يمكنك أن تعتبرني طرازا قديما، ولكن ألم يكن الاستخدام المتعمد للقوة من قبل دولة ضد دولة أخرى يسمى عدوانا؟، ألم يكن العدوان يعامل من قبل على انه جريمة حرب؟. لا شك في أن عدداً كبيراً من القادة اليابانيين والألمان اعدموا بسبب هذا التصرف، ومع هذا يبدو أن القادة الأمريكيين والبريطانيين لا يجدون حرجا في الحديث بحرية عن الهجوم على العراق. في الماضي، كان التخطيط ببساطة للعدوان يعد من جرائم الحرب التي تستوجب حكم الموت، وخذ مثالا خطة اليابان عام 1930 للهجوم على الاتحاد السوفييتي التي لم تنفذ، لاشك أن أبناء واشنطن سيقولون أن خططهم للهجوم تختلف، وانهم يسعون لسحق الشر، لكن هذا ما يقوله الجميع بمن فيهم قادة اليابان وألمانيا. في تلك الأيام كان الشر ينسب إلى الشيوعية مثلما ينسب إلى الإرهاب الآن، وعلى خلاف الجهود التي تبذل الآن لإثبات أن العراق دولة ترعى الإرهاب، لم يكن أحد وقتها يستطيع أن ينفي أن الاتحاد السوفيتي دولة شيوعية، واعتبرت حكومة الصين الوطنية وقتها أيضا مذنبة بسبب اتفاقها مع الجيش الأحمر عام 1936 لقتال اليابان، لكن هذا لم ينقذ هؤلاء القادة اليابانيين والألمان من مصير رهيب في محاكم طوكيو ونورنبرج (ولم يمنع تبعا لذلك قادة الغرب من تأصيل مشاعر مناهضة للشيوعية، وهي نقطة مؤلمة جدا لأنصار الجناح اليميني اليابانيين الغاضبين من هذه المحاكمات). ويبدو أن عدوى التحدي أصابت المجتمع الغربي إذ يحاولون إرضاء اللا شعور، وإشباع احتياجات فترة ما بعد الحرب الباردة بالبحث عن أعداء جدد. ومن المتوقع أن تكون آسيا الهدف القادم لللامنطقية السياسة الغربية، وقدانضمت كوريا الشمالية للعراق كعضو في محور الشر، وجريمتها أيضا هي محاولات هزيلة جدا لتطوير أسلحة تحتاجها للدفاع أمام أسلحة الولاياتالمتحدة المتفوقة بما لا يقاس ، وقد هددت باستخدامها ضدها في الماضي كما في المستقبل. وستكون الصين الضحية القادمة، وقد كانت كذلك ثلاث مرات في الماضي، عام 1953ضد كوريا، وعام 58 في مضيق جزيرة تايوان عندما كانت الصين هدفا لتهديدات الولاياتالمتحدة النووية، وهاهي تبرز مرة أخرى كهدف نظري مستقبلي لهجوم نووي لما يسمى الدفاع الصاروخي الأمريكي الذي يهدف بوضوح إلى تحييد أي رد محتمل من ترسانة السلاح الصيني المحدودة، إلا أن جهود بكين للدفاع عن نفسها أمام كل هذه العسكرة مازالت ضعيفة، ولم يظهر بعد أي تهديد آخر يستلزم أن ترد عليه الولاياتالمتحدة ولا اليابان. استفزازات أخرى تمثلت في قصف سفارة الصين في بلجراد، وحرب جواسيس عنيفة على حدودها (ولك ان تتخيل الاضطراب الذي كان سيحدث لو أن الصين فعلت الشيء ذاته مع الولاياتالمتحدة)، ومحاولة زرع أجهزة تجسس في طائرة الرئيس الصيني، ومحاولات تشويش عديدة منذ أحداث تيانمين عام 1989، وتأييد الانفصاليين في اقليمي التبت و سين جيانج، ودعم تايون عسكريا والتحضير لانفصالها عن الصين والإغلاق على اليابان بالتزام قوى بتأييد أي هجوم مستقبلي على الصين. لكن لحسن الحظ قررت بكين تجاهل هذه الجهود الفجة لخلق اجواء حرب باردة أخرى وصورة تقليدية لصقر يواجه صقراً ورأسا برأس، كل هذا هراء ومضيعة للجهود واسلوب تصعيد لإشعال حرب باردة وحشية، وتعتقد الصين أن تحسين اقتصادها والاهتمام بالشؤون الداخلية أهم، ولحسن الحظ ونتيجة لسلوك الصين لم يفسد الصقور الغربيون واليابانيون الأمر. ثمة نتيجة أخرى محتملة لسلوك الصين وهي احتمال بروز الصين في الأممالمتحدةأو أي مكان آخر كقوة واحدة قادرة على أن تتصرف بصورة رشيدة في الشؤون الدولية وتضخ في المجتمع الدولي شعورا بالعدل نحن في اشد الحاجة إليه. * ديبلوماسي أسترالي سابق