يمثل هذا المسجد الجامع واحداً من أبرز الامثلة المعمارية في العالم الاسلامي للنموذج التقليدي للعمارة المسجدية في الاسلام حيث يمثل مسقطه الافقي بسيط التكوين العناصر البسيطة المكونة للمسجد، إذ تتوسط الشكل المنتظم ساحة بنيت بدلالة ابعاد ونسب هندسية هي 2 إلى 3 أو 155 مترا في 238 مترا. وتحيط بالساحة المكشوفة أروقة مزدوجة من جهاتها الاربع فيما يبلغ عدد الاروقة من جهة القبلة 9 أروقة مقابل أربعة على الجانبين، ويتم الدخول للمسجد من خلال الاروقة من الجوانب الثلاثة عدا ناحية القبلة أما المئذنة الملوية الشهيرة فتقع في الناحية المقابلة للمحراب والقبلة وتقبع مستقلة عن الكتلة المستطيلة لجسم المسجد. وقد بني هذا المسجد الجامع في عهد المتوكل، ويعد واحدا من اضخم المساجد في العالم الاسلامي، واستعمل الآجر الطيني في بناء جدرانه ذات السماكة الكبيرة، وقد كانت تحيط بالمسجد زيادة من ثلاث جهات تفصل جدار المسجد عن المحيط من النسيج العمراني وتعمل كأفنية خارجية وساحات تجمع للمصلين بعد انتهاء الصلاة الجامعة، حيث يقضي الناس حوائجهم من بيع وشراء. أما ما يميز هذا المسجد الكبير فهو المئذنة التي لم يسبق لها مثيل في العمارة المسجدية حيث تشكل حلزونا متصاعدا لخمس مرات انتهاء بمصطبة تعلو عن الارض خمسين مترا، وتدور الممرات الحلزونية المتصاعدة بعكس اتجاه عقارب الساعة، وهو مما يماثل الحركة في الطواف، ويعتقد ان لهذه الحركة الدورانية بعكس اتجاه عقارب الساعة دلالات رمزية في تكاملية كونية، حيث ان الالكترونات داخل الذرات تدور في مدارات بعكس عقارب الساعة وكذا الارض حول الشمس. مما يحوي دلالات على تكاملية العمارة والفكر المعماري المسلم مع الدلالات الكونية المحيطة والاستجابة لها. وقد تم بناء مسجد ذي مئذنة ملوية شبيهة من قبل المتوكل ايضا في وقت لاحق هو مسجد ابي دلف بسامراء، غير ان نسب المسجد والمئذنة كانت أصغر وبنيت بشكل مختلف، وفي عهد المماليك تمت الاستعارة لهذه المئذنة المتميزة لدى بناء مسجد ابن طولون بالقاهرة حيث تحاكي المئذنة وكذا تكوين المسجد بشكل عام هذا المسجد الجامع الكبير في سامراء. ومما يعد أحد الامور الملفتة للانتباه في عمارة هذا المسجد والتكوين الفراغي له هو ان الضلع القصير للمسجد متوجه نحو القبلة وكذا بالتالي الضلع القصير للساحة مستطيلة الشكل ايضا. وهو مما لا يتماشى مع فكرة الصف الطويل للمصلين، حيث افضلية الأجر للصف الاول، وبذا تقليل عدد المصلين بالصف الاول وهكذا، وهذا التوجه نحو القبلة للمساجد منتظمة الاستطالة بحيث يكون الضلع القصير هو صف القبلة مما لا نجده في غيره من بعض الامثلة المسجدية في الفترة الإسلامية، كمسجد ابن طولون الذي يراعي على الاقل الشكل المربع للساحة الوسطية، وأبرز الامثلة المسجد النبوي الشريف في فترة بنائه الاولى دون التوسعات والزيادات. أو المسجد الاموي بدمشق أو الجامع الازهر بالقاهرة وكثير غيره من هذه الامثلة، وعدا ذلك فما يزال المسجد يعد من أبرز الموروث العمراني لفترة العمارة الإسلامية في بلاد الشام في أوج تكونها ونبوغها.