تحدثت في الحقلة السابقة عن مدرسة بريدة الأولى واستقبال الأهالي لها ومدرسيها وأبرز من تخرج منها برواية الشيخ صالح العمري رحمه الله معتمد المعارف في القصيم في الفترة(1367ه/1375ه) أحد رواد التعليم النظامي في المملكة وذلك من خلال كتابه القيم( التعليم في القصيم بين الماضي والحاضر) وحديثي في هذه الحلقة ينصب على المدارس التي افتتحها العمري خارج بريدة مع العلم أن بريدة افتتح فيها في هذه الفترة أكثر من مدرسة بعد توسع التعليم وإقبال الناس عليه وانضمام الكثير من مدارس الكتاتيب لها. وعندما نتحدث عن مدارس القصيم التي افتتحت في تلك الفترة نعني بها المدارس التابعة لإدارة التعليم بالقصيم أو معتمدية المعارف بالقصيم كما كانت تسمى ذلك الوقت وهذا يشمل سائر بلدان القصيم باستثناء مدينة عنيزة فقط التي استقلت وما زالت عن التبعية للإدارات الحكومية في عاصمة المنطقة باستثناء إمارة المنطقة. بل حديث العمري يشمل مدرسة الزلفي الأولى التي كانت تتبع منطقة القصيم التعليمية قبل أن تلحق بتعليم الرياض بطلب من العمري حيث وجد مشقة في الإشراف عليها وذكر أنه اضطر في أحد زياراته لها إلى ركوب الإبل للوصول إليها. وقد ذكر العمري اهتمامه بتعميم التعليم في سائر البلدان التابعة له وتشجيع أهلها على طلب افتتاح المدارس وذلك بعد تعيينه معتمداً للمعارف في القصيم فقال: بدأت الاتصال بأمراء بلدان القصيم وقضاتها ووجهائها لحثهم على طلب المدارس والقصد من ذلك عدم معارضتهم عند فتح المدرسة وإلا فإن المديرية مستجيبة. ومن لم يرغب منهم أقدم تقريراً عن بلده وأطلب إحداث مدرسة باسم تلك البلدة وقد وفق الله سبحانه وتعالى حتى عمت المدارس كل أو معظم بلدان القصيم. وقد ذكر بعض العقبات التي اعترضت طريقه فقال: ولقد واجهتني في أول الأمر بعض الصعوبات والمشاكل في سبيل فتح بعض المدارس حيث بلغ ببعضهم التهجم علينا بالكلام وعدم قبول المدرسة ولكنني عالجت الأمور بالحكمة واللين حتى استطعت فتح ما يزيد على سبعين مدرسة خلال الفترة 67-68 إلى غرة محرم 1375ه. مدرسة الزلفي: ذكر العمري أنه لقي الإخباري المؤرخ محمد بن إبراهيم المعتق في مكةالمكرمة وهو أحد أعيان الزلفي فطلب منه رفع طلب لمديرية المعارف لافتتاح مدرسة ففعل وعقب العمري على طلبه فجاءته الموافقة وكلف بفتحها والتكليف بفتحها يشمل اختيار المدرسين والموظفين واستئجار المبنى والأثاث اللازم لسير الدراسة وهذا ما قام به العمري إذ وقع اختياره على إبراهيم العمري لإدارتها ورشح معه محمد بن عثمان البشر وصالح بن موسى العضيب للتدريس فيها وذلك سنة 1367ه والذي تولى القضاء في المنطقة الشرقية وأصبح رئيساً لمحكمة الخبر فعين في إدارتها وكان هذا من أعظم أسباب نجاحها لما له من مكانة مرموقة في بلدة. وذكر العمري أبرز تلاميذ هذه المدرسة ممن تولوا مناصب قيادية بعد ذلك وهم: الشيخ الدكتور عبدالمحسن العباد نائب رئيس الجامعة الإسلامية سابقاً والمدرس بالمسجد النبوي الشريف والشيخ سليمان الفالح نائب رئيس هيئة التحقيق والإدعاء حالياً والشيخ عبدالعزيز الفالح نائب الرئيس العام لشؤون الحرمين للمسجد النبوي الشريف والدكتور محمد المفرح مدير الشؤون الصحية بالقصيموبالرياض سابقاً. مدرسة الرس: وهي من أكبر مدن القصيم ويتبعها عدد كبير من القرى ومدرستها التي افتتحت سنة 1363ه هي ثالث مدرسة تفتح في منطقة القصيم وإن لم يكن العمري في ذلك الوقت قد أسند إليه الإشراف على المعارف في القصيم فقد كان له يد في افتتاح هذه المدرسة وقد بين ذلك بقوله: سافرت للرس سنة 1361ه بطريقي للبادية عضواً في لجنة توزيع صدقات الملك عبدالعزيز- رحمه الله- على أبناء البادية وكانت اللجنة خاصة بقبيلة حرب وصار طريقنا على الرس ولما قدمت الرس في مستهل رمضان مررت بالأمير عساف الحسين والوجيه حمد المنصور المالك فأقنعتهما بضرورة طلب فتح مدرسة في الرس فوافقا وتوليت كتابة البرقية باسمهما لجلالة الملك عبدالعزيز وبرقية أخرى لولي العهد آنذاك ولما عدت من البادية في نهاية شهر رمضان قالا: لم يردنا جواب للبرقية فطمأنتهما بأنه لابد أنها أحيلت للمعارف لدراسة الطلب فاتصلت ببعض الزملاء بالمعارف بمكة وعلمت بالوافقة على فتح المدرسة فأخبرتهما بذلك وصادفتهما بمكة في موسم الحج فشكرا لي إيقاضهما وجماعتهم لهذا الطلب وهذا تم قبل أن يسند لي الإشراف على تعليم القصيم ببضع سنوات. وأما أساتذة هذه المدرسة فقد ذكر العمري أن الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن العرفج هو أول مدير لها وكان قبل ذلك يساعد الأستاذ المربي صالح بن صالح في إدارة مدرسة عنيزة ومن أساتذتها في بداية عهدها عبدالله بن ناصر الرشيد وعبدالله بن إبراهيم الطاسان وعلي بن صالح الضلعان ومحمد بن حمد المالك. ولم يذكر أبرز من تخرج منها لأنها فتحت كما ذكرنا قبل إشرافه على المعارف بالقصيم وإلا فقد تخرج منها العديد من الرجال والمربين الذين كان لهم تأثير كبير في بلادهم. مدرسة البكيرية: وهي المدرسة الرابعة في منطقة القصيم تم افتتاحها سنة 1366ه وأول مدير لها هو علي بن سليمان المقوشي الذي اشتهر بعد ذلك في بلده بلقب المدير ومن أساتذة هذه المدرسة: الشيخ محمد بن عبدالله السبيل رئيس شؤون الحرمين سابقاً وأمام وخطيب المسجد الحرام ومحمد بن يوسف الدخيل الله أمير البكيرية سابقاً وعبدالرحمن بن عبدالعزيز السبيل وصالح بن يوسف الدخيل الله والدكتور صالح بن ناصر الخزيم وناصر بن عبدالرحمن الخزيم. مدرسة رياض الخبراء: افتتحت هذه المدرسة سنة 1368ه وأول مدير لها هو الشيخ فهد بن عبدالعزيز السعيد المتوفى سنة 1409ه وهو صاحب المكتبة السعيدية التي اهتمت بطباعة كتب العلم في منتصف القرن الماضي وقد أسس رحمة الله مكتبة علمية جامعة عند استقراره برياض الخبراء يرتادها طلاب العلم من جميع المدن المجاورة بل ومن بعض المناطق الأخرى وكان ممن ساعده في التدريس بهذه المدرسة حال تأسيسها سليمان بن عبدالعزيز السالم الذي التحق بعد ذلك بالسلك العسكري حتى وصل إلى رتبة عالية قبل أن يتقاعد وعبدالرحمن بن صالح الغماس وإبراهيم بن علي الدغيري وعلي الجريفاني وناصر بن محمد الخزيم. وأما طلاب هذه المدرسة فقد ذكر العمري أن الدكتور مطلب النفيسة وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء حالياً أبرز طلاب تلك المدرسة وأنجبهم. مدرسة البدائع الوسطى: فصل العمري في ذكر افتتاح هذه المدرسة بتفصيل لم يذكره في غيرها من المدارس ولعل استقبال أهل هذه البلدة للمدرسة الذي يختلف عن استقبال غيرهم من أهل البلدان الأخرى التي ذكر العمري أنه كان يتحايل على أهلها ويبقى مدة في إقناعهم سبب في هذا التفصيل الذي أنقله بنصه حيث قال: في عام 1369ه تم فتح هذه المدرسة وكان يوم فتحها يوماً مشهوداً حيث فوجىء الأهالي بفتحها دون سابق علم منهم ولما حضرنا وعلموا أننا سنفتح المدرسة أحاطوا بنا مرحبين وكان على رأس أولئك المستقبلين والمرحبين أحد وجهاء البلدة صالح العلي السلامة وقد دعانا إلى منزله وسألناه عن مكان متوسط من البلد يصلح مقراً للمدرسة فأنزل المدرسة في بيت يملكه وأنزلنا أثاث المدرسة واستقر فيه الأساتذة حتى حصلوا على منزل مناسب وقد فرح الأهالي بذلك وأبناؤهم فرحاً عظيماً ولعل بعض أولئك الذين حضروا في ذلك اليوم من الطلاب قد تسنموا مراكز كبيرة في الدولة. وقد ذكر العمري أن الشيخ عبدالله بن محمد الزعاق المتوفى سنة 1410ه هو أول من تولى إدارتها ساعده في التدريس كل من: عبدالعزيز بن عبدالله السيف وحمد بن على المقبل وعبدالعزيز بن عبدالرحمن الراجحي وعبدالله بن عبدالرحمن الراجحي وعبدالعزيز بن عبيد. وأما تلاميذ المدرسة فلم يذكر منهم أحد. مدرسة أم تعلة بالبدائع: افتتحت المدرسة سنة 1369ه دون طلب من أهلها كسابقتها إذ لم يعلم الأهالي بها إلا عند حضور المسؤولين لفتحها وقد ذكر العمري أن الشيخ حمد بن إبراهيم القاضي المتوفى سنة 1395ه هو أول مدير لهذه المدرسة ساعده في التدريس ابنه حمد الذي تولى إدارة التعليم في الرياض فيما بعد. جامعة أم القرى مكة ص.ب. 13663