تقوم السياسة الإسرائيلية الحالية على وهم تمت صياغته من خلال خلط الحقائق بالأوهام وربطها مع الحرب الأمريكية المزعومة ضد الإرهاب، الوهم الإسرائيلي الأول هو أن ياسر عرفات هو الوحيد المسؤول عن العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وأنه الوحيد القادر على وقفها. يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون ان «الإرهاب» الفلسطيني يتم توجيهه وتشجيعه من جانب شخص واحد، قد يكون شارون يعتقد هذا فعلا ولكن الكثيرون لا يعتقدون مثله، فتاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على مدى 54 عاما يقدم تفسيرات أفضل، يزعم الإسرائيليون أن حربهم هي ضد الإرهاب ولكن الحقيقة أن حرب شارون هي حرب لتدمير المقاومة الفلسطينية للسياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ولكي يحرم الفلسطينيين من حق عودة اللاجئين إلى منازلهم التي غادروها أو تم نفيهم منها. وهنا يظهر الوهم المتبادل، فالفلسطينيون يعتقدون أنه يمكنهم العودة لذلك رفض عرفات شروط التسوية التي قدمها له رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، في حين يعتقد الإسرائيليون أن عودة اللاجئين الفلسطينيين تهديد للوجود القومي لإسرائيل أو هويتها لذلك فشعار «الحرب ضد الإرهاب» يصبح مجرد دعاية سياسية. والمخرج الوحيد الآن هو فرض حل وسط بالقوة، وإدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش هي الطرف الدولي الوحيد الذي يمكنه القيام بمثل هذه الخطوة، أما الوهم الثالث فهو الذي تروج له إدارة بوش أن الإرهاب موجود بعيدا عن القضايا السياسية التي تغذيه ويمكن إزالته بدون معالجة هذه القضايا، وهذاالوهم استثمره شارون بطريقة انتهازية، فالحرب الأمريكية هي بالفعل ضد حركات إسلامية منظمة لها مؤيدوها في الدول التي تعاني اضطرابات في العالم الثالث وضد نظام صدام حسين الحاكم في العراق. ويعتبر قيام الولاياتالمتحدة بالربط بين صدام حسين كتهديد محتمل للولايات المتحدة مع التهديد الذي يمثله أسامة بن لادن والقاعدة ربطا لأهداف دعائية فقط، مهما يكن الأمر فقد كان الربط مفيداً بالنسبة لإسرائيل لأنه قدم إسرائيل مطية تركب بها على الحكومة الأمريكية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. أكد الجيش الإسرائيلي أنه يحتاج كما قال أرييل شارون ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع فقط لكي يستكمل المهمة التي كلفهم بها والتي تتلخص في « إزالة الإرهاب وبنيته التحتية» بمعنى القضاء على المقاومة الفلسطينية. يقول القادة العسكريون إن عملياتهم نجحت بمعاييرهم حيث لم يلحق بالإسرائيليين سوى خسائر بسيطة ووقعت بعض الحوادث القليلة التي أثارت غضبا دوليا. من ناحية أخرى فإن الصحافة الإسرائيلية تقول إن النتائج الإيجابية للعمليات العسكرية محدودة جدا حتى الآن حيث تم اعتقال الشباب الفلسطيني وتمت كتابة علامات مميزة على أذرعهم «كوسيلة تسهل تتبعهم وهي نفس الوسيلة التي كان يستخدمها النازيون ضد اليهود» ولكن عدد قليل منهم هم المطلوبون من جانب السلطات الاسرائيلية، كما الأسلحة التي صادرتها القوات الإسرائيلية كانت أسلحة خفيفة وصواريخ صناعة منزلية. وتخشى وزارة الخارجية الإسرائيلية من أن تؤدي الضغوط الدولية إلى إيقاف العملية العسكرية قبل موعدها المحدد، في حين يخشى البعض الآخر في إسرائيل مما ستؤدي إليه هذه العمليات بالنسبة لمستقبل إسرائيل. يتساءل ياؤول ماركيوس الكاتب في جريدة هاآرتس الإسرائيلية «ما هو الانتصارالدائم؟ يعتقد الوزراء أن الجانب الأكبر من نتائج هذا الهجوم مازال غير معلوم ولا يمكن التنبؤ به»، ولكن الأمر المؤكد أن الجانب الأكبر واضحا وليس غامضا وهو أن إسرائيل تتجه نحو مزيد من القمع وبعيد عن ديموقراطيتها. * صحيفة انترناشيونال هيرالد تربيون خدمة الجزيرة الصحفية