتيالات. قوة عمل دولية على صعيد آخر أعلنت الأممالمتحدة ان قوة العمل الدولية حول الاصلاحات الفلسطينية المؤلفة من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأممالمتحدة والنرويج واليابان وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي اجتمعت أول أمس في إسرائيل مع مسؤوليين إسرائيليين كبار من بينهم وزير الخارجية شيمون بيريز وممثلين من مكتب رئيس الوزراء ووزارة المالية والمنسق الإسرائيلي للمناطق. وأوضح المتحدث باسم الأممالمتحدة فريد ايكهارد في تصريح صحفي ان وزير الخارجية الإسرائيلي أبلغ قوة العمل بأن إسرائيل توشك على تسليم عشرة في المائة من قيمة الضرائب المضافة التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية. وقال المسؤولون الإسرائيليون إن الأمن يبقى هاجسهم الكبير غير أنهم أعربوا عن رغبتهم في العمل مع قوة العمل لتسهيل عملها. وأضاف المتحدث ان قوة العمل الدولية تعمل من أجل إيجاد ظروف موائمة للإصلاح في السلطة الفلسطينية ويشتمل ذلك على العمل عن قرب مع المسؤوليين الفلسطينيين في مجالات معينة مثل القانون والانتخابات والمالية.