إن حياة البادية أجمل حياة يعيش فيها الانسان بعيداً عن حياة الازدحام والضجيج وتعقيد الحياة في المدينة، فالبادية تمثل جمال الطبيعة ووضوح الصحراء وحياة العزة والشجاعة والأخوة والنخوة والكرم والصبر على الشدائد. انه لا يعرفها إلا من عاش فيها ورغم الحياة الصعبة في القديم وقساوة الحياة ولكنها تمثل الحياة الجميلة البسيطة الهادئة التي تجعل البدوي يكون من السعداء في الأرض بالحرية والانطلاق والتمتع بما أودعه الخالق سبحانه من الجمال في الأرض والتفكير في خلق السموات والأرض. * .وقد عاش الرسول صلى الله عليه وسلم في بادية بني سعد ورعى الغنم وكذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام رعوا الغنم. يوم في حياة البادية: يبدأ البدوي يومه بالقيام عند صلاة الفجر وبعد الصلاة يقوم البعض بتجهيز الفطور وبعضهم يقوم بارضاع البهم، وبعضهم بحلب الغنم وتسمع مع الفجر الجميل قبل أن يحمل الليل عصاه على كاهله ويرحل وقبل بزوغ الشمس تسمع ترديد الناس لا إله إلا الله محمد رسول الله والله أكبر واستغفر الله، وتسمع تغريد الطيور والبلابل وهديل الحمام، ثم يتوزع الأهل فالبعض يذهب لجلب الماء في القربة وبعضهم يرعى الغنم وصغار السن يرعون البهم وهناك من يخض الحليب لتجهيز اللبن والزبدة وفي وقت الظهر يعود راعي البهم وعند قرب العصر يخرج بهم للمرعى الى قرب الغروب. وعند عودته يتكرر المشهد الصباحي، وتسمع أوقات الصلاة، الأذان الجميل يتردد في الصحارى والقفار والوديان مع جمال الغروب عند توديع الشمس للأرض في يوم جميل، وعندما يقوم البدو بالرحيل يحملون بيت الشعر على الجمال والنزول في مكان جديد يمثل السعادة والراحة لهم.. وهم ينامون في الغالب بعد العشاء ويسبحون الله عند النظر للسماء لجمال النجوم والقمر في ليل البادية الرائع، ولو جرب أهل المدن حياة البادية لما ابتغوا لها بديل، يقوله من عاش فترة طويلة من حياته في البادية الجميلة في الهواء الطلق بين الجبال وفي الغابات وفي الفيافي القفار . يقول الشاعر في وصف البادية وحياتهم: لنا الفخر بدو.. وأهل الوفى هم ربعنا.. نحن البداوة أصلنا لأنها مصنع رجال.. إن البدو أصل العرب.. نحن بداوتنا شيم دين وقيم.. إن البداوة تعني التمسك بالجذور ما هو التخلف والجهل.. ولو عشنا ببيوت الشعر.. عيشة ألم وعيشة فقر.. نشرب من الماء المهماج ونكحل نواظرنا بعجاج وغسيلنا حفنة رمل هي الدواء وهي العلاج.. وفراشنا رمل الثرى وسراجنا نور القمر. وقفة مع رجل كريم: لقد عاش الرجل الكريم الشهم سعيد بن صعبان في قرية المشرقة وكان من أكرم الناس ولا يرد من سأله ولا يمكن ان يأتيه أحد إلا ويكرمه حتى صار أشهر من منطقته وقريته وعرفه الناس ولما تُوفي رحمه الله ورغم مرور سنوات على وفاته لا زال يذكره الناس الى اليوم وقد كان عنده في احدى مزارعه بعض الفاكهة وقد كان يثمر طوال العام لكونه لا يرد أحداً أخذ منه، رحمه الله وغفر له واسكنه الجنة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عزوجل». رواه مسلم.