عرفت الدكتور بكر الشدي منذ اكثر من ربع قرن عندما غادر المنطقة الشرقية مرابع طفولته وصباه، لينضم الى جامعة الملك سعود طالبا قضى المرحلة الجامعية بكلية الآداب مهتماً بإيجاد جيل مسرحي سعودي مثقف يُتقن اللغة العربية والانجليزية ومطِّلع على الآداب الاجنبية وفنونها وخصوصاً مايتعلق بالمسرح الإفريقي والأوروبي في العصور الوسطى والنهضة، ومشتمل على ثقافة اسلامية وعربية، ولغة قوامها الشعر العربي وفنونه المرسلة.. انضم الى جمعية الثقافة والفنون في اعمالها المسرحية الجادة منها واصبح في سنين قليلة نجماً مسرحياً سعوديّاً مميزاً، وساهم في بناء كوادر مسرحيّة وتلفزيونية نراها اليوم في الفضائيات العربية المختلفة واتصل بالعمل الفني العربي في عواصمه المعروفة في القاهرة ودمشق وبغداد والكويت والإمارات، وطاف بأعماله المسرحية مدناً كثيرةً في المملكة وساهم كما يعلم الجميع في اضفاء روح الدعابة والأنس والكوميديا في احتفالاتنا السنوية وللأطفال وللبرامج الثقافية والمسابقات العلميّة. استطيع القول بكل ثقة انه خير من يمثّل باللغة العربية الفصحى في المملكة والدكتور الممثل في وسطنا الفني، كما استطيع القول بانه عانى الكثير ليوصل صوت الفنان السعودي المتعلم والمثقف الى دهاليز الاوساط الفنية في العالم العربي منطلقاً من ثقافته الاسلامية، وسلوكه الملتزم «المتعقّل» الناضج وبأريحيته الفنية. ونظراً لطموحه الكبير ونظرته البعيدة في تكوين نواة فنية متسلّحة بالاكاديمية والثقافة العامة والإحاطة بتجارب الآخرين شدّ رحاله الى «أوهايو» في الولاياتالمتحدةالامريكية لينال الماجستير، في الفنون منها ومن ثم يستقر به المقام في جامعة درم ببريطانيا ليحصل على شهادة الدكتوراه في المسرح العربي وتراثه منها.. وقدّم خلال العشرين عاما الماضية ما لا يقل عن تسعين عملاً مختلفاً. ما يميز بكر الشدي انه مثقف واكاديمي قبل ان يكون فناناً ممثلاً ومتحدثاً ذكياً لبقاً منظماً يحمل هماً واحداً هو ايجاد أرضية مسرحية في المملكة العربية السعودية ولطالما قضيت معه ساعاتٍ طوال امام اعماله المقدمة باللغة العربية الفصحى نتبادل الآراء في صياغة النص والاخراج والديكور والأداء ومستوى اللغة والرسالة الفنية الاجتماعية او الثقافية او السياسية خلف هذا العمل الفني او ذاك، وعلمت ان هذا الرجل يملك من البعد الفني والادراك الثقافي الشيء الكثير مضافاً الى ذلك محبته الخالصة لفنِّه وتعلقه بهم ايجاد مسرح سعودي. كلنا نعرف بكر الشدي.. لكننا لانعلم مايعانيه على جميع المستويات من عدم التقدير، والتشجيع، والتأييد والظروف المختلفة التي هي كفيلة بايقافه عن اداء مهمته التي يسره الله لها وهي العطاء الفني.. على الرغم من تغربه عن مدينته وبلاده وأهله وأخوته سنين طويلة اكثر من نصف عمره يقوده حب وطنه وفنه الراقي الذي يقدم السعودي بصورة جميلة.. والذي لانعلمه ايضاً الظروف الصحيّة القاهرة التي يمرّ بها الآن وهو على سريره تحت رعاية الله ثم زوجته ونفر قليل جداً من القريبين اليه يحتاج فيها الى دعائنا له بالشفاء العاجل يحتاج فيها الينا جميعا من محبين ومريدين ومتابعين لعطائه الممتد خلال خمسة وعشرين عاما ان نسأل الله له العافية وان يثبت اقدام اسرته كما اسائل المسؤولين في هذا المجال محاولة انقاذ مايمكن انقاذه لعل الله ان يبقيه لأم فيصل وفيصل ومعتز وأهله وعشاق إبداعه العربي الاصيل، اللهم اشف بكراً وعافه مما هو فيه انك على كل شيء قدير..{وّإذّا مّرٌضًتٍ فّهٍوّ يّشًفٌينٌ}. [email protected]