الأردن تدين حرق قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    البرلمان العربي يدين حرق كيان الاحتلال لمستشفى بقطاع غزة    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    رينارد: مباراة العراق حاسمة ومهمة للتقدم في البطولة    وزير المالية اليمني ل«عكاظ» الدعم السعودي يعزز الاستقرار المالي لبلادنا    التركي فاتح تريم يصل إلى الدوحة لبدء مهامه مع الشباب    "جلوب سوكر" .. رونالدو يحصد جائزة "الهداف التاريخي"    البيت الأبيض: المؤشرات تؤكد أن الطائرة الأذربيجانية سقطت بصاروخ روسي    القبض على أطراف مشاجرة جماعية في تبوك    مدرب قطر يفسر توديع كأس الخليج    «سلمان للإغاثة» يوزع 526 حقيبة إيوائية في أفغانستان    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مدرب اليمن يستهدف فوز أول على البحرين    الذهب يستقر وسط التوترات الجيوسياسية ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    دار الملاحظة الأجتماعية بجازان تشارك في مبادرة "التنشئة التربويه بين الواقع والمأمول "    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    إحالة 5 ممارسين صحيين إلى الجهات المختصة    سورية الجديدة.. من الفوضى إلى الدولة    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    اجتثاث الفساد بسيف «النزاهة»    خادم الحرمين يهنئ رئيس المجلس الرئاسي الليبي بذكرى استقلال بلاده    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    ليندا الفيصل.. إبداع فني متعدد المجالات    122 ألف مستفيد مولهم «التنمية الاجتماعي» في 2024    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    رفاهية الاختيار    5 مشاريع مياه تدخل حيز التشغيل لخدمة صبيا و44 قرية تابعة لها    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    حرس الحدود بجازان يدشن حملة ومعرض السلامة البحرية    اختتام دورات جمعية الإعاقة السمعية في جازان لهذا العام بالمكياج    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    بلادنا تودع ابنها البار الشيخ عبدالله العلي النعيم    حلاوةُ ولاةِ الأمر    46.5% نموا بصادرات المعادن السعودية    ما هكذا تورد الإبل يا سعد    التخييم في العلا يستقطب الزوار والأهالي    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة إلى (مَرَّان)
أرض بني هلال.. التي (كانت) ذات عيون وآبار وقصور وأشجار وحصون وأخبار
نشر في الجزيرة يوم 17 - 07 - 2002


حلقات صورها ويكتبها: حمّاد بن حامد السالمي
الأمس الذي كان في مران
* اليوم.. أنتم على موعد مع رحلة جديدة يقدمها لكم هذا الطيف.. الذي يطوف دون كلل أوملل، حول محافظة عريقة في تاريخها، أصيلة في ثقافتها وتراثها.. إنها الطائف، مدينة السلام.. مدينة الورد.. مدينة المؤتمرات.. العاصمة الصيفية للبلاد السعودية..
* اليوم.. نبحر بكم الى عمق الصحراء.. إلى) مَرَّان).. المركز الاداري الذي يتوسط المسافة بين حرة كشب وبين حرة بسيان.. والمحطة التاريخية على طريق حاج البصرة، التي (كانت).. ذات عيون وآبار ونخل وقصور.. وكلام كثير يرويه المؤرخون عنها عبر مئات السنين.
أبو جعفر المنصور مرَّ من هنا.. وعمرو بن عبيد يرقد هنا..!!
45 كيلاً تتحول إلى عذاب.. فهل تشعر وزارة المواصلات بهذا؟
الربيع .. الربيع
تحركنا من مدينة الطائف عند الساعة السادسة والنصف صباحاً من يوم الخميس الموافق للثاني عشر من شهر صفر لعام 1423ه كنت ورفيقي في هذه الرحلة الطويلة، جابر الجعيد من محافظة الطائف، كنت وهو على موعد مع صباح دافىء جميل معبق بأنفاس ورود الطائف وزهوره التي تتفتح مبتسمة على الغصون المخضرة فلا تغيب عن الأنظار. أخذنا طريق الطائف الرياض وهو طريق سريع جميل يكاد يكون مستقيما نحو الشمال الشرقي.. وفي غضون نصف ساعة، كنا قد تجاوزنا الحوية والقرشيات وأصبحنا في العطيف، توقفنا برهة في محطة للوقود نظيفة منظمة تتبع شركة ساسكو، وتمكنت هنا من مشاهدة الفلل والعمارات على مد النظر لا يحجبها سوى غابات شجر السمر. قال مرافقي: انظر الربيع في كل الاتجاهات فعلا إن الارض تحولت الى بساط أخضر جميل بعد ان مَنَّ الله عليها بالغيث عن يسارنا نشاهد طرفاً من ديار العصمة ثم يليها ديار البقوم بمحاذاة حضه. وعن يسارنا هذه ديار الروقة من عتيبة ونشاهد بين وقت وآخر أغناماً وماعزاً وقطعاناً من الابل ترعى وتكاد تختفي وسط الأعشاب والأشجار الملتفة. ظل هذا المشهد يلازمنا حتى وقفنا وجها لوجه أمام حرة كشب من شرقي مَرَّان.. انه الربيع.. الربيع الذي اصبح يتصدر حديث المجالس في كل مكان.. انه حديث جميل مبهج لولا ما يعكره من حديث عن البعوض والذباب..!!
وسوف نصل إليه لاحقا.
45 كيلاً من العذاب..؟!
كانت زيارتنا هذه الى مركز «مران»؛ بدعوة من رئيس المركز عقاب بن بندر بن ربيعان ومن بعض الاعيان هنا، وكنا قد انحرفنا مغربين من مفرق أم الدوم تاركين طريق الرياض بعد ان سرنا عليه 190 كيلاً وما كدنا ندخل في الطريق المؤدي الى مران والى مراكز أم الدوم ودغيبجة والحفر والرزيان وهي مناطق كثيفة السكان، حتى دخلنا في (بحصة) خطرة.. طريق مزفت، لكن تغلب عليه الحفر والتشققات.. انه طريق مجدور في زمن اختفى فيه (الجدري)..!! لقد تعرضنا للخطر عدة مرات ولما دخلنا مران بعد 45 كيلاً من العذاب، شاهدنا اثر هذا الطريق السيىء على سيارات الناس. أبواب مخلعة وزجاجات مكسراً وشكوى عامة.. من طريق شُقَّ وزُفِّت عام 1403ه، ثم نسي تماما.. هذا هو رأي الناس، وهذا هو انطباعي يا وزارة المواصلات، فما رأيكم؟!
مَرّ - مَرَّان - المَرَّان..؟
ما إن شاهدنا الدور في مران وأم الدوم ودغيبجة، حتى فوجئنا بأننا نعبر بحراَ من الملح والماء والرمل الأبيض..!! هذه إذن الصبخاء الشهيرة من جنوبي مران. انها خفس رملي ملحي أبيض يعكس أشعة الشمس، وتجتمع فيه سيول كشب الشرقية وكل الأودية من غربي وشمالي أم الدوم ودغيبجة فيه. رأينا بحيرة مائية تغالب الملح النقي الذي لا يستفيد منه أحد. وشاهدنا وايتات الماء الكبيرة وهي تتسابق لنقل مياه الشرب من آبار في مران الى المويه والحوميات.ولما دخلنا مران كانت أم الدوم ودغيبجة عن يسارنا وكانت هناك شركة تبني مقراً لمدرسة للبنات، ولكن عملها بطيء وتعلق لوحة تشير الى الرئاسة العامة لتعليم البنات وكأنها لا تدري ان مرجعها اليوم هو وزارة المعارف..؟!
وبعد ان دخلنا المركز والتقينا برئيسه عقاب بن بندر بن ربيعان رحت أخطط معه لجولة على كافة أودية وجبال وآثار مران . أما مران الذي نحدثكم عنه فهو في اللغة يعني شجراً باسقاً أو رماحاً صلبة لدنة. هكذا يقول (الفيروز آبادي)(1) من المران بضم الأول وفتح مشدد للثاني. وفي البحث عن سبب لغوي لهذا الاسم وقعت على بيت شعر لابراهيم المهتدي في نفحة الريحانة يقول:
لابد للأصيد في الفرسان
من مرهفٍ وذابلٍ مُرَّانِ (2)
وقال الشارح: المران الرمح اللدن في صلابة.
لكن يوجد ما يستحق التوقف عنده وهو خبر يتعلق بوفاة علم معروف هو (تميم بن مر) أبو القبيلة الشهيرة (تميم) فيقال: إنه مات ودفن في هذه البقعة وأن قبره فيها الى اليوم ويستدل على ذلك بشعر لجرير يعرض فيه بابن الرقاع:
قد جربت عركي في كل معترك
غُلْب الرجال فما بال الضغابيس؟
وابن اللبون اذا مالُزَّ في قَرن
لم يستطع صولة البُزْل القناعيس
إني إذا الشاعر المغرور جربني
جار لقبرٍ على (مَرَّان) مرموس(3)
فمُرَّان إذن اسم من شجرة معروفة كانت هنا، أو من الرمح، أو نسبة الى صاحب القبر تميم بن مرّ.
أين العيون والآبار والمزارع..؟!
بعد تناول القهوة والشاي قمت بصحبة رئيس المركز نبحث عن مران القديمة. لم نر في طريقنا سوى دور حديثة، وشارع واحد نافذ الى شعاب فيها مزارع تقترب من حرة كشب. ودار واحدة قديمة كانت لآل ابن ربيعان الذين من أشهرهم مسلط بن محسن بن ربيعان (ت 1220ه).
وعمر بن عبدالرحمن بن ربيعان (ت 1400ه) ثم تحولنا الى طرف مران من مشرق شمسها لنقف على أطلال وبقايا لقصرها القديم أيام عزها في قرون خلت فهنا منخفض لواد كانت تجري فيه العيون. والى الجنوب من القصر مرتفع عليه بقايا لقلعة حربية وعلى بعد حوالي 600م جنوبا قبر له أنصاب بارزة يقولون هو قبر عمرو بن عبيد(4) وحوله قبور كثيرة.. ومن هذا الموضع أمكننا مشاهدة دغيبجة التي هي (الشبيكة) محطة أخرى للحج على طريق البصرة المار من هنا.
أبو جعفر المنصور هنا..!!
عندما وقفنا على القبر تخيلت مشاهير الدولة الاسلامية الذين كانوا يمرون بمران في طريقهم الى مكة أو آريبين منها منذ القرن الهجري الثاني، ومنهم الخليفة أبو جعفر المنصور الذي زار قبر عمرو بن عبيد وقال شعراً(5):
صلى الإله عليك من متوسّدٍ
قبراً مررت به على مَرَّان
قبراً تضمَّن مسلماً متخشِّعاً
عبدالإله، ودان بالفرقان
كان الرجال إذا تنازع بعضهم
فصل الحديث بحكمة وبيان
لو ان هذا الدهر أبقى صالحاً
أبقى لنا عمراً أبا عثمان
وهو الذي قال فيه المنصور أيضا: (كلكم طالب صيد غير عمرو بن عبيد).
العيون والقصور التي كانت
إن مُرَّان هذه كانت مثلما تقول كتب الرحالة والمؤرخين وادياً كثير المياه، كثير الأشجار غناء كثيرة العيون والمزارع . قال بذلك عرام السلمي والسكري والحازمي والحربي وغيرهم لكن ما اشاهده اليوم غير ما كان بالأمس. العيون غارت والوادي ليس فيه سوى شجيرات سمر وسدر ودوم، وحده النخيل ظل صامداً حول آبار من أعلى الوادي جهة كشب.
قال الحازمي.. مران لبني هلال من بني عامر. وقال عرام: جزء لبني ماعز(6).
ولا تنفك الكتب تذكر مران فتقول: بها حصن ومنبر وناس كثير وقلت: كانت محطة مهمة على درب البصرة.. وما كان بها من عيون ونخل أكسبها هذه المكانة وهذه الشهرة، خاصة وهي كانت تتوسط الطريق بين الشبيكة غرباً منها والمويه وقباء شرقاً يقول الشاعر ويذكر ماعزاً من سكانها:
أبعد الطوال الشم من آل ماعز
يرجِّى بمران القرى ابن سبيل؟
مررنا على (مَرَّان) ليلاً فلم نعج
على أهل آجام بها ونخيل(7)
وقال ابن الأعرابي:
أيا نخلتي (مَرَّان) هل لي إليكما
على غفلات الكا شحين سبيل؟
أمنيكما نفسي إذا كنت خاليا
ونفعكما لولا الغَنَاء قليل
ومالي شيء منكما غير أنني
أحنُّ إلى ظليكما فأطيل(8)
رحلة مع الشعراء والشاعرات
هل الشعر يخلِّد المكان، أم المكان يخلِّد الشعر..؟! لا أعرف إلا أن المكان يخلق الشعر والشعر يبقى على المكان حيا في الذاكرة والدليل مران هذه.. لم يبق فيها ما يستدل به الا ما جاء في الشعر.
كانت عامرة على زمن وهب بن جرير فيورد له صاحب المناسك شعراً يفيد انها كانت محرماً:
فصبَّحت قبل الشروق (مَرََّان)
بين حرا جيج ضعاف الأركان
تعسف أجواز الفلا بالركبان
منزل القوم بها لغابا
وتركو الطعام والشرابا
والنوم حتى عقلوا الركابا
ثم استراحوا ساعة وأكلوا
حتى اذا ما الشمس زالت أرقلوا
للغسل كيما يحرموا، فاغتسلوا
وأبرزوا أثوابهم للإحرام
فلبسوا وحسروا عن الهام
ثم أهلوا والعيون سجام(9)
وفي العصر الحديث يذكرها بولس سلامة في ملحمته الشهيرة عن بني هلال في 282 بيتاً وهو يصور رحلة الملك عبدالعزيز الأولى من نجد الى الحجاز فيقول:
يا عجيري - قال سلطان نجد:
ما اسم هذي المرابع الفاغيات؟
قال: هذي (مَرَّان) مولاي فانظر
ما أثار النسيان في النخلات
يتذكرون من هلال بنيه
أو بدور المغارب الآفلات(10)
ويأتي دور الشعر الشعبي الذي يردده سكان مرَّان.
فهذا فهد السكران يقول:
عدٍّ مصاديره على الضلع الأسمر
مران بهاج الكبود العطاش(11)
وتقول الشاعرة مويضي البرازية وهي تمدح (حمود) بن ربيعان وتذكر مراناً:
منازل الخفرات بيض المفارق
مرَّان مشهى مغتر الخلف ولقاحِ
وشاعرة شعبية أخرى هي وضحا الجد يعية، من الموهة من مطير تبكي مرَّان وتقول:
أنا ويش بي ما أبكي وتبكي ضمايري
على منهل قيد القعود أرشاه
أبكي على مران عّدٍ به الروى
والحفر يغني للعليل بماه
أما الشاعر بخيت بن معاز الروقي المتوفي قبل 70 سنة فيقول:
مرباعنا ورا بريدة في الأسياح
يم النفود ويم هاك الجبالا
ليا صرصر الجندب، وعلم المحيا راح
وصفونا وصفونهم جاتٍ تبارى
يا زينها خشم الأكوام سرَّاح
حنا تيامنا وراحوا يسارا
حنا بني عدٍّ به الجم فياح
مران عد مسرهفات البكارا
وهم وردوا غردقٍ ماه سياح
الوادي اللي ما حالها عبارا
ولكن يوجد من الشعراء من ينقم على مران..!!
لأنه كان سببا في فراق محبوبته:
ألا يا الله لا يسقيك يا قلبان مرَّان
تلم الحي ساعة ثم كل ضارب نية(12)
من الماضي.. إلى الحاضر
* بعد وقفة طالت على أطلال مران القديمة، تحولنا الى الحاضر، فانتقلنا الى الجهة الشمالية والشرقية من مران حيث شاهدنا مزارع كثيرة للنخيل على مد النظر ويقولون انهم يزرعون أيضا الخضروات والحبوب والليمون وغيرها .. ووقفنا على تبة مرتفعة من أعلى مزرعة للشيخ محمد العذل وبعد أخذ الصور سجلت بعض المعالم الجغرافية التي استطعت تمييزها من هذا الموقع.
فهذه حرة كشب خلفنا شمالا وبطرفها جبال لحي ضب وحزي وقنَّة وأم الضلوع والصقريات وآينا وإيني وشلمان كلها جبال سود حرار مياهها في أودية تمر بمران نحو الصبخة الملحية جنوبا ومن هذه الأودية وادي مران أكبرها وبمحاذاته وادي ابو صلال ووادي السليل وأم المراغ.
ومن الشرق نشاهد جبلي هكران وهكيرين بين مران والمويه.. وجبال أخرى سود وصماع ونبجة والهيّل وفي الهيل ذكروا لنا وجود انفاق طبيعية تحت الأرض وبئر في أعلى الجبل تنفث هواء ساخناً وتجذب كل من يقترب من فوهتها وأنه لا قرار لها والوصول اليها صعب للغاية لأن أرض الجبل هيال واسمه على ما يبدو من هذا.
سباع وطيور وأشجار
وقبل عودتنا الى مقر المركز شاهدت بعض الطيور فسألت عنها قالوا هي كثيرة ومنها الحجل والقماري والكروان والقطا والحباري والضرمبان والوبر والعصفور والنفري والهدهد والغراب والحدأة والصقور والنسور والحمحوم والغرانيق ثم نوهو بالسباع والحيوانات البرية ومنها:
ذئاب - ضباع - ثعالب - ضب - أرنب - جربوع - ظباء.
والمشهد العام هو كثافة شجرية ونباتية آية في الجمال فهنا أشجار السمر والسلم والسرح والطلح والتنضب والوهط والعوسج والدوم والسيال.. كلهما تحيط بالنخيل الذي يتبطن الأودية.
ومن النبت الذي يلتف في هذه السفوح العشب والربل والشرشر والقفعاء والنفل والحربث والخزامي والربلة والقرمل وكف البركة والأفنون والهراس والنقيع.
حديث البعوض..؟!!
عدنا الى مقر المركز واجتمعت بعدد من أبناء مران وهم: عقاب بن بندر بن ربيعان رئيس المركز وتركي بن هداج بن ربيعان وكيل المركز وفالح بن صنيتان الروقي ومقعد بن نايف الروقي من الاعيان وماجد بن بندر بن ربيعان من الاعيان وناصر بن بندر بن ربيعان رجل أعمال وزعام بن نجر الروقي من الأعيان.
ولفت نظري كثرة الذباب في هذه الديار ولما فتحت الكلام جاء من أدلى بدلوه في قضية تؤرق الناس . ألا وهي انتشار البعوض والذباب بشكل لم يسبق له مثيل بسبب العشب والمستنقعات الكثيرة وراح كل واحد يصف مشكلة مع البعوض ويصف بعوضة بأنها كبيرة لم ير مثلها من قبل وناس تضرروا وأصيبوا بحمى الملاريا وآخرون لا يستطيعون الجلوس في دورهم عوضا عن النوم.. حتى تحول المجلس الى حديث في البعوض وكلام كثير يتناول تقصير البلدية في جانب النظافة والصحة العامة فلا تزفيت ولا تنظيم ولا تخطيط ولا تشجير ولا بلدية أبداً في مَرَّان.. هكذا يقولون .. وهاجسهم الأكبر اليوم البعوض وسطوته التي تهدد صحة الناس بشكل خطير.
المركز وقراه..
انتقلنا بعد ذلك الى القلام على مركز مران الذي أسس على 1412ه قال رئيس المركز عقاب بن ربيعان بأنه يمتد على 80 كيلاً طولاً وعرضاً وأن سكانه يعدون اليوم قرابة (000 ،10) نسمة وطلابه وطالباته في الابتدائي والمتوسط في 4 مدارس 750 طالبا وطالبة وفيه من الخدمات العامة بريد ومركز صحي صغير وذكر رئيس المركز ان أشهر قرى مران هي:
ابو صلال - القرارة - الدمثة - المطلاع - الصقاريات - الغالبية - الفاضليات - السليل - الشفا والمشقا والفرعة والمراغ وغيرها.
هموم في مران..
ثم عبر الأعيان هنا عن همومهم راجين نقلها إلى كافة المسؤولين ومنها:
1- الكهرباء لم تصل بعد.
2- الهاتف لا يعمل.
3- الجوال لا يعمل.
4- التلفزيون لا يُرى إلا عبر الأقمار الصناعية.
5- الصحف لا تصل..!!
6- لا يوجد دفاع مدني..
7- لا وجود للخدمات الزراعية والبيطرية.
8- لا يوجد خدمات بلدية تذكر.
9- لا يوجد اهتمام بالآثار والمعالم الحضارية.
مدينة بدون مقومات مدنية
غادرت مران عصراً وسط شمس ملتهبة في أواخر ابريل.. لكني مكثت طوال الطريق الى الطائف وأنا أقلب في وصفهم لمران بأنها مدينة وأتساءل ربما تكون مدينة بعدد سكانها وتشبث أهلها بها، وهذا من حقهم خاصة إذا عدنا الى تاريخها المجيد عبر مئات السنين.. لكن أين هي المقومات المدنية التي تعزز نمو وتطور وحضارة مرَّان..؟!
سؤال جوابه عند أكثر من جهة في مقدمتها وزارة البلديات ثم وزارة المواصلات.
وأخيراً فان منظر الوانيت الذي يرعى الاغنام ويسير خلف الابل وقد يحدوها.. في هذه الجهات هو منظر جديد عصري في حياة البادية.. إنك لن ترى ابتداء من اليوم فصاعداً راعياً أوراعية بعصا طويلة وبدرة ماء وزوادة طعام في الصحراء ولكن وانيت يدهده القطيع ويحدوه بأغنيات حديثة، لسميرة توفيق أو حجاب أو لنقل فيروز ومحمد عبده وآخرين ترتفع حناجرهم من المذياع الذي بالكاد يسمع هنا.
إحالات وهوامش
(1) ترتيب القاموس. مادتي (مرر) و(مرن).
(2) نفحة الريحانة للمحبي ج3 ص579 الطبعة الأولى 1968م
(3) الأبيات عند ابن خميس في المجاز بين اليمامة والحجاز ص 192/193.
(4) عمرو بن عبيد زاهد كان شيخ المعتزلة في عهده توفي عام 144ه.
(5) عن المجاز بن اليمامة والحجاز. مصدر سابق ص 192.
(6) انظر معجم معالم الحجاز للبلادي مادة (مران).
(7) المصدر السابق. مادة مران.
(8) المصدر السابق. مادة مران.
(9) المصدر السابق. مادة مران.
(10) ملحمة - بولس سلامة والمجاز بين اليمامة والحجاز مصدر سابق ص 195.
(11) المصدر السابق ص193.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.