«هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    بوريل: الاتحاد الأوروبي ملزم باعتقال نتنياهو وغالانت    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    المعرض المروري يستعرض أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "تعليم الرياض" يحتفي باليوم العالمي للطفل    تقنية جازان تختتم برنامج الحرفيين بتدرب اكثر من 100 متدرب ومتدربة    فيصل بن بندر يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    القِبلة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    مشكلات المنتخب    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. البازعي يطرح تساؤل الندوة الرئيسي: هل العلاقات الدولية محكومة بصراع حضاري أم صراع سياسي؟!
وفد مغربي يزور (الجزيرة) ويشارك بالنقاش في المنتدى الثقافي
نشر في الجزيرة يوم 02 - 06 - 2002

قام وفد مغربي بزيارة لمؤسسة الجزيرة، ويضم هذا الوفد أكاديميين وصحفيين ومبدعين ووجدتها إدارة التحرير للشؤون الثقافية فرصة لعقد حوار ثقافي مع هذا الوفد الذي يمثل النخبة المثقفة في مملكة المغرب الشقيقة، وشهد الحوار التطرق لبعض القضايا الثقافية المهمة ومن أهمها مسألة الصراع الحضاري بين الحضارات وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
أدار الندوة: أ.د . سعد البازعي
سعيد الدحية الزهراني
د. سعد البازعي:
شكراً للأستاذ عبدالرحمن الراشد مدير عام المؤسسة الذي يتيح لي فرصة الحديث إلى هذه النخبة المميزة من علماء ومفكري وأساتذة بلدي الشقيق المملكة المغربية والى رجالات الإعلام فيه ويسرني ان انتهز هذه الفرصة لإدارة هذا الحوار مع هذه النخبة الكريمة حول بعض القضايا التي تهمنا جميعاً والتي تهم هذه الصحيفة أيضا أو يهم هذه الصحيفة ان تنقلها إلى قرائها، فنحن بصدد الحديث حول بعض القضايا الرئيسية.
والقضايا المشار إليها معروفة ولا تحتاج إلى الكثير من التفكير في البحث، فالعالم اليوم يمر بأحداث مميزة ذات آثار لا نعلم تماماً مداها منها مايمس عالمنا الإسلامي مباشرة ومنها ما يمسه بطريقة غير مباشرة لكن لنا قضايانا الخاصة في عالمنا العربي ومع ان الحديث سيكون مشتركاً فإني أود ان أستضيف بعض الاخوة إلى منصة الحوار لعل لديهم بوصفهم إعلاميين اهتماما خاصا بهذه القضايا. الموضوع المطروح الآن يتصل مباشرة بالعلاقة بين الإسلام والغرب بشكل عام. والموضوع مطروح بشكل حاد تفرضه الأحداث التي تجري الآن في آسيا سواء في أفغانستان أو غيرها مما يتصل بالإرهاب في الولايات المتحدة وخارجها.
اهتمامنا لن يكون بالضرورة مركزاً على الجانب العسكري أو السياسي كما تعلمون فربما ان الكثير منا بعيد عن هذه الأمور التفصيلية ولكننا مهتمون أيضا بالأبعاد الثقافية أو الحضارية لهذا التوتر الذي يؤثر فينا . فالسؤال المطروح هو عن أبعاد هذا التأثير. هناك من يرى ان الحرب ليست بين الإسلام والمسيحية وإنما هي حرب لها أبعاد سياسية بحتة وبعيدة عن الجانب الحضاري وهناك من يرى أن الجانب الحضاري هو الأهم في هذا الصراع، فالقضية متشعبة وفيها مجال للكثير من الاطروحات المتباينة ولذا أود من الاخوة أن يشتركوا معنا في طرح وجهة نظرهم حول البعد الحضاري لهذا الصراع هل نحن إزاء حرب صليبية كما أشيع؟ أم هي حرب سياسية بحتة كما يقول الغرب؟ ليست بين الإسلام والمسيحية وإنما هي بين الارهاب والكيانات السياسية الكبيرة في العالم؟ ثم ما هو الارهاب؟
ولذلك أود أن نحصر حديثنا في السؤال التالي: هل نعيش الآن صراعاً دينيا ثقافيا حضاريا أم هو صراع سياسي بحت؟
د. مفتاح:
استسمحكم اذا طرحت مسألة شكلية أولاً أجدني مفاجأً بهذه الندوة وبالصيغة التي استقبلنا بها نحن نشكركم على الأقل على هذا المجهود لخلق جو من التعارف بين الصحفيين لكن كنت أتمنى أن يكون المحور الذي نكون من خلاله منسجمين مع الطبيعة العميقة لهذه الزيارة وهو التعرف على كل المؤسسات داخل المملكة العربية السعودية فنحن نعرف بعض الصحف السعودية. التي تصدر في الخارج ولا نعرف الصحف التي تصدر في السعودية وتتوجه إلى القارىء السعودي بطبيعة الحال النقاش حول الدين والحرب في الوقت الحاضر هو نقاش واسع ويمكن لمختلف المتخصصين أن يتداخلوا فيه وليس الإعلاميون بالضرورة. للإعلاميين اهتمامات أخرى يمكن أن لا يكون اهتمامهم حصراً هو هذا ولكن كنت أتمنى كذلك أن يكون المحور مثلا هو أن الحرب الأفغانية أبانت عن واحد من أجزائها الرئيسية وهي الحرب الإعلامية. حتى اننا تكلمنا عن هزيمة الولايات المتحدة الأمريكية الإعلامية تجاه ظاهرة معروفة هي قناة الجزيرة والتي كانت نبتة طيبة من صلب الخليج العربي. استسمحك اذا كنت أطلت في مناقشة أو إعادة تحديد الزاوية في هذا النقاش أنا أتمنى فعلاً ونحن قادمون إلى مؤسسة الجزيرة أن نناقش مسألة هامة كنا نشاهد نشرة الأخبار فاذا بالحدث الأساسي الذي لا نعرف تفاصيله إلى الآن وهو سقوط طائرة ثالثة على نيويورك هو الموضوع الخامس أو السادس في ترتيب النشرة هذه مسألة تصدمنا في كل منطقة زرناها وقد جبنا المملكة طولا وعرضاً كانت الصحف كلها تتشابه من حيث إن الأنشطة الرسمية كانت تتصدر الصفحات الأولى. في المملكة المغربية لا يوجد هذا إلا في بعض الصحف الرسمية أو شبه الرسمية فكنت أود أن أناقش مثلا الخط التحريري للمؤسسة الإعلامية. نعرف أننا نوجد حاليا في مؤسسة صحفية نحس اننا في رئة المجتمع وعندما أحس انني في مؤسسة صحفية أحس انني في بيتي مفهومنا لا يتعلق دائما بالقضايا الجارية قد تكون هذه المسألة واحدة من القضايا.
ولكن هناك قضايا عديدة ستصدر غداً. الجزيرة وفيها سقوط الطائرة وكذلك الأزياء والمكياج نحن وسيط يلبي رغبات كافة المتلقين فأستسمحكم اذا طرحت باستفاضة رغبتي ولكم وسيع النظر.
د. البازعي:
شكراً للأستاذ . وأنا أقدر له هذه الملاحظة ولكن الواقع كما تفضلت هناك قضايا كثيرة يمكن الحديث حولها. وفي تقديري أن ما طرحناه الآن هو قضية الساعة الحدث الذي وقع قبل نصف ساعة تقريباً يأتي في هذا السياق
ويعيدنا مرة أخرى إلى موضوع ما حاولت أن أصوغه كقضية هو محاولة لملامسة جوهر الموضوع وليس الحديث المتسارع
فاذا أردتم يمكن أن نعلق على الأحداث الطارئة السريعة ولكن المحور الأساسي ما يزال مطروحاً.
د. بلاجي:
بالنسبة للموضوع كنا نتمنى في هذه البادرة الطيبة لو أنه على الأقل أعطينا ورقة لنكون جاهزين للنقاش ولكن على أية حال يمكن أن نتحدث في الموضوع الذي تكرمتم به وهو موضوع الساعة بطبيعة الحال يمكن أن يكون لدى كل منا مجموعة من الأفكار والآراء وغيرها.
في اعتقادي الشخصي أن هذا الموضوع الذي هو موضوع الساعة والإرهاب وغيره هو حدث ولكن رغم انه حدث إلا انه فيه نوع من الاستمرارية وهو حدث من جهة وفيه استمرارية من جهة أخرى. الاستمرارية تندرج ضمن التوجه العولمي الذي هو معروف وهذا التوجه العولمي كما تعلمون له شق ثقافي له جذوره الدينية والفلسفية وله كذلك شق اقتصادي بمحاولة الهيمنة على مصادر الثروات والأسواق العالمية من جهة أخرى وله كذلك شق سياسي مرتبط بمحاولة فرض الرأي الواحد والتوجه الواحد واستغلال بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة للمنظمات الدولية لمجلس الأمن كوسيلة من هذه الوسائل لتحقيق هذا التوجه العولمي ولكل جانب من هذه الجوانب ولكل شق ما يستعمله من الوسائل والآليات التي تساعد على بسطه وعلى إقراره في العالم. هناك الوسيلة الحربية مثلاً وهناك الوسائل المالية الاقتصادية كالصندوق الدولي والبنك الدولي وغيرهما. وهناك الوسيلة السياسية التي هي الهيئة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. إننا نتساءل هل هو صراع سياسي أم حضاري؟ أم هو كل هذا اقتصادي سياسي ثقافي اجتماعي؟ ولكن لا يمكن أن نفصله عن خلفيته الأساسية التي هي حضارية وثقافية ودينية.
* أي بكونك التزمت بالقوانين الكونية التي أودعها الله في كونه وبأوامره وتشريعاته
* لأنك حدت عن هذه
التوجيهات ولم تأخذ بالسنن الكونية وسنة القوة.
اذا تلمسنا حتى في داخل أعماق الأمة في الأعماق الشعبية نجد عندهم احساسا فطريا يعبرون بأشكال شعبية وأشكال تلقائية حول هذه المسؤولية طبعاً المسؤولية تتوزع. هناك ولاة الأمر هناك النخبة المثقفة،هناك القاعدة الشعبية وهذه المسؤولية بطبيعة الحال كل واحد يتحملها حسب موقعه وقوته وقدرته. لكن تبقى النخبة تعبر ونحن منها وتبقى كذلك الشعوب تعبر وفي عمقها أن هذه الحرب وهذه المواجهة هي حضارية دينية ثقافية ولا يمكن أن تفصل عن هذه الجوانب ولهذا مثلا نحن نتحدث الآن في غرفة مغلقة. عندنا في المغرب كثير من الناس الآن يتعاطفون مع نسبة الأعمال التي وقعت في نيويورك إلى بن لادن حتى الآن لن تثبت نسبتها ولكن يجدون فيها متنفسا للتعبير عن هذا الإذلال وهذا الانهزام الذي وقع بالأمة.
د. ومان:
بحكم تخصصي بطبيعة الحال لست من رجال الصحافة ولا من رجال الإعلام ولكنني من هواة الصحافة والإعلام. السؤال المطروح حول ما اذا كان ما يجري حالياً على الساحة الدولية هو حرب دينية أم سياسية أم حضارية. فأعتقد اعتقادا راسخاً بأن ما يجري حرب حضارية. إنها حرب بين الإيمان والإرهاب. ومن راجع كتاب روجيه جارودي الذي صدر في السنة الماضية بعنوان (الحروب الدينية) سيرى كما قال جارودي أن الحروب المستقبلية لن تكون حروباً سياسية ولن تكون حروبا على مصادر المياه ولن تكون حروبا على مصادر النفط وإنما ستكون حروباً شرسة بين الذين يؤمنون والذين لا يؤمنون. بين الذين يتمسكون بالمبادىء العليا والمثل الرفيعة وبين من لا يدينون إلا بالإلحاد وبأن الحياة مادة. وبعد الحياة فلا شيء يرتقب ولا شيء يُعمل إنما حرب حضارية هذه وجهة نظري. فأن يتعايش الإيمان والإلحاد لابد من فيصل ولابد من فارق بينهما والفيصل هو أن نبقى نحن متمسكين بثوابتنا لا ينبغي أن نفتر اذا أصابنا انتكاسات أو أصابنا وهن لأن هذه سنة الحياة في الارض وسنة من سنن الله الكونية فالحضارات البشرية كيفما كانت ومنذ القديم تشرق هنا لتغرب هناك فالقرون الوسطى كانت قرونا وسطى بالنسبة لأوروبا والغرب إننا نصف من نريد أن نعيبه بأنه يعيش في القرون الوسطى أو أن تفكيره تفكير القرون الوسطى مع أن القرون الوسطى هي أزهى العصور الإسلامية. إذاً فإذا كانت هناك عصور وسطى وكانت بالفعل موجودة فليست على كل حال عصورنا نحن العرب المسلمون.
إذاً ما يجري حرب حضارية أتذكر أن مستشرقا بريطانيا هو وليام جيفورت قال منذ مدة ما دام هذا القرآن موجوداً وما دامت هذه الكعبة موجودة فإنني انبه الغرب بأنه سيستعصي عليه أن يضع يده على أمة الإسلام. اذاً البداية ليست اليوم، إنما هي قديمة وأزلية بالنسبة للغرب وأوروبا . إنما حرب حضارية سننتصر فيها سننتصر لأننا نحن الأعلون إن كنا نعلم الطريق نحو العلا، الطريق إلى السؤود، الطريق إلى العزة ، الطريق إلى الكرامة، قد يتساءل المؤمن قد يتساءل المسلم نحن مسلمون ونحن مؤمنون ولكن أصابنا ما أصابنا وقد يصيبنا استقبالاً ما يصيبنا . وهؤلاء الذين نصفهم بالإلحاد وبالمادية يتقلبون في بحبوبة من العيش فماذا فعلنا لرب الأرض والسماء حتى نكون في هذه الوضعية؟
وهذا الذي أصابهم جعلهم مبلسين وليس هناك إبلاس أكثر مما نرى.
د. سعيد يقطين:
أشكر للعزيز د. سعد البازعي .. أيها الحضور الكريم .. أشكركم على هذه الدعوة ولا أخفى، وهذا احساس كل اخواني، أنكم أخذتمونا على حين غرة فنحن تعودنا في كل زياراتنا للمؤسسات العلمية والجامعية والتقنية أن نكوّن فكرة عن هذه المؤسسات وفعلا استفدنا استفادة كبيرة جداً وأتيحت لنا فرصة التعرف على كثير من الأشياء التي لم نتعرف عليها من خلال الإعلام. السؤال الذي طرحتموه يبدو لي الآن كسؤال . لكن هل طرحناه قبل الآن كسؤال أو كإشكال. الحضارات أو علاقة العرب بالغرب هذا الصراع هو دائم ومستمر. لكن لماذا نطرحه الآن ونعيد طرحه بنفس الصيغ التي طرحناه بها سابقا فهل معنى ذلك أن الإجابات أو الاطروحات التي قدمت لم تكن في المستوى الذي يؤهلنا للتعرف على عمق الإشكالية. إن الأمر يتعلق بأن هذا الصراع الذي استمر بطبيعة الحال كما قال الأساتذة لعدة قرون مايزال مستمراً وهو يأخذ الآن أشكالاً مختلفة؟ السؤال الذي يمكن ان نطرحه هو ما هو دور الإعلام العربي في المشرق والمغرب إزاء كبريات القضايا التي تهم الإنسان العربي؟ هل يعالجها الإعلام العربي سواء المسموع أم المرئي أم المكتوب؟ هل يعالجها كقضايا ثقافية، كقضايا ذات بعد حضاري، أم كأخبار وسياسة يمكن أن نتجاوزها بمجرد أن يمر وقت قريب عليها لنجد أنفسنا نعود إليها عندما تطرح بصورة أخرى ويفرضها الآخر علينا. لا أريد الإطالة وما أريد الوصول إليه في هذا الحديث وفي هذه الجلسة المباركة التي انتهزتها فرصة (الجزيرة) لتدفعنا للحديث هو أن الإعلام الثقافي العربي ينقصه شيء أساسي في نظري وهو الحضور الثقافي.
إن إعلامنا العربي يقدم الخبر السياسي ويقدم التعليق والتحليل ولكن العمق الثقافي لا يقدم إلا وهو مكيف بالظروف والحيثيات المفروضة علينا أو التي يفرضها الآخر علينا على عكس مثلاً ما يحدث في المجتمعات الأخرى عندما تقع أحداث تجدهم يتوجهون إلى الأسس يفتحون مختبرات يفتحون معاهد للغات المجتمعات التي يتصارعون معها فيكون ذلك رافداً من روافد تكوين المعرفة التي بطبيعة الحال تناسبهم ليواجهوا الموضوع الذي يصارعونه. بالنسبة لنا نحن نواجه دائما كبريات هذه المسألة ومنذ عصر النهضة إلى الآن بالتأويلات والتحليلات المستعجلة والتي تنبني على أحداث صحفية ولكن بدون عمق ثقافي. ما أريد أن أقوله هو أني استسمحكم إن أطلت وأيضا هو أن الجانب الثقافي مغيب في إعلامنا العربي. عدد صفحات الإشهار التي نلاحظها في الصحافة العربية، عدد الصفحات المخصصة للأخبار الجارية والأخبار التافهة عن عجائب وغرائب في مختلف بقاع العالم، هذه هي الأشياء التي نلهي بها جمهورنا العربي . الأحرى في نظري أن يتم التوجه إلى الجانب الثقافي وهنا أتفق مع الأستاذ محومان الذي قال صراع حضاري لكن هذا الصراع الحضاري ينبغي أن يستند إلى المظهر الثقافي لأنه بدونه لا يمكن ان نحل هذا الإشكال بين الإسلام والإرهاب والذي يمكن تجاوزه بمجرد نسيان هذا الحدث الذي سينتهي بطبيعة الحال بعد زمن ولكن علينا ألا ننسى أن الصراع متواصل لماذا لأن ميزان القوى غير متكافىء بين الشرق والغرب. الشرق الذي يظل شرقاً والغرب الذي يظل غرباً ما لم ينجح الشرق في أن يصبح قوة أساسية في ميزان القوى على المستوى العالمي ويبدو أن هذا ليس بعيداً أو ليس مستبعداً ولكنه بعيد .. وشكراً.
د. البازعي:
أود أن أوضح نقطة تتصل بطرح الموضوع بالشكل الذي طرح به كما أود أن استميح الأساتذة عذراً في أننا ارتجلنا القضية واللقاء ارتجالاً. والسبب في هذا يعود إلى سببين: الأول: أن القضية المطروحة هي قضية الساعة وهي حديث الناس حيثما حلوا وحيثما تحدثوا واينما تحدثوا فلا يستبعد أن يكون لدى كل منا رؤية مسبقة ومهيأة لمناقشة هذه القضية هذا أمر. الأمر الثاني: أن الاخوة الموجودين هنا هم من نخبة المجتمع وبالتالي هم أحرى بأن يكون لديهم وجهة نظر تعمق البعد الثقافي الذي أشار إليه الدكتور سعيد يقطين ونحن من ثم نعمق البعد الثقافي في الطرح الصحفي عندما ننشر وقائع هذه اللقاءات. وبالمناسبة صحيفة (الجزيرة) من الصحف التي تهتم كثيراً بالبعد الثقافي وأرجو أن يحفز مثل هذا الحديث اليوم المسؤولين في الصحيفة بزيادة هذا العمق وأرى أن المسؤولين بإدارة التحرير للشؤون الثقافية سعداء فهذا الاهتمام والطرح في الواقع يؤكد أننا لم نخطىء عندما طرحنا هذه القضية ففعلاً هناك مردود مميز ونحن سعداء به.
د. الخلف:
استسمحكم إن كانت القضايا التي سأطرحها الآن قد تستفز أذهاننا نوعاً ما. بداية مر إلى الآن شهور على أحداث 11 سبتمبر، بعد شهرين من الحدث الواقع أن هناك نظرتين سادتا إلى جانب ردود الأفعال، نظرة مطمئنة واهمة تعتبر انه بمجرد تأييد كافة الخطوات الأمريكية فإنها ستكون بمنأى عن الضربات الأمريكية. وبموازاتها نظرة اختزالية حالمة تعتبر أن الضربات أو أن رد الفعل الأمريكي محصور فقط في المجال الجغرافي الأفغاني أو في المحيط الأفغاني في حين أنه طيلة هذه الفترة ما كان يقع في أفغانستان هو قمة جبل الجليد، الجزء البسيط الظاهر للعيان اما ما كان يقع خارج أفغانستان وبموازاة الضربات التي كانت تستهدف أفغانستان فهو كثير جداً.
سمعنا بعض الشظايا على مستوى الإعلام مثلاً النيوزويك عندما تتحدث عن العمل المطلوب منذ حوالي ثلاثة أعداد حول ما ينبغي القيام به في السعودية باتجاه المدارس القرآنية والجمعيات الخيرية، وحول ما ينبغي القيام به في الصومال ومصر وغيرها في كل مكان، فأمريكا نزلت بكافة ثقلها فالمشكل ليس هل ما يقع حالياً كصراع حضارات أم لا، لأن الجواب أجابت عنه أمريكا نحن لسنا في موقع غلبة حتى نحدد موضع الجواب لنقل هو صراع ديني، إذاً يجب كذا بجواب حددته امريكا قبلنا ونحن لسنا في موضع غلبة حتى نفرض جوابنا الجواب حددته امريكا عام 1991م وكان هناك تذبذب وتأرجح حول اتخاذ القرار لدى صانع القرار الأمريكي.
إن صناعة القرار داخل أمريكا عملية معقدة، تتدخل فيها دوائر ومراكز بحث تشرف على التخطيط السياسي داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك الإدارة الأمريكية وهناك مندوبيات والكونجرس ثم هناك وكالات متخصصة ثم هناك المؤسسات التنفيذية وهذه البنية بأكملها تتفاعل بانتظام وباستمرار اذا قمنا بعملية جرد بسيطه تقريبا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وحرب الخليج سنجد انه تبلور داخل الغرب مدرستان مدرسة تفاهمية تقول نعم للغرب ولأمريكا مصالح في العالم الإسلامي، هذه المصالح كيف يمكن أن تحميها وتضمنها فلا بد من التفاهم مع الفاعلين الموجودين في المنطقة هذه أطروحه أولى في مقابلها تبلورت أطروحه صدامية تعتبر حماية المصالح الأمريكية في المنطقة لن تأتي إلا بعمل عسكري صدامي استئصالي يعتمد منطق المواجهة المباشرة أو منطق الصراع أي صراع الحضارات.
وفي المقابل كانت الأطروحة التفاهمية . الذي حصل انه في عقد التسعينات كان هناك صراع بين كلا الأطروحتين واستطاعت أطروحة التفاهم أن توجد لها مواقع قدم وهي التي نسبياً سادت أواخر التسعينات مع ادوارد جورجيان الذي كان مساعد وزير الخارجية الأمريكية آن ذاك وبعده انطوني لايك وبعده رونلاد يومن، مجموعة كانوا يعبرون عن هذه المواقف، لكن الأطروحة المضادة والتي يقف وراءها يهود أطروحة صدامية، نعم هنالك معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى وهذا اللوبي الأكاديمي اليهودي موجود داخل أمريكا. وهنالك مؤسسات أكاديمية أخرى ترعاها شركات نفط أو شركات سلاح أو مؤسسات كمؤسسات فورد وغيرها، بدأت ترعى عملية تغيير جذري في الموقف الأمريكي حتى يتجه لصالح أطروحة الصدام. عندما جاءت أحداث 11 سبتمبر كان العقل الأكاديمي الأمريكي قد تمت تهيئته وتأثيره من جهة هذه الدوائر. الذي حصل أن العقل الأكاديمي سواءً اليهودي أو الصليبي ويمكن أن نسميه هكذا كان مهيأً ليقود أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر. اما العقل المسلم فأين كان؟ لم يكن حتى مهيأً، ما زلنا لحد الآن لم نستوعب نعم هي حرب حضارية ولكن ما هي أبعادها؟ إلى أي مدى ستصل؟ ليس فقط المدى الجغرافي أو المدى الثقافي أو المدى التكنولوجي. في مختلف الأبعاد قدرتنا على استيعاب وتمثل مثل هذا الصراع الذي نشب الآن قاصر وامريكا نفسها صناعة القرار فيها عملية ديناميه يعني المفهوم الذي حدده مثلا مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية مباشرة بعد الحادث يمكن لأي شخص يزور موقع الإنترنت يرى عملية تشكيل الفرق البحثية التي تشتغل ليل نهار حول إعادة تعريف الخطر. ما المقصود بالخطر الذي يستهدف الولايات المتحدة الأمريكية؟ ما هي أنواع الخطر؟ ما طبيعة الخطر؟ ما مستوياته؟ هم يبحثون في مسألة تحديد ما هو الارهاب أو شكلوا فرقاً ووضعوا لذلك سياسات وأجندة، إذاً بالنسبة لنا ما زلنا لحد الآن في لحظة الصدمه، هي حرب حضارية لها أبعادها ومستوياتها. من متابعتي للمشهد الإعلامي الثقافي أجد انه حتى الآن لم نستوعب أن ما يقع في أفغانستان ليس إلا مؤشرا أنا أعطي مثالاً هنا حول إحصاء المدارس القرآنية، عدد الناشطين، مختلف أشكالهم، ليس فقط الناشطين المرتبطين بالحركات الإسلامية بل الحركات الصوفيه، كل ما يمكن أن يشكل تربة خصبة لما تعتبره امريكا مشروعا إرهابيا في المستقبل يجب أن يدرس ويحدد. وتحدد التربة والبنية الاجتماعية وتستهدف تلك البنية مثال مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي والذي يرعى المجلة الشهيرة التي سبق وان أصدر فيها الكاتب الأمريكي المقالة عن صدام الحضارات وفي سنة 1994م و 1995م رعى بحث مولته مؤسسة فورد حول الشركات الإسلامية التي مجال نشاطها تجاوز المجال القطري المحلي إلى مجال دولي إقليمي وأصبح له تأثير على السياسة الإقليمية، فلا بد من تحديد هذه الحركات وطبيعة تحديد الخطر على المجال الإقليمي وسبل التعامل معه على مستوى السياسة الأمريكية. في سنة 94م تم تقرير مشروع البحث ومولت الدراسات وفي سنة 2000م أصدرت الدراسات وحددت خمس حركات ، حركة طالبان، الجماعة الإسلامية في باكستان، حماس في فلسطين، حزب الله في لبنان، والحركة الإسلامية في وسط آسيا. خمس دراسات كل دراسة موثقه بقدر تمويلي هائل والدراسات موجودة على الإنترنت ثم اتوا بخبير من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سبق وان عمل في تلك المجلة. ما هي خلاصات وانعكاسات تلك الدراسات الخمس على السياسة الأمريكية. لقد كانت كما يلي:
السياسة الخارجية الأمريكية في مرحلة التسعينات كانت خاطئة تجاه هذه الحركات ولا بد أن تعيد تقييم سياستها تجاه المجال الاستئصالي، أن تبقى هذه الحركات الخمس تحت دائرة الاستئصال. الأنظمة التي تشكل قاعدة تحويليه أو قاعدة تأطيرية أو قاعدة إشعاعية يجب أن تبقى تحت دائرة الأضواء والضغط من اجل إفراغها. الحركات الأخرى ذات المجال القطري لا بد من احتوائها وضبطها وعزلها، مثل المغرب أو تونس. والأنظمة العربية التي سبق لها الانخراط لا بد من تقوية هذا الانخراط وتمتينه. ثم البقاء الإسلامي في الغرب لابد من احتوائه ودمجه وفصل جذوره.
هذا التقسيم الخماسي هو حصيلة بحث، الآن قولوا لي عن مركز واحد أو محاولة بسيطة في العالم العربي عكفت على الموضوع وبلورت سياسات معينة.
د. بنداود:
يبدو لي أن الصراع هو صراع حضاري بالأساس وجذوره عميقة وواضح في التاريخ. نحن كأمة عرب ومسلمين نبدو وكأننا نسير عكس التاريخ، أي إنا نعطي ظهرنا للتاريخ، في اللحظة التي تجد الغرب فيها يتجه إلى الأمام ولا يلتفت إلى الخلف. هذه النظرة الأولى، النظرة الثانية وهي أن هذه السيرورة التاريخيه تبدو انطلاقاً من مثال بسيط هو عملية الجهاز للعريس والعروسة يقول صاحب هذه النظرة أو المثال إن العريس والعروسة في الغرب يدخلان إلى البيت وهو عار تماماً وكل يوم يؤثثان شيئاً فشيئاً فيزداد البيت امتلاءً يوماً بعد يوم أما نحن في الشرق فندخل من كل شيء اثنين ويوماً بعد يوم يصغر شيئاً فشيئاً ثم يضيع كل شيء، نعم لقد تحقق الكمال أو ما يمكن أن نسميه الكمال، هذه النظرة نحن محكومون بها، سواء رضينا أو كرهنا كسيروره تاريخية ولكن ماذا عندنا نحن كعرب ومسلمين أرغبة حقيقية في القيم والحداثة الكونية هي الشفافية والديمقراطية وحقوق الإنسان؟ دعنا نقول إننا لا نملك رغبة بسبب هذه البنية التحتية الحقيقية، وأيضاً الجذور الأخرى. وهناك فكرة لا أريد أن تفوتني وهي مسألة عقدة أو دين مع القدوة الإبراهيمية، إبراهيم عليه الصلاة والسلام حلم انه يقتل ابنه وأوديب حلم العكس أنه يقتل أباه، هؤلاء أناس يصنعون المستقبل لأن الابن هو رمز للمستقبل، ونحن نقتل ابناءنا ونأكل ابناءنا وكل واحد منا يريد أن يلد جده لا نلد ابناءنا ولكن نلد جدودنا. فنحن دائماً نقوي الأخلاق القديمة نؤصل التراث ونتشبث به اما مسألة صراع الحضارات فأعتقد أن الغرب وحده لديه الحق أن يقول صراع الحضارات لأنه هو الفاعل.
د. بنعلي:
أريد أن اتكلم العربية بشيء من المغربية أظن أن صراع الحضارات فخ الغرب، فما الفائدة من الحديث عن صراع الحضارات؟ هنتنغتن الذي كان يعمل مع برجنسكي في الإدارة ، كارتر حين كان الغرب يعمل على تكوين استراتيجية يتوجه بها نحو الشرق والاتحاد السوفيتي إذن هنتنغتن منذ القديم يعمل على صراع الحضارات وقال عن الحضارة العربية إن الخطر فيها يكمن في الديمقراطية.
لكن عند الحديث عن الصراع فكيف نتكلم عنه في اطار التكنولوجيا، الاتحاد السوفيتي كان يتحكم في الانتومبويك ولم يصرع أمريكا لماذا نكذب على أنفسنا؟ الصراع على مستوى الأقزام لا يعد صراعاً نهائياً، فالصراع هنا فخ ونحن وقعنا في هذا الفخ.
ثانياً: الأحداث التي وقعت كان فيها جانب ايجابي كما قال البعض لأنها كانت من طرف بعض الناس المعروفين وبالأكستريمست أي لم تكن تحكمهم أي قيود ، ثانياً التحكم بالأخبار لأن الحرب الآن تعتمد على الإعلام مثلما تعتمد على السلاح، لكن لكيلا نغالط أنفسنا النخبة العربية مازالت نائمة وعائشة في وحل مجتمع متغير وجاهل. وأقول إننا لو كنا في العصور الوسطى كان ذلك خيراً لنا وهو يعتبر عصر اشعاع.
يقول الشاعر:
وشر العالمين ذوو خمولٍ
إذا فاخرتهم ذكروا الجدودا
فأقول إن ذلك انتهى أكان البيزنطيون وكانوا وكانوا وكانوا وفي النهاية نجد أن كل ما كان زال وانتهى.
أقول إن من لا يملك التكنولوجيا ليس لديه الحق أن يتكلم عن صراع الحضارات فليس من مصلحتنا أن نتكلم عن صراع الحضارات ولكن نتحدث عن حوار الحضارات لأن الحوار نوع من الاستراتيجية التي تسمح لنا أن نزدهر في المستقبل. اليابان حاربت أمريكا مدة من الزمن وفي الأخير بنت قوة صناعية كبرى في الوقت الذي قبلت فيه أن تتحاور مع أمريكا وربما أن تقليد أمريكا جعل منها قوة اقتصادية كبرى، وفي كتاب هنتنغتن نجده يقول إن العدو الحقيقي هو آسيا في المستقبل لأن آسيا تتحكم في التكنولوجيا ونحن لا.
د. أمزيان:
ابدأ من حيث انتهى الأستاذ حول صراع الحضارات وانه لا مجال للحديث فيه لأنه ليس هناك تكافؤ. هذا صحيح لكن من جانب آخر أيضا ينبغي ألاّ نغفل أن هذا الأمر يفرض علينا وليس اختياراً منا. نتحدث عن صراع الحضارات أليس اختياراً في العالم الإسلامي أو القوى الإسلامية في آسيا أو العالم العربي، الغرب لا يميز فهناك القوى الثقافية تتصارع، هناك ما يسمى الثقافة اليهودية المسيحية وهذا تصنيف غربي للثقافة وجدت هذه الثقافة في العالم العربي أو الآسيوي سيان بالنسبة لهم، في الوقت الذي ندفع فيه نحن لحوار الثقافات يدفع الغرب الى صراع الثقافات وليس إلى حوار الثقافات. ومن المهم جداً أن نعود بالذاكرة إلى التاريخ وهو ذاكرة الشعوب ومخبر يوازي تماماً المخبر البيولوجي الكيميائي الذي يشتغل فيه رجل البيولوجيا والكيمياء ان نعود إلى التاريخ فنجد ما يلي:
أول مرحلة من الفكر المكتوب على المستوى الحضاري وهو الفكر اليوناني وتعرفون أن الفكر اليوناني هو الجذر والأصل للفكر الغربي ويشكل ثوابت للفكر الغربي المعاصر كيف كانوا ينظرون إلى الشعوب الأخرى ينظرون إليها نظرة احتقارية قالوا إنها (البربر) اعتقادا منهم أن كل إنسان غير يوناني لا يستحق الإنسانية فهو أبكم أو أعجمي لا يحسن أن يعرب عن نفسه وعن مكنوناته أما الإنسان الذي يستحق صفة الإنسانية هو الإنسان اليوناني.
وعلى هذا الأساس تحددت العلاقة بين اليونان وبقية الشعوب الأخرى وهي علاقة التدمير وعلاقة الصراع. جاءت الحضارة الرومانية وتعرفون أن الحضارة الرومانية هي الوريث الشرعي لليونان لكن ليس على المستوى الفكري والفلسفي من ورث اليونان فكراً وفلسفة هم المسلمون لكن الرومان ورثوا شيئا آخر أو أسسوا لثابت آخر صراعي دائما وهذا على المستوى العسكري يوازي المستوى الصراعي الثقافي الذي أسسه اليونان. حضارة الرومان هي حضارة قوة وعنف بامتياز لذلك حينما يبحث الغرب المعاصر عن جذوره المؤسسة يقول أسس اليونان للفكر وأسس الرومان لمنطق القوة وكلاهما يطبقان علينا نحن العرب والمسلمين. صراع ثقافي يوازيه صراع سياسي على مستوى الآلية العسكرية. وهذا لا ينبغي فعله ثم جاءت الحروب الصليبية ولا أريد الدخول فيها ولا الحديث المطول كلكم تعرفون ما هو البعد الذي كان يؤطر هذه الحروب بغض النظر عن تفاصيل كثيرة يمكن أن نتناقش فيها. جاءت مرحلة الاستعمار من كان يستعمر من وتحت أي غطاء وتحت أي ستار؟ هناك إجماع على مستوى الدول التي كانت تستعمر المنطقة العربية الإسلامية بأن الرسالة التمدينية للإنسان الأبيض ولإنسان أوروبا هي تمدين الشعوب المتأخرة أو الشعوب المتوحشة لكن كيف تم تحديثها؟ لا أريد أن أقدم جوابا من عندي أنا بوصفي ابنا للثقافة العربية الإسلامية فقد أصنف ضمن هذا الاتجاه أو ذاك لكن دعونا نستمع إلى عباقرة وكتّاب الغرب أنفسهم يتحدثون عن طبيعة الرسالة التمدينية للاستعمار الثقافي ومن أولئك على سبيل المثال رجل قضى حياته كمثقف استعماري في أفريقيا وهو رجل مسن الآن ومختص وخبير في الشؤون الثقافية والصراع الثقافي ويقدم حلولا ناجحة لأبناء الإسلام إن أرادوا التحرر من الاستعمار ومع انه ابن بار للاستعمار وللثقافة الاستعمارية فانه كان موضوعيا في وصف الظاهرة الثقافية الاستعمارية بأنها تدمير ثقافي حيث يشبه عملية التدمير الثقافي في اطار ما يسمى بالنمذجة. يقول إن الغرب لا يحسن سوى أن يفرض نفسه نموذجاً وأنه ينبغي توجيه النموذج على مستوى العالم كله. هذا النموذج يمثل تمثيلاً كاريكاتوريا يسميه هو بالمسخ الحضاري. ما هو هذا المسخ الحضاري يشبهه بالمرداس وتعرفون المرداس أي الذي يقوم بعملية تسوية الطريق، المرداس يواجه بيئة مختلفة
ولكن حين يمر المرداس فإنه يصف كل ما يقابله ويضع المخلفات كلها على قدم وساق لتتساوى فليس هناك اختلافات. الغرب لا يريد التنوع الثقافي ومع ذلك أقول من هو هذا الغرب الذي نتحدث عنه. نتحدث عن اتجاهات في الغرب. لكن لنعلم أن الغرب له بعد مركزي أو هناك لوبيات اقتصادية ثقافية سياسية هي المسؤولة عن تحديد الخريطة الثقافية والاقتصادية والسياسية موقفه تجاه الشعوب موقف عدائي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.